الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية إجراء دراسات مقارنة بين المذاهب المختلفة

سامر أبوالقاسم

2006 / 5 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ارتباطا بالرهان الملح، الذي يشدنا بقوة إلى الحرص على تحقيق المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي المنشود، وبالنظر إلى منظومة القيم التي يدافع عنها كل ديمقراطي نزيه بالمغرب، يمكننا الجزم بأنه كلما تمكن المجتهد من امتلاك حريته في البحث والتنقيب والفحص والتوسع والترجيح بين المتعدد من الآراء والمواقف بخصوص الموضوع أو المسألة الواحدة، كلما تمكن فعلا من التغلب على آفة التقليد والتحرر من الأحادية في النظر إلى القضايا والإشكالات ودحر كل مناحي التعصب والغلو والتطرف. وكلما تمكن من استيعاب مفهوم الاختلاف وترجمته على مستوى السلوك الفكري أمكنه دحض كل آليات ومناهج وطرق أصحاب الشك المطلق، الذين لا هم لهم سوى هدم كل المقومات التي يمكنها أن تؤسس لغد أفضل.
والفقيه ـ المجتهد في وقتنا الراهن لابد له، بالإضافة إلى ممارسة مهام التثقيف والتنوير على المستويات المعرفية، من المساهمة في خلق إمكانيات تسييد وترسيخ قيمتي الحرية والاختلاف في أوسع فضاء ممكن داخل نطاق وجغرافية اشتغاله، وحسب القدرة والاستطاعة والكفاءة والإمكانيات المتاحة، إذا ما كانت لدينا الإرادة الفعلية في تجاوز التعقيد الذي يتسم به وضعنا الفكري بشكل عام، ووضعنا الفقهي على وجه الخصوص.
لذلك، لا زال حديثنا موصولا مع دعاة التشبث بآراء ومواقف المذهب المالكي وحده، وممارسي الصمت حيال أي انفتاح ظاهر أو خفي على باقي المذاهب الفقهية الكثيرة والمتعددة، ولذلك يكون من اللازم التأكيد على بعض الأمور البديهية؛ من مثل أن التشريع الإسلامي الذي يتصل بالأمور الدنيوية؛ من اجتماعية وقضائية... لم يؤمر الرسول سوى بالمشورة في مسائله وقضاياه مع من يتواجد معه في نفس المحيط، حسب الظروف الزمنية والمكانية. على عكس أحكام العبادات، التي لم يكن التشريع بخصوصها يصدر إلا عن وحي الله، ولا تتجاوز مهمة الرسول في إطاره التبليغ والتبيين.
وبما أن الأمور الدنيوية هي خاضعة للاجتهاد والمشورة، فإنها ولا شك موضوع اختلاف وخلاف بين المتعدد من المجتهدين، الذين سلطوا أدوات قراءاتهم وفهمهم لمجريات الأحداث والوقائع من جهة، وتحليلهم وإعادة تركيبهم لمضامين وأحكام النصوص الشرعية المتاحة والمحتملة، طيلة هذه القرون السابقة، بل إن العقل ـ خصوصا في عصرنا وموقعنا هاذين ـ لا يدرك ولا يستوعب مشكل عدم انقراض دعاة "تجنب الوقوف على ذكر الخلاف أو الاختلاف في الأمور والمسائل الفقهية" لحدود الساعة.
ومن باب التنوير اللازم في هذا المجال، يتبين لنا أن دعاة الانغلاق، إما أنه لم يتبين لهم بشكل جيد حسنات وإيجابيات الانفتاح على كل المذاهب دون استثناء وحسب المتاح من مصادر ومراجع في هذا الباب أو ذاك، وإما أن لا مصلحة ملموسة ومباشرة يمكن تحصيلها من مثل هذه الدعوات الانفتاحية. والاحتمال الثاني ـ في اعتقادنا ـ هو الأرجح، بالنظر لما تراكم من امتيازات لدى أصحاب المآرب الخاصة، المتسترين بوحدة المذهب.
إيجابيات الانفتاح المبني على الحرية والإيمان بالاختلاف ـ في اعتقادنا ـ كفيلة بالتأثير على محيطنا العام ـ مجتمعا ودولة ـ ليصبح هذا الانفتاح الناضج والمسئول هو قاعدة الانطلاق في عملية توسيع دائرة الإنتاج الفقهي المغربي، وأساس الاشتغال على خلق شروط مناسبة لاستيعاب المنتوج الفقهي بالإقبال عليه والتفاعل معه من طرف المعنيين والمتلقين المعاصرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah