الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشريع بين:التنميط والتجديد

سامر أبوالقاسم

2006 / 5 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يطرح التجديد الفقهي في إطار الفكر الإسلامي إشكالا استراتيجيا يصب في عمق إشكالية التجديد الديني داخل المجتمع المغربي. ففي الوقت الذي يطرح البعض التساؤل عريضا حول ما إذا كان هذا التجديد نابعا من داخل التطور النسقي الذي يعرفه الفكر الإسلامي ذاته، أم هو تجديد آت من خارج هذا النسق، بالنظر لما عرفه العالم من أحداث إجرامية باسم "المرجعية الدينية"، وما تلا ذلك من نقاش حول مسألة الدين والتدين في علاقتهما بالغلو والتطرف على المستوى الدولي، يطرح البعض الآخر إشكالية المجال الذي يشكل صلب هذا التجديد الفقهي داخل دائرة التفكير الإسلامي؛ بمعنى آخر: أهو تجديد ينصب على الجوانب الشكلية، أم أنه ينكب على الجوانب الموضوعاتية.
وبالرغم من الأهمية التي يمكن أن يتخذها هذا النوع من الأسئلة على المستوى الشكلي، إلا أن الانطلاق من مثل هذه التساؤلات على المستوى المنهجي لا يخدم مسار التجديد الفقهي المنشود في مثل حالتنا الوطنية، على اعتبار أن الإشكال ينطلق من السؤال المركزي؛ حول إمكانية تطور الواقع المغربي واتساعه إلى حدود قيام الفكر التشريعي بعمليات التعديل والتغيير الممكنة أو الضرورية للقواعد التشريعية الناظمة لمختلف أنواع العلاقات السائدة. فالقواعد التشريعية ليست ثابتة ولا شاملة، بل هي قابلة للتغيير، وبالتالي فهي غير مطلوبة لذاتها، بل لتنظيم العلاقات، سواء في إطارها العام أو الخاص.
وهو المدخل الذي يسعفنا في فهم بروز الاجتهاد في إطار المقاصد الشرعية العامة، فهو تعبير عن أثر التطورات التاريخية التي عرفتها مختلف المجتمعات التي كانت تتخذ من المرجعية الفقهية الإسلامية قاعدة لتنظيم علاقاتها، وهو تكثيف للوعي المتطور الذي استطاع إدراك ـ بشكل مبكر ـ أن الحكم الشرعي الخاص ( المستخلص من النص، أو من القواعد الأصولية الشرعية واللغوية ) غير قادر لوحده على تأطير مختلف الظواهر والعلاقات الناتجة عن تطور أحوال المجتمعات.
لهذا، يطرح السؤال على من لا يزال متشبثا بالتمسك بالفهوم التأويلية التي أنتجها الفقه الكلاسيكي في القرون السابقة؛ هل المصلحة الدينية تتعارض وتتناقض مع المنظومة القيمية التي أنتجها الفكر الإنساني عبر سيرورة تطوره، وبمشاركة مختلف الثقافات والحضارات المتعاقبة، و مع طرق العقلنة الراهنة، التي استطاع الإنسان أن يصل إليها عبر مسيرة طويلة وشاقة من الاجتهاد على المستويات الفكرية والعلمية، أم أن المقاصد التشريعية العامة التي ساهم الفكر الإسلامي في إنتاج جزء لا بأس به، إلى جانب باقي تجارب الشعوب والحضارات الأخرى، تكمن أساسا في مصلحة الإنسان الموضوعية، إذ توجد بوجودها وتنعدم بانعدامها؟
إن منطق التطور يفرض على المجتمع المغربي اليوم التكيف مع مستجداته، والاستفادة من إيجابيات الفكر الإنساني والكوني بصفة عامة. لذلك، لا غرابة في أن تعترينا الرغبة في الإجابة على إشكال الملاءمة بين الواقع والقاعدة والتشريعية، وفق منطق العلاقة الجدلية القائمة؛ إذ كلما سارت القاعدة التشريعية في اتجاه تنميط الواقع وضبطه والحد من السلوكات الخارجة عن نطاق قيمه وأعرافه، كلما اتسع الواقع وتطور ليفرض بذاته إعادة النظر في القواعد التشريعية ذاتها، بما يضمن مراعاة كل مستجداته الكلية والجزئية، وهنا يكمن دور الفقيه/المجتهد، بل الغرابة تكمن فيمن يأبى إلا أن يعمل على تنميط الواقع الراهن على مقاس القواعد التشريعية المنتجة في القرن السابع للميلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah