الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الخلاص- في التجديد لا في التنديد

سامر أبوالقاسم

2006 / 5 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بالقدر الذي يحتاج مجتمعنا المغربي إلى إجراءات صارمة وحازمة لإصلاح وتغيير أحوال وظروف عيش مواطنيه، ولتجاوز مختلف إكراهات ومعيقات تنميته، ولرفع مستوى طموحاته وآفاقه المستقبلية فيما يتعلق بإرساء قواعد المجتمع الديمقراطي الحداثي، بالقدر الذي تتطلب العقليات السائدة العديد من التدخلات في إطار التوجيه والتأطير لتقويم انحرافاتها واعوجاجاتها.
ففي اعتقادنا لن تتغير هذه العقليات التقليدية المنغلقة، ولن تكون في مرتبة استحقاق التكريم الذي خصها به الله سبحانه، إلا في إطار الحسم الإنساني والمعالجة الواقعية لمجموعة من القضايا الكبرى ذات الارتباط الوثيق بالتنمية والديمقراطية والتحديث. إلا أن ذلك لا يمنع من التدخل مرحليا عبر مجموعة من القرارات والإجراءات السياسية والإدارية والتشريعية، الهادفة إلى ترسيخ ثقافة الحق والواجب، التي تجعل كل المواطنين سواسية أمام القانون، دون تمييز على أساس أي مبرر كان.
فالمؤكد هو أن وضع مجتمعنا برمته، ووضعية التنمية والديمقراطية والتحديث والمرأة والتدين ... في قلبه، على الشاكلة التي نحن عليها الآن، ليس نتاجا لمراد الله ورسوله في النص الشرعي من خلال القرآن والسنة، بل هو نتاج "خلاصات" و "أحكام" و "فهوم دينية" تجسدت في العديد من مواقف وآراء فقهاء المذهب السائد من جهة، وهو حصيلة الخيارات السياسية التي بنيت على أساس من الخلط بين الدين والسياسة، بدل الحرص على إتاحة الفرصة لتوجيه النقد وممارسة المعارضة.
بمعنى آخر، إن هذه الوضعية هي حصيلة الفهم الأحادي والانتقائي للنص الشرعي حسب ميزان المصالح الخاصة الضيقة، وهو الفهم المعتقد في تفرد قدرته الوحيدة على الاجتهاد، بل على استهداف الصواب فيما تم بخصوصه الاجتهاد، دون ترك أية فرصة لما أن يكون من قبيل الأحكام النسبية المتغيرة بتغير الأحوال والظروف، ودون أي شكل من أشكال الانفتاح على المتعدد من القراءات والفهوم والتأويلات، التي وجدت في عقول أصحابها، ممن نعتوا بالخوارج عن المذهب، وكذا في بطون أمهات الكتب المحفوظة ـ بالرغم من المحاولات المتعددة لإقبارها ومحو آثارها ـ التي تثبت بشكل قاطع اختلاف الفقهاء على مستوى منطلقات وقواعد القراءة والتفسير والتأويل والاستنباط من النص الواحد.
وعليه، يمكننا التوجه بالهمس للبعض بالقول، إن "خلاص" مجتمعنا اليوم لن يكون على الشاكلة التي كان عليها "الخلاص" في محطة تاريخية فانية منذ قرون، بل إن المعالجة النسبية للمعضلات المجتمعية لن تكون إلا وفق طرق ومناهج وآليات التفكير المتجددة، والتي كانت محصلة ونتاج وثمار اجتهاد الفكر الإنساني على العموم وعلى طول هذا المسار التاريخي الذي شهدته البشرية.
وليعلم المحافظون، سواء في خطوط التطرف الديني أو في خطوط "الاعتدال" السياسي، أن المستقبل ليس للتشبث الحرفي أو الظاهري أو التأويلي بالنص أو بما ترك "السلف الصالح"، بل المستقبل للاجتهاد والتحديث واستشراف الأفق المستقبلي بإيمان راسخ وعميق بما للإنسان من قدرات وكفاءات بل وحرية اختيار وتوجه، وعزم على تخطي كل العقبات والنكبات التي يعرفها واقعنا اليوم، وهو ما يفيد أن لا مستقبل للوقت الحاضر إلا مع قوى الصف الديمقراطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah