الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ب ك ك في مواجهة المشروع الوطني الكردستاني

صلاح بدرالدين

2019 / 7 / 8
القضية الكردية


نشأ حزب العمال الكردستاني – ب ك ك – ، وترعرع وتمدد في أحضان أجهزة الأنظمة الإقليمية المقسمة لكردستان ، وذلك بتخطيط من الأوساط العسكرية في الجمهورية التركية العميقة ، بحسب ماتضمنتها وثائق ( الأركنغون ) ، وفي مرحلة تالية برعاية مباشرة من عائلة الرئيس السوري المقبور حافظ الأسد أمام أعين الكرد السوريين بشكل مباشر ، ومن ثم بدعم واسناد أجهزة نظام صدام حسين المخلوع – المقبور ، كما كشفتها المئات من الوثائق التي نشرها اعلام ( البارتي الد يموقر اطي الكردستاني ) ، وانتهى به المطاف من خلال قيادته العسكرية المركزية بقنديل في رعاية الجنرال قاسم سليماني ، خصوصا منذ نحو عقدين حيث تم التنسيق الميداني بين أجهزة نظامي دمشق وطهران ، لاستخدام إمكانيات هذا الحزب لمصالحهما .
كانت ومازالت استراتيجية الأنظمة الغاصبة لكردستان التي تديرها غالبا القوى والتيارات الشوفينية ،ليس عدم الاعتراف بحق الكرد في تقرير مصيره فحسب ، بل بتنفيذ المخططات العنصرية ، وضرب الكرد ببعضهم ، واختراق الحركات الكردية ، واختلاق أحزاب وتنظيمات موالية لها ، لتحويل النضال الكردستاني في جميع الأجزاء من كفاح عادل مشروع قومي ووطني وديموقراطي ، وصراع مع النظم الدكتاتورية والعسكريتارية والشمولية والتيوقراطية ، نحو تكريد الصراع واستنزاف الطاقات عبر موجات الاقتتال الداخلي ، الذي يطلق عليه الكرد ( حرب الاخوة ) .
على أرض الواقع عندما ظهر هذا الحزب شغل جزءا متمما من التيار المغامر في الحركة الحزبية الكردستانية ، ولكنه وأمام انحسار نفوذ ( الاتحاد الوطني الكردستاني ) ، وفشله في التغلب على نهج – الكردايتي – المتمثل في قيادة البارزاني الخالد ، احتل – ب ك ك – الصدارة في التيار المغامر بعد أن استقبل الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل والمتحمسين في معسكراته ، قدم خدمات كبرى للأنظمة الإقليمية ، التي دعمته بكل السبل ، بمافي ذلك دفع المواطنين للتطوع ضمن تنظيماته كما حصل في سوريا على سبيل المثال ، وأمنت له الملجأ والمأوى والتحرك اللوجستي والدعم المادي ، الى درجة أن حافظ الأسد كلف شقيقه الأكبر – جميل الأسد – للاشراف المباشر على وسائل تمويل هذا الحزب .
من المسلم به ، بل من الضرورة بمكان حرية المنافسة بين كل التيارات والأفكار والسياسات في الساحة الوطنية الكردستانية ، فلن تتقدم الحركة ولن تتجدد ولن تحقق الأهداف ، مالم تجري ضمنها الصراع الفكري الخلاق ، بالأسلوب السلمي الحضاري ، والحوار الهادئ ، خاصة وأن الحركة الكردية تواجه الكثير من التعقيدات الاجتماعية ، والمناطقية ، والحساسيات الدينية والمذهبية ، والتحديات من جانب المنظومات الأمنية الحاكمة ، وتتلقى بشكل مستمر الضربات الغادرة ، والمؤامرات من الداخل والخارج ، كل ذلك يتطلب المزيد من الحذر ، والكثير من التروي والبحث والنقاش بين التيارات المختلفة .
ولكن وفي هذالمجال ينفرد التيار المغامر بالحركة الكردستانية وفي المقدمة – ب ك ك – ، بالتصرف ( خارج السرب ) ، ويمارس العنف والقمع والتهديد ، تجاه المقابل المختلف ، بتشجيع مباشر من النظم الإقليمية ، ولايؤمن بالحوار السلمي طريقا للعمل السياسي ، بل يرى أن الأسلوب الوحيد للبقاء هو القضاء على المخالف ، وينعكس هذا السلوك في كل تعاملاته مع المحيط منذ ظهوره الملتبس كماذكرنا ، فقد مارس القتل والتصفيات تجاه أحزاب و تنظيمات في كردستان تركيا سبقته بعقود مثل : حزب عمال كردستان بقيادة الراحل عمر جتن وحركة – كوك – ، وباقي الأطراف واستخدم الأسلوب ذاته تجاه أحزاب الحركة الكردية في سوريا ، وفي ايران أيضا .
والقرار الأخير لقادة – ب ك ك – في تنظيم مايسمى - إدارة للدفاع الذاتي - في مناطق كردستان العراق ، الا وسيلة للتورط أكثر في الأمور الداخلية بالاقليم ، فليس خافيا أن هذالحزب ومنذ عقود ،وضع على رأس مهامه القضاء على إنجازات شعب الإقليم التي تحققت عبر تقديم الضحايا والكفاح المستمر منذ أكثر من قرن من الزمان ، فهو قد استولى على مساحات شاسعة من أراضي الفلاحين والمواطنين في أكثر المناطق غنى ، واستقرت قيادته في قنديل ، ومناطق بهدينان بالشمال ، وفي الجنوب انتهاء بسنجار ، وحول بلدات وقرى الى ثكنات عسكرية بتحد واضح لقوانين حكومة الإقليم ، و فوق كل ذلك يمارس التدخل الفظ في أمور الإقليم الداخلية بمافي ذلك التحول طرفا ضد القيادة التاريخية ، وضد إرادة شعب كردستان في تقرير المصير تماما كما يعمل الآن في كردستان سوريا .
من الملاحظ أن – ب ك ك – قد ضاعف من تدخلاته اللامشروعة والعدوانية ضد الإقليم بعد التطورات الإيجابية ، والانتقال السلمي السلس وبالطريقة الديموقراطية للسلطة ، وانتخاب شخصيتين قياديتين كفوءتين واعدتين من الجيل الشاب ، لتسلم كل من رئاسة الإقليم وحكومته ، بالتزامن مع تحركات مريبة لمجموعات ساهمت في شق الصف الكردستاني ووقفت ضد عملية الاستفتاء في سبتمبر ٢٠١٧ ، وكذلك بالتوازي مع محاولات نظام طهران ومواليه في بغداد في الإساءة الى منجزات شعب الإقليم وحبك المخططات للعودة الى الوراء .
من منطلق الحرص والمصير المشترك أقول : أن المعالجة السابقة لمخاطر – ب ك ك – من جانب الأشقاء في قيادة إقليم كردستان تحتاج الى إعادة نظر وتفعيل ، ليس في داخل الإقليم فحسب ، بل في العمق المجاور أيضا الذي يشكل مصدرا للخطر المحدق ، وأقصد هنا العمق الكردي السوري ، فهناك حاجة ماسة للمراجعة بمافي ذلك التحالفات القديمة والانفتاح على الوطنيين المستقلين وممثلي الشباب والمجتمع المدني ، ولست هنا بصدد المطالبة بالمواجهة العسكرية بل بسياسة واضحة وصريحة ، وممارسة على ارض الواقع تتجسد في دعم الكرد السوريين ، من أجل إعادة بناء وتوحيد حركتهم الوطنية عبر عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، بغالبية وطنية مستقلة ، ومشاركة ممثلي الأحزاب ، من أجل التوصل الى حركة قوية شرعية تحمل المشروع القومي والوطني وتنسق بشكل اخوي مصيري مع نهج البارزاني الخالد .
كما أن المخاطر المحدقة ، تتطلب من الأشقاء في الإقليم ، وخصوصا من الرئاسة الجديدة للإقليم بذل الجهود والعمل على ترتيب البيت الكردستاني الشامل ، وذلك بعقد تحالفات تنسيقية مبنية على أسس واضحة ، على قاعدة الاحترام المتبادل ، وتقدير خصوصيات البعض الآخر ، وعلينا الاعتراف بالواقع المؤلم الذي نعيشه الآن ، وهو انعدام وجود مؤسسة منظمة بشأن العلاقات الكردستانية بل أنها تخضع بكل أسف وفي غالب الأحيان الى أمزجة شخصية ، أو عصبيات حزبوية ضيقة ، أو قرارت فردية غير مدروسة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة