الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبعون سنة أخرى من التعاسة

عادل صوما

2019 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الذين يهاجمون "صفقة القرن" يستعملون خطاباً دينياً بامتياز، خصوصا من يفتتحون تحليلاتهم السياسية تلفزيونياً بعبارة " بسم الله الرحمن الرحيم". البسملة لا تصلح لتحليل سياسي بتاتا، فالسياسة فن الخداع والكذب الأنيق والعبادة فن النقاء.
خطاب ديني ضحل يستثير العامة ضد حل واقعي، فالأرض المقدسة (أرض كنعان ثم إسرائيل ثم فلسطين ثم إسرائيل) يملك اليهود حق الإقامة فيها بآيات من القرآن، تجهلها أو تتجاهلها الخطابات الدينية عن سابق تصور وتصميم لتضليل عامة الناس، أو يفسرونها حسب مقتضيات كل عصر.
إسرائيل وجدت لتبقى. ما معنى وجود سفارات فيها لكل دول العالم؟ لماذا تدعمها القوى العظمى؟ كل الثوار العرب يعلمون ذلك بدءا من عبد الناصر وإنتهاءً بالشيخ حسن نصر الله، ويستحيل عليهم محاربة كل دول العالم.
مسألة تحرير الأرض المقدسة من مواطنيها اليهود غير واقعية، وشعار "تحرير فسلطين من النهر إلى البحر" لم يؤد سوى إلى توّسع دولة إسرائيل منذ سنة 1948 حتى اليوم، وشعار تحرير فلسطين يبدأ من الدول العربية المتخاذلة دمّر لبنان وكان أن يدمر الاردن والكويت، والتمسك بالخطاب الديني المُسيس خلال السبعين سنة الماضية، عزل المسيحية تماماً عن هذه المسألة رغم انها جزء منها ومن الادبيات الابراهيمية، وجعل قادة هذا الخطاب مليونيرات، وجعل رجالهم أصحاب جمعيات غير ربحية تجمع الاموال باسم "القضية" ولا أحد يعلم أين تذهب، وبرر قيام ثورات على حكام مسلمين حل محلهم رؤساء أو مناضلون أو ثوريون، بسببهم صار الشعب الفلسطيني متخلفاً معدما يعاني الصعلكة ويمارس الانتحار تحت بند الاستشهاد، ويقبل التعاسة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وتأتي القيامة ويقول الحجر للمؤمن هناك يهودي يختفي ورائي.
لم تقم القيامة كما أكدوا انها قريبة جدا منذ 1450 سنة. وهو بالمناسبة قول متوارث موّثق من أيام يوحنا المعمدان.
هدف مستثمري مسألة الارض المقدسة دينياً، تخدير الناس بالشعارات الدينية واستثمار أجسادهم وبؤسهم، والنتيجة هي سبعون سنة أخرى من التعاسة لو فشلت صفقة القرن، لأن المطلوب هو إعادة قيمة الانتماء لهوية أرض كنعان من المواطنين اليهود والمسلمين على حد سواء، واستيعاب واقع انتهاء سيطرة المسلمون عليها لأنها فعلياً قد إنتهت.
هذا ما نشهده على الارض، وما يبقى واقعيا هو تحويل الاراضي ذات الأغلبية المسلمة إلى هونغ كونغ الشرق الاوسط، حسب صفقة القرن التي ستجلب استثمارات بأكثر من خمسين مليار دولار، بدلا من التخلف والفقر والبؤس الذي نراه.
منطق "أي أرض حُكِمَتْ في فترة من الزمان، ولو ليوم واحد بالإسلام، أصبحت أرضًا إسلامية، حتى لو بَعُدَ هذا الزمان عنَّا بألف عام، تظل أرضًا إسلامية، ولا يهمنا في هذا الصدد التقسيمات الجديدة، وسيادة الدول على الحدود المصطنعة، فالدولة الإسلامية حدودها تصل إلى كل دولة حُكمت بالإسلام، في وقت ما، سواء كان ذلك من عام مضى أو من عامين أو من ألف وأربعمائة عام"، لم يعد واقعياً اليوم.
ما رأي أصحاب الخطاب الديني إياه لو استعمل الأرثوذكسيون الكلمات نفسها عن بيزنطة المسيحية التي صارت اسطنبول؟ وما رأيهم لو رفض الاسبانيون هذا المنطق؟ رأيهم سيكون أنهم شعبويون!
قال عمر بن الخطاب للبطريرك صفريونوس الذي بكي وهو يسلمه مفاتيح القدس: هوّن عليك يا رجل فالدنيا يوم لك ويوم عليك.
منطق سياسي مارسه المسلمون على أراضي غيرهم وعلى أراضي بعضهم بعضاً، ألم يضم أجداد الخليفة طيب أردوغان لواء الاسكندرون السوري إلى تركيا؟ ألم تضم إيران الخوميني جزراً إماراتية لإيران؟
كان الاخوان المسلمون يزايدون على حكومات مصر في عهد حسني مبارك ويحشدون "رأيهم العام" ضدها بالقول: إذا كنتم لا تستطيعون كبح جماح إسرائيل فاتركونا نحن نتصرف معها، وعندما أصبح محمد مرسي أول رئيس إخواني "منتخب ديموقراطياً"، وجّه أول رسالة له إلى رئيس وزراء إسرائيل بالقول "صديقي العظيم".
سفسطائية دينية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى


.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت




.. 143-An-Nisa