الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاجتهاد الفقهي ومنطق الافتراض

سامر أبوالقاسم

2006 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل يمكن التسليم بمنطق الافتراض في إطار الاجتهاد الفقهي؟ وهل يمكن الاستكانة إلى ادعاء أن رفع سن الزواج ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ سيشكل عاملا أساسيا لنشر الفساد؟ وهل يمكن القبول بالقول إن الخروج عن اجتهادات المذهب المالكي هو حتما سقوط في أحضان الغلو والتطرف الوهابي؟
لن نكون المغالين إن نحن ذكرنا بمدى الأهمية الكبرى لما أفادتنا به المادة الفقهية، المتراكمة عبر تاريخ الفكر الإسلامي عموما. خاصة وأن الاجتهاد الفقهي ساهم إلى حد بعيد في إرساء نظم وقواعد تشريعية، عملت على تأطير مجموع العلاقات الناظمة لكل تحركات الأفراد والجماعات داخل الإطار المجتمعي العام، الذي يشكل اليوم بالنسبة لنا قاعدة ارتكاز تراثية أساسية من الصعوبة، بل من الاستحالة، تجاوزها أو التنكر لها.
هذه المادة الفقهية عملت على تقعيد جزء من تفكيرنا التشريعي العام، وساهمت في تنظيم العلاقات، إلى جانب باقي المواد الفقهية القانونية التي أنتجتها البشرية عبر سيرورة التطور والتقدم اللذين عرفهما التاريخ الإنساني بشكل عام في مختلف الحضارات والثقافات المتعاقبة.
ومن هذا المنطلق، يكون من المفيد التذكير بأولى قواعد هذه المادة الفقهية التراثية، التي أثبتت لحد الآن استمرارية صلاحية اعتمادها لقراءة الواقع بمستجداته من ناحية، ولاستجلاء مضامين وأحكام النصوص التشريعية من ناحية أخرى. إذ تنص هذه القاعدة على أن الاجتهاد لا يمكنه أن يتم أو ينبني إلا على الوقائع والنوازل والأسئلة المستجدة ذات، الصلة بالواقع المعيش، فهو حابل بالمشاكل ذات العلاقة بالقضايا المطروحة في المجالات المتعددة، التي تعد نطاقا لاستيعاب كل العلاقات داخل البنية المجتمعية، الخاصة منها والعامة.
بصيغة أخرى يمكن القول بأن أفيد ما تعلمناه ممن سبقونا إلى إعمال العقل في إطار المادة الفقهية، هو تجنب بناء العمليات الاجتهادية في سياق البنية التشريعية على أساس الافتراض، لأن هذا الأخير شكل من أشكال التجريد الذي لا يتماشى مع طبيعة وشكل الاشتغال على تشريع وتقنين العلاقات المختلفة، إذ أن القاعدة التشريعية لا يمكنها الانسلاخ عن الواقع، ولا يجوز لها أن الإجابة سوى عن مشاكل مطروحة في الواقع، لا متخيلة.
المشاكل والمسائل المستجدة، تتطلب من المجتهد إعمال عقله وتفكيره، وفق منظومته المنفتحة والمتفتحة، قصد معالجتها، عن طريق استنباط القواعد القانونية، بما يناسب معطيات وخصوصيات عصره وزمانه، مستأنسا -لا متعصبا - بما تراكم من اجتهادات السلف.
فالمجتهد/الفقيه، تكمن مهمته في الوصول إلى الهدف المتمثل في الإجابة عن مشكل قائم في الواقع، بما يمكن أن يسعفه من نصوص شرعية أو شروح وتفسيرات واجتهادات سابقة، حُمل عليها كل من الواقع المتغير والنص المتعدد. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم إصدار قاعدة قانونية أو حكم فقهي، إلا بناء على متغيرات الواقع والمقاصد التشريعية والقانونية العامة.
فمن باب الكسل- إن لم نقل من باب التعصب المذهبي أو المصلحي- الوقوف عند تفسير السيوطي دون الزمخشري، أو عند تفسير ابن كثير دون الفخر الرازي...إلخ، كما أنه من المعيب الوقوف عند فقيه دون غيره من الفقهاء أو مذهب دون غيره من المذاهب، بل ومن العجز أن نقف عند حدود قراءة السلف للنص الشرعي، دون أن نجتهد في قراءته وفقا لمستجدات واقعنا المتغير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah