الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيهما افضل الفاشية ام جماعة الإخوان؟

احمد البهائي

2019 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك سؤال يطرح نفسه الان ، ياترُى ما النتيجة ، لو كانت مصر استعانت بالفكر الفاشي بدلا من فكر جماعة الاخوان المسلمين الذي لم يعرف شئ عنه حينها سوى أنه فكر عقائدي بحت لضرب المد الشيوعي ،وتمثلت وقتها (اواخر العشرينات وطوال الثلاثينات من القرن الماضي) ، بما فعلته اوروبا حينما قامت فيها حكومات فاشية لنفس الغرض ؟ .

فنفس الظروف الاقصادية والإجتماعية التي كانت تمر بها مصر وقتها كانت شبيهة تماما بنفس الظروف في اوروبا ، والتي أولدت إرتفاع المد الشيوعي حتى كاد ان يكتسح أعمدة النظام الرأسمالى في الدول التي قامت فيها ، فكانت الفاشية هي نقيض الشيوعية ، واداة الراسمالية الكبيرة لضرب الخطر الشيوعي في اوروبا ، بينما في مصر إستعان بجماعة الاخوان المسلمين ، وجماعة مصر الفتاة التي كانت وقتها تحت اسم جماعة الشباب الحر أنصار المعاهدة ، نقيضا للشيوعية ، واداة البورجوازية الراسمالية الكبيرة المتحالفة مع المستعمرين والتي تريد أن تحتفظ بمصالحها كاملة لضرب الخطر الشيوعي الذي يهدد مصالحها ونفوذها ، فكان هذا هو الاخطر والفشل والخطأ الكبير الذي وقعت فيه مصر ، ظهور هذه الجماعة من جانب اليسار المصري والمستعمر وقتها ، والإستعانة بفكر عقائدي مطلق يتشح بالرداء ديني ، بدلا من فكر ايديولوجي نسبي قد يحدث تغيير فيه مع تغير الوقت والظروف والمتطلبات الإقتصادية والإجتماعية ، والدليل على ذلك فمع إنحسار المد الشيوعي ذهبت الفاشية وجماعة مصر الفتاة ، وبقيت جماعة الاخوان العقائدية المطلقة ، وبالفعل هذا ماحدث انتصرت اوروبا وتقدمت واصبحت فيما هي عليه الان ، وهزمت مصر وتأخرت فأصبحت ما عليه الان.
الفكر العقائدي لدى الجماعة ليس المقصود به التفكير بالمفهوم الديني فحسب ، بل كذلك التفكير بفهمه المطلق (الحقيقة الشمولية المطلقة ) ، حيث يقسم فيه الأفراد الى نوعين ، الأول أفراد بسطاء عاديون لايصنعون التاريخ ، والنوع الثاني أفراد اخرون مميزون وهم قلائل نادرون يرتفعون فوق مستوى الأفراد السابقين لانهم رجال التاريخ ومنفذوا الإرادة العامة (وسطاء الروح العالمية )، بمعنى أن هناك قوة إلهية على صورة قوة موضوعية تتحكم بأفعالهم لتحقيق صفحات التاريخ وسطوره من خلال الأعمال التى يقومون بها في حياتهم ، فلم يكونوا بذلك أسياد على أنفسهم ، وأن الروح العالمية تلك هدفها الأسمى السعى لتحقيق الحرية من خلال رجال التاريخ هؤلاء ، ولكي تتحقق يجب أن يكونوا في شكل "دولة" حيث يمارس قانون التاريخ فعله ، أي أن الحرية هي حرية الدولة ويجب ان تكون نابعة منهم ، فهم من يحددونها لانهم الدولة بعينها بكل عناصرها وسلطاتها(السلطة التشريعية والسلطة الادارية والسلطه الشاملة للاحكام ) ، وهذا يعني أن يمارس الأفراد البسطاء حريتهم من خلالهم والخضوع لهم كلية ، وبذلك لا وجود لحرية فردية بل يوجد حرية عليا تؤخذ منها حرية الفرد ، حيث يرى من خلال منظورهم أن الحياة السياسية تتطور بإستمرار من خلال مفهوم الفضيلة والعدالة حسب إعتقادهم وفهمهم الشامل المطلق ، وإن الدول تتسع من حيث المساحة وعدد السكان وهذا يجعل من المستحيل مشاركة الجميع بشكل مباشر في( نظام الدولة ودستورها) فالفرد البسيط يحقق ذاته من خلال رجال التاريخ الذي يستمد منهم القيم الحقيقية والروحية ، فالفرد ليس له أخلاق خاصة به بل هي كلها يكتسبها وتأتي له من خلال دولة افراد التاريخ الذي لا يستطيع مقاومة سلطتها أو الإعتراض عليها ، أليس هذا هو الفكر المطلق الشامل لهيجل !؟،فما بالكم إذ تعاني مصر من فكر أخر بجانب هذا الفكرلا يقل ضراوة عنه آلا وهو الفكر المكيافيلي البوليسي ، الذي سيأتي الحديث عنه لاحقا.
الخلاصة حتى نعي الدرس جيدا ، علينا أن نقرأ الأحداث بعين كاملة بعيدا عن العاطفة والمبالغة ، متجاهلين أصحاب المصالح ، لكي نعرف الحقيقة السياسية ،إذ يخطئ من يظن أن ستكون هناك ردود وأفعال خارجية على موت الرئيس السابق محمد مرسي ، فالقوى الخارجية المؤثرة تريد غلق وإنهاء ملف الاخوان بصورته الحالية ، حيث لم تعد ورقة ضغط صالحة للإستخدام نتيجة ظهور عوامل ومؤثرات تؤكد ذلك ، حتى لو عادا اوباما وكاميرون للحكم ، أو إنفرد الديمقراطيين بالبيت الابيض والقرار الأميركي سوف يعملون على حرق تلك الورقة وغلق هذا الملف بصورته الحالية الى الابد ، وخير مثال " انظر الى ما يعانيه الرئيس التركي اردوغان فالرجل على وشك الإنتهاء " ، ومن الجميل والمؤكد أن جماعة الاخوان المسلمين في مصر أصبحت تعي وتعرف تلك الحقيقة جيدا ، وإنه لم يعد هناك متسع من الوقت ، الإشكالية أن الإخوان رغم تاريخهم ، وما مرو به من أحداث ، إلا أنهم مازالوا لا يعرفون متى سيرقص الحصان وفن إيقاع رقصته ومتى سينتهي منها ، فالشعارات والاحلام ورونق العبارات الرنانة قد ولى وانتهى ، الحل هو الجلوس والبدء بنقد الذات والنظر بواقعية لمجمل الأخطاء والأحداث ، تلك هي لعبة السياسة ، لا لعبة العقيدة المطلقة ، فالجماعة تريد ان ينتهي العرض بمشهد (جناح باكستان ) وان يعاد تشخيصه على مسرح الحياة السياسية المصرية بكامل مشاهده وكل ادواته ، ولكن هذه المرة ان من يقوم بالدور تنقصهم التجربة والكاريزما والدهاء السياسي أو الشرعية التاريخية الأمر الذي كان وراء الكثير من حالات الصراع والتنافس والتآمر بهدف سقوط مصر في أتون الخلافات وأعاقة قيام تجربة ديمقراطية راسخة مسنودة بركائز مدنية على نحو ما كان تتمناه مصر الثورة ,فالجماعة بعد فشلها تريد ان تتكرر فكرة المدارس الديوباندية وأنصار أبي الأعلى المودودي (منظِّر فكر حركة الإخوان المسلمين)الباكستانية هو إنتقال الجماعات الخرى والقوى والحركات الإسلامية المتشددة وقيامهم بدور تدميري وتخريبي ضد فكرة الدولة المدنية الحديثة القائمة على ركائز دولة القانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي


.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا




.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني