الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رغبة التغيير

محمد الشهاوي
(Muhammad Alshahawy)

2019 / 7 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بادئ ذي بدء، أود أن أعلنها بشكل صريح وواضح، أنني أُقِـر بتأثير السلطة المجتمعية علينا كأفراد، فهذا ممَّا لا يُمكننا نكرانه. ولكن ما الذي نقصده بالمُجتمع، عندما نقول: "المجتمع يقبل هذا." و "المجتمع لا يقبل ذلك." المُجتمع هنا يعني: منظومة الأفكار، والمُعتقدات، والسلوكيات التي تحظى بقبول واسع جدًا، بين الغالبية الساحقة من أفراد أي جماعة بشريَّة. هذه المنظومة تُشكل (مُحـددات) و (أُطُـر) للسلوكيات المقبولة، على الأقل ظاهريًا، والتي قد يجد المرء نفسه منساقًا إليها لا شعوريًا، مخافة أن تلفظه الجماعة خارجها. هذا الأمر يُشكل ظاهرة القطيع، والذي أسميه أنا بأثر الحشود (Crowds Effect). تفهم قوة تأثير الحشود، عندما تكون في مكان مكتظ بالناس الذين يسيرون في اتجاه واحد. عندها تحس بصعوبة تغيير اتجاهك، لأن الحشود تدفعك لا إراديًا باتجاه محدد. محاولة مقاومة هذا التيار الجارف للحشود، قد يجعلك تسقط وتدهس تحت أقدامهم. يحتاج الخروج من تأثير الحشود هذا إلى تكنيك بعيد المدى؛ إذ يمكنك إذا أردت الخروج من بوابة ما، أن تبدأ بالزحزحة التدريجية قبل البوابة بمسافة كافية. الأمر نفسه ينطبق على التغيير في المجتمع، إذ لا يمكننا افتراض حدوث التغيير دفعة واحدة، لأنه من الطبيعي أن تقاوم الحشود أي محاولة لتغيير المسار. وهذا هو السبب في اضطراري لبدء منشوري بالإقرار بالسلطة الاجتماعية. ولكن وفوق كل ذلك؛ فإنَّ ثمَّة أشخاصًا يُمكننا وصفهم بالاتكالية، دون الشعور بالحرج، لأنَّهم يتخذون من السلطة المجتمعيَّة شماعة يبررون بها عدم رغبتهم في التغيير. إنهم ببساطة، لا يريدون المبادرة. يخافون من السحق والدهس تحت الأقدام. يخشون أن يكتشفوا أنهم الوحيدين الذين خرجوا من البوابة. ينتظرون أن يخرجوا منها تلقائيًا بتدافع الحشود، كما يدورون تلقائيًا بتدافع الحشود. فإن نجحوا في الخروج ضمن مَن خرج، ضمنوا أنهم وسط قطيع آخر من الخارجين. هؤلاء ببساطة هم أولئك الذين يعطّلون مسيرة التغيير. لأنهم لا يفهمون أن التغيير هو أن ترفض الانتماء للقطيع أصلًا. وأن التغيير أن تتكتك للخروج من القطيع، لا أن تنتظر بعضًا منهم ليجرفوك معهم إلى الخارج. الحالة الوحيدة التي يمكننا فيها جميعًا الخروج من البوابة دون أن نُشكّل قطيعًا آخرًا، هو أن نخرج من القطيع فُـرادى. أن يتخذ كل فردٍ منا قرارَ الخروج بمفرده، وأن يخطط لهذا الخروج بمفرده، لا أن ينتظر تغيير القطيع أو جزء منه لاتجاهه، فينساق لا إراديًا نحو بوابة الخروج. ابدأ بالتغيير، بالتنويير تدريجيًا، ولا تقل أنه لا ينبغي وجود رجلًا صالحًا في اجتماعٍ ساقط؛ تكتيك طريقة الخروج من حشود القطيع، سينطبقُ على خدمتك لأفراد الاجتماع كذلك بتكتيكٍ يصبّ في مَصلحتِه ليذهب ويُـبلّغ. "التغيير مُمكنٌ."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر