الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عولمه الجسد وعرى الثقافه

عبد العزيز الخاطر

2006 / 5 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أرتبط الجسد عبر الثقافات بالمعتقد أياً كان هذا المعتقد ونوعه فثقافة تُمجده وثقافة تعبده وأخرى تحتقره وترى فيه ملاذاً للخطايا والآثام فهو بحاجة الى عملية تطهير دائمة الى أن يفنى ويزول ، وهناك ثقافة تجعل منه خط دفاعها الأخير الذى تنتحر ذوداً عنه إذا ما رأت أن هناك من يدنس قدسيته ويهين كرامته . فالجسد كان في السابق أجساد مختلفه باختلاف المعتقدات والثقافات ، أما عرّى الثقافة فتاريخه تاريخ البشر والناس عبر العصور ، فهو لا يبدو هاماً أو خطيراً إلا حين يصطدم بالجسد فيصبح عرّى الجسد فاصلاً هاماً عدا غيره من أنواع العرّي المعنوي على الرغم من أن هذا الأخير أكثر خطورة أحياناً إلا أنه لا يحقق ما يحققه عرّ ى الجسد من منافع تسويقية مادية . وعبر التاريخ كان التقاء الجسد بثقافة العرّى يواجه صعوبات في التحقق والانتشار فكان بطيئاً في انتشاره مُتثقالاً في انتقاله ولا يشهده إلا من يقع ضمن أحزمه جغرافيه معينه في هذا العالم أما اليوم فإن العولمة جعلت من هذا الالتقاء حتمياً وأنياً وضرورياً ، لقد ضمت العولمة الجسد الإنساني وبخاصة جسد المرأة ضمن محتوياتها الأخرى من الماديات ونجحت في تسليع الإنسان وتنميطه ، فأصبح العرّى ارتقاء كما كانت تحكي بعض الفلسفات القديمة من أن التخلص من مما يستر الجسد هو نفسه التخلص من الدنيا وبراثينها وزينتها الممقوته فالعرّى كان أولاً وهو طريق الخلاص . فبلاغة الصورة في عصر العولمة تحكي قصتين قصه عرّى الجسد وعرّى الثقافة .
أن أبلغ فا يمكن أن تشاهده على قناة أي فضائية تلفزيونية عربية بالذات هو الأجساد العارية أو مستورة بما يعريها أمام المشاهد ويجعلها أكثر عرياً مما لو كانت عارية تماماً . نجحت العولمة في جعل العرّي نسبياً ولم يعد مطلقاً يتفق الجميع حوله وربطته بالهدف فمن أجل الهدف قد لا يبدو العرّي عرياً كما تتشدق بعض الفنانات من أن المشاهد الساخنة العارية لا تبدو كذلك عندما تكون في سياق السيناريو . وكذلك فعلوا مع عرّى الثقافة الذى لم يعد يخدش الحياء أو يثير الغرائز وكل يوم نحن على موعد مع جانب من جوانب هذا العرّي النسبي الذى يُربط دائماً بهدف أسمى أو ضمن سيناريو أو سياق عام هدفه فيما يبدو جميلاً ونافعاً ، فالدعايات عن المنشطات الجنسية للزوجين على مدار الساعة في وسائل الإعلام والوصفات الطبية والنفسية لها برامجها ومحاضراتها حتى شيوخ الدين أدلوا بدلوهم في هذا المجال محاولة منهم لتحقيق السعادة الزوجية ولكن عن طريق ثقافة أخرى أكثر مقدرة على التفاصيل مما عهدنامنهم سابقاً وكأن التقاء الرجل بالمرأة اكتشافاً جديداً أتي فقط مع العولمة وعصرها المجيد . فالفيديو كليبات المزدحمة في قنواتنا الفضائية تمثل ثقافة عارية من كل شئ سوى جسد جميل يتمايل يمنه ويسره وطولاً وعرضاً فبالتالي يجري تسويق العرّى بشكل غير مسبوق حتى الرياضة تم ربطها بعرّي الجسد وتحركاته وتمايلاته فأصبحت أحدى مغريات المشاهدة التلفزيونية بعد أن كانت عناءً وتحتاج الى صبر وتحمل .
ولأن العرّي مُستهلك قصير الأمد والمدة فيكفي المرء منه نظره واحدة قد لا يكررها ولأن الكثير منه لا يتفق وآدمية الإنسان ، فلا نعجب من ارتداد الكثير من أصحاب العرّى وثقافته الى التحجب والاستتار مرة أخرى ، فالعوره سوءه وخطيئة كما ذكرها القران الكريم في قصة أدم وحواء وخروجهما من الجنة ( فبدت لهما سوآتهما ) .
لكن الطريف أن الجسد المعولم مصحوباً بعرّى الثقافة في برامجنا التلفزيونية على أنواعها غير مدرك ولا يجعلنا ندرك كذلك حين نشاهده أننا نعيش في تناقض كبير يتمثل في قشور العولمة التي في مقدمتها الجسد المعولم العاري وبين واقع نعايشه هو اقرب الى القرون الوسطى في مناطقنا العربية حيث يفتك الجسد بنفسه منتحراً قاتلاً كان أم مقتولاً .
على كل حال فأن مصادرة الخصوصيات بجميع أنواعها الثقافية أو الاجتماعية من سمات العولمة ولكن الثقافة العربية والإسلامية لا تزال تملك الكثير من أساليب المقاومة الايجابية لحيوتها إذا ما استثمر هذا الجانب استثمارا ًحسناً .
وعلى مر التاريخ كان الجسد والجنس سلاحا هدم وخلخلة للثقافات وقد أصبحا ثقافة لا تنتمي الى شعب معين أو وطن معين وكل همها البحث عن الفائدة والربح السريع ويستخدمها من يعجز عن آتيان البيوت من أبوابها سواء كان نظاماً معتدياً أو فرداً تسوقه ماديته وأغراضه الدنيئة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با