الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اين نحن من انسانيتنا؟

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2019 / 7 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) .. لكن من في الأرض ليسوا فقط بشرا ، بل كل الكائنات الحية التي تشارنا العيش على هذا الكوكب .
واذا كان العقل البشري عقل ذكي مقارنة مع المخلوقات الأخرى إلا أن هذا لا يمنع بأن الكائنات الاخرى أيضا تتمتع بذكاء يتناسب مع بعض مواصفات الإنسان وأفعاله فمثلا حيوان الشامبانزي يعتبر الحيوان الأذكى ويحتل المرتبة الأولى في الذكاء بين الحيوانات وتتطابق 98% من جينات الشامبانزي مع جينات الإنسان ، ويحتل الدولفين المرتبة الثانية من بين الحيوانات الأذكى في العالم حتى أنه تم استخدامه في الجيوش والعمليات العسكرية من قبل بعض الدول مثل روسيا واسرائيل فكانت وظيفته البحث عن ألغام بحرية غير متفجرة وأسلحة تحت عمق 100 متر، يأتي الفيل بالمرتبة الثالثة ومن بعده الأخطبوط، واذ كان العلماء قد اختلفوا على ترتيب باقي الحيوانات لكنهم لم يختلفوا يوما على ذكائها وقدرتها على التعلم ومنها الغراب والببغاء والكلاب والقطط والسنجاب والخنازير والفئران والعنكبوت ،،
هذه ليست سوى مقدمة أقصد بها متعمدة التقليل من حدة الغرور لدى اخي الانسان الذي يقرأ كلماتي فيتخلى ولو عن القليل من نظرته الدونية للمخلوقات الأخرى ، وهي أيضا مقدمة لنطرح السؤال المهم .. لماذا نفتقر في عالمنا العربي لثقافة الرفق بالحيوان بل نعتبرها ( كلام فاضي) رغم التعاليم الدينية التي لا يخلو منها دين سماوي على الاطلاق ؟
ليست لدينا جمعيات لحقوق الحيوان بل وعادة ما تصاغ جملة حقوق الحيوان في جو فكاهي وكأنه أمر مضحك ومثير للسخرية على اعتبار أن هناك بشر أولى بهذه الجمعيات وكأن الحيوان ليس روحا تتألم مثلنا تماما بل تجوع وتحزن حتى الموت ، تفرح وتمرض بل وتنتحر تحت وطأة عذاب الضمير كما حدث مع الحصان الذي انتحر حين قتل الطفل الذي يضع له الطعام بالخطأ ، بل والأكثر أنها كائنات تضحي بنفسها في سبيل الدفاع عن أطفالها أو أصحابها كما تفعل الكلاب فتتصرف ببطولة يفتقدها أغلب البشر !
إذن كيف ومن أين جاءت ظاهرة تعذيب الحيوان ومن السبب ؟
أو على أقل تقدير ، من أين تسربت ثقافة الاستخفاف بالحيوان والاستهانة بآلامه؟
لا أكتب عن هذا الموضوع لأني (فاضية) وتخلو جعبتي من المواضيع المثيرة للاهتمام والجدل لكن لأن للموضوع أبعاد عديدة تتخطى الحديث عن تعذيب هذه المخلوقات البريئة وهذا ما يحدث كثيرا وأبدا فنحن نتكلم عن بشر فقدوا انسانيتهم تماما.
وليس لنا حق الدهشة عندما نرى عالمنا غارق في العنف والقسوة وانعدام الشعور بمعاناة الآخرين ؟
احتقار الحيوان وعدم التعاطف معه بغض النظر عن المبررات من منظور نفسي هو نوع من أنواع العنف الذي مهما كانت درجته فهو يعتبر أحد الانحرافات النفسية كما أنه مؤشر لشخصية غير سوية وهو ناتج عن تربية خاطئة لم تشدد على موضوع الرحمة وربطها بالأخلاق ،إضافة الى خوف الوالدين الزائد على أطفالهم من الحيوانات يغذي عند الطفل إحساس العدوانية تجاه الحيوان الذي يعتبر مصدر خطر ولا بد من النيل منه !
لكن من يقتل حيوانا بدافع الاستمتاع بالتعذيب واللهو فهو حتما مشروع مجرم يسهل عليه قتل انسان آخر بدوافع أخرى لا حصر لها .
نعم يا سادة إن هناك آلاف الجوعى والمرضى من البشر حول العالم يحتاجون العون والمساعدة لكن الحيوانات لا تعرف لغة لتشتكي بها لنا عن معاناتها وآلامها أما البشر فيستطيعون أن يشتكوا ويصرخوا ويثوروا .
أين نحن من انسانيتنا ؟ وأين هي حقوق الحيوان في قوانينا التي لا تتعدي عقوباتها القصوى السجن لأشهر والغرامة التي لا تزيد عن مبلغ زهيد بالنسبة لأغلبنا ؟ هذا ان وجد من يشتكي ويتضرر!
بل أين نحن من أخلاق الحيوان الذي لا يخون ولا يغدر ولا يطعن في الظهر كما يفعل البشر ببعضهم البعض؟ الحيوان لا يحسد ولا يغار ولا يحقد على أبناء سلالته الأفضل منه ، ولا يفكر في إبادة أبناء جنسه ، لا يقتل أخاه بداع الغيرة أو طمعا بالميراث مثلا!
الحيوان يحبك سواء كنت جميلا او قبيحا ، فقيرا أم غنيا ، يحبك في كل أحوالك حبا غير مشروط او خاضع لمصلحة!
ترى من أين أتى الحيوان بهذه البراءة والصفاء الذي نفتقده ؟
وهل الإنسان هو عقله أم ضميره أم عاطفته ؟
ما الذي يجعل الإنسان إنسانا ؟
فالحيوانات أيضا تملك عقلا وعاطفة وضمير ؟
ما الذي يميزنا إذا ؟
ربما يكون أول وأهم ما يميزنا عن بقية الكائنات هو المجال الأوسع للاختيار والتمرد!!
التمرد على الثقافة السائدة لاحتقار الحيوان أو التربية الخاطئة في التعامل مع المخلوقات الأضعف .
أهم ما يميزنا هو إضفاء القيمة والمعنى والرمزية على تصرفاتنا ومواقفنا لتصبح إنسانية .
فلماذا نتردد إذن ونبحث عن مبررات لتخلفنا عن إنسانيتنا وندعي أن هناك بشرا أولى بالرحمة وكأن الرحمة قيمة تتجزأ وتخضع للظروف!
أطرف وأحدث الأبحاث تزيدنا من الشعر بيتا وتؤكد على أن الرجل الذي ينزه كلبا أو يقرأ كتابا أكثر جاذبيه لدى المرأة من الرجل الذي يلهو بهاتفه الذكي !
إذن في الرأفة بالحيوان جاذبية أيضا ،هذا في الدول الغربية طبعا ، لا تترددوا، فربما لدينا نفس الأذواق ونجهل أن لمظاهر الحب والرحمة مفعول السحر ليس إلا !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا توجد علاقة ما بين الذكاء وما بين الإنسانية
فؤاده العراقيه ( 2019 / 7 / 4 - 16:58 )
ليس للذكاء علاقة بانسانيتنا بمعنى علينا أن نكون انسانيين مع كل الكاىنات الحية ولا نشترط الذكاء بها لكي نكون رحيمين بها ثم نحن في بلدان متأخرة ترجع للخلف كلما تقدم بها الزمن ووصلنا لحال لا نرفق بالإنسان ذاته فكيف بالحيوان , عندما نصل لمرحلة الأنسانية ونحترم كياننا ستكون عملية الرفق بالحيوان اوتوماتيك
تسألين من أين تسربت ثقافة الاستخفاف بالحيوان والاستهانة بآلامه؟
وأجيبك بأننا شعوب عانت ولا تزال تعاني من استخفاف السلطات بها وظلمها بعد أن افقدتها وعيها ومن ثم افتقدت للحس وانحرفت نفسيا فاصبحت شعوب سادية
أغلب هؤلاء البشر الساديين وأن كانوا فقراء هم لا يشعرون بغيرهم لكثرة الحرمان والضغوطات التي تعرضوا لها إضافة الى كمية التجهيل , الفقر والجهل ولّد أناس تفتقد لمواصفات الانسان وبالتالي هو ليس ذنبهم بل الذنب يقع على السلطات التي كونتهم
عموما موضوع مهم وشكرا لمحاولتك التي تدل على طيبة


2 - الانسانية المفقودة
محمد البدري ( 2019 / 7 / 4 - 19:47 )
الاكثر قسوة علي العقل عندما نتذكر ان الحيوان عامة ليس عدوانيا، وما نراه من عنف لا يصدر منه كفعل عدواني انما محاولات للحصول علي طعام او حيازة انثي من اجل التكاثر. فالحيوان لا ينتج غذاؤه انما يعيش علي ما تجود به البيئة المحيطة. عند هذه النقطة فان الانسان مدان ولا يجوز غفران اي فعل له ضد الحيوان لانه قادر بل ولا عمل له في هذا الوجود الا بابداع انتاج احتياجاته. فالعمل هو ما يميزه عن الحيوان. فما المبرر إذن لكل هذا الاذي المرصود كثيرا في حياتنا اليومية؟
هل هو كبت اجتماعي وسياسي لا يجد متصرفا له الا في ممارسة العنف علي ما لا يمكنه المقاومة، وهو ذاته ما اتي فيمضمون تعليق الفاضلة فؤاده العراقيه.
كان من المفترض هو العكس بان يتوحد المظلوم سياسيا (الانسان) مع الضعيف حياتيا (الحيوان) ليتسلح الاول بما يعينه علي نضج يكافح به فساد بيئته السياسية التي افقدته انسانيته.

تحياتي وتقديري لانسانية هذا المقال


3 - انت تسالين اين نحن وانا اسال اين انت؟؟
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 7 / 5 - 06:04 )
اختي الكريمة بعد التحية اشكرك جزيل الشكر على هذا المقال النابع من انسانيتك ولكن هل ظلم الحيوان جاء من فراغ؟؟. ماذا يعني لك ذبح اضاحي الحج ودفنهم في التراب وهل الله بحاجة لان تضحي لاجله؟؟. اين الرفق في تلك المجزرة وهو تشريع الاهي ؟؟. فاذاا كان الانسان يضحي باخيه الانسان في سبيل اللله ـ كما تنص الاديان ـ فحقوق الانسان اولا وبعده حقوق الحيوان. اما انسانيتنا فمبآدئها مستقاة من كتبنا المقدسة وهي: اذا لم تكن معي فانت ضدي وهذا يعني ان الانسان وما يملك من حيوان وغيره لا حرمة له. ايهما اشنع؟؟. قتل حيوان ام قتل انسان ؟؟. ماذا لو خييرتي بان تباعي في سوق النخاسة او يقتل حمارك فماذا تختارين؟؟. ماذا لو خير الايزيدين بين قتل حيواناتهم وبين سبيهم ما ذا سيختارون ؟؟.اذا اين نحن من انسانيتنا تجاه انسانيتنا وتليه انسانيتنا تجاه الحيوان؟؟. شكرا لك.


4 - حول تعليق الاستاذ سمير آل طوق المحترم
فؤاده العراقيه ( 2019 / 7 / 5 - 11:50 )
فاتني أن أذكر بتعليقي فقرة ذبح الحيوان التي يغفل عنها اغلب من ينادون بحقوق الحيوان
حيث يتناسون الرفق عندما تدغدغ انوفهم رائحة اللحم وعند جلوسهم على مائدة المشاوي ،الرفق لا يتجزأ الى اجزاء نغفل عن بعضها عندما تتعارض مع مصالحنا وننادي على البسيط منها والذي لا يؤثر علينا قيد انملة ، نحن مجتمعات تعلمت ان تذبح الحيوان في الافراح وتهلهل الاطفال وتبتهج لرؤية خروف يذبح حيث تعلموا منذ الطفولة ومن آبائهم على مناظر الدم وربطها بالفرح فيترعرع الطفل في وسط بائس ليكبر ويمارس ساديته على الحيوان المسكين الذي
ابتلى بوجوده في مجتمع متأخر
أين نحن مت انسانيتنا تجاه انشانيتنا وتليها انسانيتنا تجاه الحيوان


5 - حول تعليق الاستاذ سمير آل طوق المحترم
فؤاده العراقيه ( 2019 / 7 / 5 - 11:51 )
فاتني أن أذكر بتعليقي فقرة ذبح الحيوان التي يغفل عنها اغلب من ينادون بحقوق الحيوان
حيث يتناسون الرفق عندما تدغدغ انوفهم رائحة اللحم وعند جلوسهم على مائدة المشاوي ،الرفق لا يتجزأ الى اجزاء نغفل عن بعضها عندما تتعارض مع مصالحنا وننادي على البسيط منها والذي لا يؤثر علينا قيد انملة ، نحن مجتمعات تعلمت ان تذبح الحيوان في الافراح وتهلهل الاطفال وتبتهج لرؤية خروف يذبح حيث تعلموا منذ الطفولة ومن آبائهم على مناظر الدم وربطها بالفرح فيترعرع الطفل في وسط بائس ليكبر ويمارس ساديته على الحيوان المسكين الذي
ابتلى بوجوده في مجتمع متأخر
أين نحن مت انسانيتنا تجاه انشانيتنا وتليها انسانيتنا تجاه الحيوان