الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف ووعلاظ السلاطين

صاحب الربيعي

2006 / 5 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن أكثر الناس إساءة للفكر والدين هم من نصبوا من أنفسهم وكلاء لهما واتخذوا منهما وسيلة لتحقيق رغباتهم الذاتية، فخطورة هؤلاء لاتكمن بما يحققه من مصالح خاصة وأنما من الأضرار الكبيرة التي يسببوها للمجتمع لأنهم بحكم سلطتهم قادرين على استغفال العامة من الناس أو الترويج لآراء مخالفة للفكر والدين ذاتهما لزرع بذور الفتنة وإثارة النعرات المذهبية بين فئات المجتمع لتحقيق مأربهم الخاصة أو المدفوعة بتوجهات معادية للوطن.
ويلاحظ أن معظم وكلاء الفكر والدين عاطلين عن العمل على مدى حياتهم لكنهم بذات الوقت يعيشون حياة مترفة، أنهم تنابل يعتاشون على أتعاب الآخرين. وهذا ما يتنافى ومبادئ الفكر والدين ذاتهما اللذان يقدسان العمل، ويدعوان للمحبة والسلام بين الناس.
يقول (( النبي الكريم محمد-ص))"ملعون من ألقى كله على الناس".
ويجد المثقف من مهامه فضح هؤلاء الساعين لإضفاء هالة من القدسية على أفعالهم وسلوكهم وهي منهم براء، إنهم يصدرون الفتاوى بالقتل والتكفير ضد المثقفين الذي يفضحون سترهم وجهلهم بشؤون الفكر والدين في المجتمع.
إن من ينصب من نفسه إماماً على الناس، عليه أن يكون أهلاً لذلك في علومه وثقافته وسلوكه وعمله وتكون دعواه، دعوى خير وصلاح ومحبة بين الناس لا دعوة للكراهية والحقد وبث الفرقة وتجهيل الناس بغرض السيطرة عليهم. إنهم يؤدون واجباتهم كوعاظ للسلاطين لقاء حصولهم على المال، والفوز بمركز اجتماعي زائف.
يطالبهم ((الأمام علي-ع)) قائلاً:"من نصب للناس نفسه إماماً، فليبدأ بتعليم نفسه قبل غيره. وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، فمعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم".
إن من مهام المثقف التصدي لكل من نصب نفسه وكيلاً للفكر أو الدين دون أن يعي ماهيتهما، ساعياً لاستغفال العامة من الناس وزجهم في صراعات دموية تجلب الكوارث على المجتمع. وحين يصبح رجل الفكر والدين وعاظاً للسلاطين وداعياً لتوجهاتهم ومثبطاً للعزائم ومروجاً لآرائهم، ولا يُجوز الخروج على الحاكم المستبد يصبح جندياً في جيش السلطان ضد المجتمع. لذلك يتوجب التصدي له وفضح توجهاته وعطالته عن العمل وعمالته للسلطان باعتباره خارجاً عن مبادئ الفكر والدين، ولايجوز الاستماع لآرائه فكل ما يصرح به هو في خدمة السلطان ومعادياً لتوجهات المجتمع.
من هنا جاء التعارض بين المثقف ووعلاظ السلاطين، ممن نصبوا من أنفسهم وكلاء للفكر والدين. تقر جميع المبادئ والشعائر الفكرية والدينية الخروج على السلطان الجائر، لأنه يرتكب أثماً بحق المبادئ الإنسانية والشعائر السماوية.
وقد أقر بذلك جميع الأسوياء من الحكام الذين أفنوا حياتهم في سبيل نشر مبادئ العدل والمساواة بين الناس، وجسدوا مبادئهم وديانتهم بسلوكهم وممارستهم في إدارة دفة الحكم باعتبارها مسؤولية أكبر تقع على عاتقهم في حماية حقوق المجتمع.
يقول ((عمر عبد العزيز-رض))"ألا أنه ليس لأحد أن يطاع في معصية الله، ألا وأني لست بخيركم، ولكني رجل منكم غير أن الله جعلني أثقلكم حملاً. ألا أن الرجل الهارب من الإمام الظالم ليس بعاصي، ولكن الإمام الظالم هو العاصي".
المثقف الحقيقي هو من يحترم معتقدات وطقوس وديانات الآخرين ويؤمن بتعزيز النظام الروحي للإنسان ليكون رادعاً ذاتياً لأفعال الشر، ويسهم في خدمة الآخرين ولا يضر بمصالحهم.
ومسعى المثقف الحقيقي يكمن في إزالة الغشاوة عن عيون الناس ليروا المبادئ والديانات على حقيقتها دون الحاجة لوكلاء ومفسرين يصرحون بما لايفقهون، ويمارسون دور الدجالين ووعاظ السلاطين لاستغفال العامة من الناس للحفاظ على مصالحهم الخاصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 158-An-Nisa


.. 160-An-Nisa




.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا