الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهنئة لساكنة فاس وشكر وتنبيه لا بد منهما لمسؤوليها .

حميد طولست

2019 / 7 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تهنئة لساكنة فاس وشكر وتنبيه لا بد منهما لمسؤوليها .
إنه لمن دواعي الغبطة والسرور أن أتقدم بخالص التهاني والتبريكات للعاصمة العلمية على مشروع اعادة تأهيل شارع محمد الخامس ، الذي طالما تمناه أهل فاس عامة ، وساكنة المدينة الجديدة ، وخاصة منهم قاطنيه وجواره الذين انتظروا طويلا تحسين أحوال مجاله البيئي والعمراني الذي عانى لأزمان البداوة والترييف ، وكابد التخريب والعبث ، وتجرع انعدام العناية وغياب الصيانة وقلة الاهتمام ، على يد من تولى تسيير شأنه والمدينة ، على إختلاف مرجعياتهم وتوجهاتهم.
ومن باب إحقاق الحق والاعتراف بالجميل المفروض في مثل هذا الموقف ، فإنه يسرني أن أتقدم بالشكر الكبير ، والامتنان الجليل لكل من ساهم ، من قريب أو بعيد ، في الدفع بهذا المشروع الكبير ليرى النور ، الذي لاشك ، سيعيد لهذا ، وجه فاس وقلبها النابض ، الحياة والرونق ورقي الذوق ورفعة التذوق التي كان عنوانا لها والتي كان يضفي منها على المدينة وساكنتها وزوارها وجميع منشآتها ومرافقها .
أما بالنسبة للتنبيه الذي لابد منه ، وتفرضه الأمانة والواجب الوطنية والديني ، والذي سيحاسبني ضميري قبل محاسبة الله لي يوم الحشر ، إن أنا تقاعصت في تقديمه –من باب الدين النصيحة- للمسؤولن على هذا المشروع ، حتى يتم على وجهه الأكمل ، ويقدم لساكنة فاس تجربة نموذجية في مفهوم تطوير وتنسيق وتجميل مظهر ميادين وشوارع المدينة ، المعتمد على الاستراتيجيات المتكاملة والمتماشية مع ما تشهده المدن المعاصرة الحريصة على جمالية التناسقية التفاعلية الممتعة ، البعيدة كل البعد عن مفاهيم التجميل البالية ، المرتكزة على برامج التشجير الاعتباطية والعشوائية ، التي يصر بعض مسؤولي الشأن المحلي والوطني في بلادنا ، على جعل أشجار النخيل ، دون غيرها ، هي أسّ التزيين والتجميل ، ومرتكز من مرتكزات تحديث وترميم وتهذيب التشوهات السائدة في عمراننا ، الأمر الذي أحال جل مدن البلاد وقراها –إلا ما وقاها الله من تلك الشوهة-إلى واحات نخيل عشوائية باهتة لا حياة فيها ، رغم ما ينفق عليها من أموال طائلة من خزينة الدولة، علماً بأن الهدف الأساسي من زراعة الأشجار في الشوارع هو الناحية الجمالية التناسيقية وما تجلبه للمدن من زينة ، وما توفره لمن يعيشون في مناطقها الحضرية من فوائد الحصول على الظلال ، ومنع دخول الملل إلى نفوسهم ، وذلك لأن الجمال مسألة ذوق يكمن في الأنساق المتقاربة في الروح والبعيدة عن التناقض والنمطية ، والذي جسدته الأشجار المتناسقة مع بيئتنا - التوت والتغزاز ولرنج - التي ترسخت صورها الجميلة بذاكرتنا ، وعلق بمشاعرنا وحواسنا ما كانت تضفيه على منشآت ومرافق حواضر المغرب من جمالية حياتية تفاعلية تبعث رسائل تجبر سكان المدينة وزوارها على تذوق الجمال واحترامه.
لا أخفيكم سرا أنه بقدر ما غمرتني سعادة الإعلان عن المشروع الذي يستحق عليه مسؤلو المدينة كل الشكر والتنويه ، بقدر ما ملأني الخوف والجزع ، واحتواني الحزن والهلع ، من أن تمتد يد القطع والإجتثات إلى أشجار الزينة المعمرة التي جملت جنبات الشارع لعقود طويلة ، وتعويضها بأشجار النخيل الوافدة على مجتمعنا بطابعه الشرقي الغريب وغير المتناسق بيئتنا ، المخالفة لموطنه الأصلي فلاة الخليج العربي القاسية، كما قال زهير بن أبي سُلمَى :
وَهَلْ يُنْبِتُ الْخَطِّيَّ إِلاَّ وَشِيجُهُ .. وَتُغْرَسُ إِلاَّ فِي مَنَابِتِهَا النَّخْل
وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال ، الإستخفاف بأقدم شجرة طيِّبة عرفها الإنسان ، ورفع الله سبحانه وتعالى من قيمتها وأعلى من شأنها بذكرها في كتابه العزيز في ست وعشرين آيةً موزعة على ست عشرة سورة ، منها سورة الأنعام والكهف وطه والقمر والرحمن والحاقة حيث جعلها من ثمار الجنة أسوة بالتين والزيتون والرمان والعنب..
كما لا نقصد ، بأي شكل من الأشكال ، محاربة أو معاداة أحد ، أو حتى مجادلته على تقديسه لشجرة ليس من بين الأشجر شجرة أكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم بنت عمران؛
وإنما هي مناشدة ودعوة للمسؤولين والسياسيين العباقرة والمبدعين المتميزين بالعمل الجاد والمتواصل والمخلص أمثال السيد العبدلاوي رئيس جماعة أكدال ، وغيره من ذوي الضمائر الحية ومؤهلات النجاح ومهاراته ، لإعمال العقل وترجيح المنطق في التعاطي مع تهيئة شارع محمد الخامس ، بالشكل الذي يحقق لساكنته الحد الأدنى من الاستمتاع ، الذي لا يستهين براحتهم ولا يستخف بذوقهم ، وذلك بإستثنائه هذا الشارع بالذات من ظاهرة "التنخيل"- إن صح التعبير-أي غرس أشجار النخيل التي أغرقت جميع مرافق ومجالات المدن المغربية ، مع تنامي موجة "السيولة الإيمانية" التى عمت المجتمع في السنوات الأخيرة ، وفرضت تبني الحديث النبي صلى الله عليه وسلم :"أكرموا عمتكم النخلة" ، والذي أرى والكثير غيري ، بعض النظر عن صحته من عدمها، أن مجال تكريمها ، لا يقتصر على إحْلالها دون غيرها من الأشجار الأخرى ، في كلِّ الطرق والممرات العامَّة للمدن ، بل يحتاج تفعيل التكريم، من كلِّ المسؤولين على شؤون البلاد المحلية والوطنية ، وعلى رأسهم وزارة الفلاحة ، تكثيف الجهود لإعادة القِيمة الغذائيَّة والصناعيَّة لهذه الشجرة التي هي رمز الإيثار والعطاء والاستمراريَّة، وذلك بالاهتمام بمشاتلها وانتقاء أنواعها وتحسين نوعيَّاتها ، ووقايتها من الأوبئة التي تفتك بها ،والعمل على تسويقها.
سأتوقف عند هذا الحد ، حتى لا أضطر للحديث عن صفقات غراسة أشجار النخيل التي تقدر بالملايير عبر مختلف مدن البلاد ، وعن كيفية إعداد وتسجيل هذه المشاريع ، ومضمون الصفقات ومحتواها والطرق المعتمدة في منحها وإسنادها ، والجهات التي تقف وراء الإنجاز والتموين.
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة