الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في معنى الأخلاق..كيف هي عندنا؟..كيف هي عندهم؟

الطيب طهوري

2019 / 7 / 12
المجتمع المدني


- خواطر ليس إلا..

تعقد مجتمع اليوم..تداخل المصالح الفردية الفردية والجماعية الجماعية، والفردية الجماعية..كلها عوامل وظروف أدت إلى جعل الأخلااق والقيم الخلقية مسألة معقدة بدورها..إشكالية كبرى..تناولتها مختلف المدارس الفكرية والنظريات الاجتماعية والديانات..تناولها الفلاسفة وعلماء الاجتماع ورجال الدين..إلخ..اختلفوا كثيرا أحيانا..تقاربوا احيانا أخرى..
مسار البشرية عبر التاريخ..انتقالها من مرحلة إلى أخرى حتى عصرنا الحالي..كلها عوامل ساهمت في موت قيم أخلاقية ما وظهور اخرى..في ترسخ قيم في مجتمعات ما، وتغير نفس القيم في مجتمعات أخرى..
أسئلة كثيرة تطرح في واقع اليوم..محليا وعالميا..كلها تركز على معنى الأخلاق..هل هي ثابتة ام متغيرة؟..ما الذي يجعلها في مجتمع ما هكذا وفي مجتمع آخر هكذا؟..ما الفرق بينها وبين القيم؟..وقبل ذلك: ماذا نعني بالقيم؟
تعددت الإجابات..تنا قضت أحيانا..تقاربت أحيانا اخرى..
في مجتمعنا العربي الإسلامي حيث يسود الاستبداد اجتماعيا وسياسيا وثقافيا..وحيث نعيش الكثير من التناقضات بين ما ندعيه وندعو إليه وما نمارسه، تبدو المسألة أعقد بكثير مقارنة بما هي عليه حال المجتمعات المنظمة المنضبطة الديمقراطية..
لنحاول تبسيط القضية أكثر..نسأل..ونحاول الإجابة..الإجابة التي نعني ليست إجابة علمية موضوعية دقيقة..إنها تأملات ليست إلا..
لنبدأ:
ما القيم؟ ..
يبدو لي أنها مجموعة المبادئ التي يسير على هديها الفرد في مجتمعه ..سنقول بان هناك قيما دينية و قيما اجتماعية وقيم إنسانية..مثل قيم العدل والحرية والخير والاحترام والتعايش..إلخ..
ما الأخلاق؟.. إنها مجموعة السلوكات التي يتميز بها الناس في علاقاتهم بذواتهم وبالآخرين وبالطبيعة؟..
الأخلاق ترتبط بالممارسات العملية، كما يبدو لي..القيم ترتبط بالمبادئ التي تتحكم، نسبيا، في تلك الممارسات العملية..
ما هو الخلق/ السيء منها؟..ما هو الحسن؟..هل القياس هو المنفعة والمضرة؟..أم هو الحلال والحرام باعتبارنا مجتمعا مسلما في أغلبه؟..
النافع والضار نسبي..فعل السرقة للسارق إيجابي، لأنه حقق به مصلحة ما..للمسروق سلبي..
بماذا تستقيم أخلاق الفرد، بالضمير الحي أم بالخوف؟.
.لنتأمل واقعنا..لنتأمل واقع الآخرين..قصة الياباني منظف النوافذ والمصريين عمال الحديقة..
حكى أستاذ مصري زائر لجامعة طوكيو، قال:
راقبت منطف نوافذ إحدى العمارات..كان وحده..لم يكن هناك أحد يراقبه..كان يؤدي عمله على اكمل وجه..سرت في الشارع ذهابا وإيابا ، وواصلت مراقبته..لم يتغير فيه شيء..
قال: عدت إلى القاهرة..دخلت حديقة..مجموعة من العمل رأيت..على رأسهم رئيسهم..كانوا يشتغلون بجدية..بعد دقائق غادر الرئيس..ما إن اختفى حتى توقفوا عن عملهم وراحوا يثرثرون...بعد دقائق أخرى عاد..ورأيتهم يعودون إلى جديتهم في العمل..
قصة الروسي السائق في علاقته بإشارة المرور..
حكى لي تلميذ درسته في الثانوي ويدرس حاليا في روسيا..
قال: ركبت مع صديق في سيارته..في مفترق الطرق توقف..إشارة مرور السيارات كانت حمراء..كنا وحدنا..لا سيارة في اليمين أو اليسار..ألححت عليه بالتحرك ما دامت الطريقة خالية..استجاب لإلحاحي وحرك سيارته..بعد حوالي الكيلومترين توقف وعاد إلى نفس المكان في المفترق الطرقي وتوقف ولم ينطلق بسيارته حتى رأى إشارة المرور خضراء..
قارنوا بين الحالتين هناك وعندنا..ما الذي جعلهم يلتزمون باحترام العمل والقانون؟..ما الذي جعلنا نقيضا لهم تماما..
هل الأخلاق فعل فردي أم فعل اجتماعي/ ظاهرة اجتماعية؟..هل تتغير الأخلاق أم هي ثابتة لا تتغير؟..كيف هي في علاقات الحكام بالمحكومين؟..هل يمكن للمسجد أن يجعل اخلاقنا حسنة؟..أم الأمر متعلق بأمور أخرى كالمعرفة- الوعي – التنظيم – الديمقراطية؟...لماذا يتباهى المرتشون عندنا برشوتهم التي يقضون بها حاجاتهم؟..لماذا ينتحر المسؤول الذي يقوم بعمل فاسد في بعض المجتمعات لأنه لا يستطيع مواجهة مجتمعه الذي يرفض سلوكه ذلك بتذمر كبير واحتقار شديد؟..
في المقارنة: كيف هي اخلاق الآخرين في المجتمعات الأخرى، اعني غير المسلمة؟..في المجتمعات الغربية/ الديمقراطية أساسا؟..لماذا صاروا أخلاقيا أحسن منا ؟..في السياسة – في القوانين – في العمل – في الوقت – في الموقف من المرأة المرأة والرجل..إلخ
بين الإسلام والعلمانية في ميدان الأخلاق؟..
واقعيا،كيف هي أخلاق المسلمين اليوم في مجتمعاتهم؟..كيف هي أخلاق الناس في المجتمعات العلمانية؟ لماذا هي كذلك؟.. ما الأسباب؟..كيف نصير مجتمعا متخلقا بالمعنى الإيجابي؟..
المجتمعات الغربية مجتمعات علمانية..ديمقراطية ..متعددة فكرا ومعتقدا..تؤمن بالاختلاف وتشجع عليه..تخضع لقوة القانون..مجتمعات نسبة المقروئية فيها عالية جدا..تقرأ المتعدد المختلف وبشكل متواصل..مجتمعات تفكر بنفسها مستفيدة من تجارب الآخرين ماضيا وحاضرا، ومن تجاربها هي نفسها ماضيا وحاضرا..تتفاعل مع مختلف ثقافات العالم وتستفيد منها..مجتمعات تؤمن بالنسبية وتطرح الأسئلة باستمرار..
المجتمعات العربية مجتمعات ليست علمانية..ليست ديمقراطية..تكاد تكون أحادية فكرا ومعتقدا..تحارب المختلف .. تخضع لقانون القوة.. تميل إلى اليقينية والمطلق..تكتفي بالجاهز الفكري والديني..لا تطرح الأسئلة إلا نادرا..تتميز بالكسل العقلي والميل إلى التقليد..مجتمعات نسبة المقروئية فيها ضعيفة جدا..تقرأ المتشابه ( الديني غالبا)..تعتمد في تفكيرها على الريعية ..قال فلان عن فلان من الأسلاف عند الإسلاميين وهم الأغلبية الساحقة المسيطرة على أذهان ومشاعر الناس من خلال آلاف المساجد وآلاف الدعاة.. أو قال فلان من الغرب عند الحداثيين وهم قله لا تأثير لهم على المجتمع كونه مجتمعا لا يقرأ لهم أصلا .. تكاد تعادي ثقافات الآخرين بإطلاق، باستثناء ثقافة الصورة السطحية..لا تتفاعل مع الإبداع بمختلف أنواعه باستثناء الغناء السطحي الذي لا يضيف شيئا للمشاعر والمخيلات.... النتيجة: عقول جامدة فكرا..مشاعر بليدة لا تتفاعل مع الحياة والناس..تتفاعل أثناء المناسبات كفعل تجاري هدفه نيل الحسنات من أجل الآخرة، لا كفعل إنساني نابع من ضمير صاحبه ومتواصل الوجود باستمرار..مخيلات ضعيفة....
النتيجة: لا إبداعا فكريا ولا فنيا..
نحن مجتمعات عنف بامتياز..عنف لفظي وعنف جسدي في علاقات الأفراد والجماعات..لماذا؟..
إنه اليأس العام..إنه العجز..
من الذي أوصلنا إلى ذلك؟..
إنها انظمة الاستبداد غير الشرعية التي تحكمنا وتتحكم فينا، وتعمل على ترويضنا بشكل مستمر من اجل ان نخضع لها حتى تبقى في السلطة وتحافظ على مصالحها المتراكمة الناتجة عن النهب العام..
العنف اللفظي والجسدي الفردي والجماعي إذا ما وجد قوة ما توحده ( توحد أفراده وجماعاته) يتحول إلى عنف مؤسس، خاصة إذا كانت تلك القوة دينية تخاطب في الناس مشاعرهم الدينية وتستغلها للتحكم فيهم وتوجيههم وفق ما تريد..هكذا كانت الحال في عالمنا العربي، حيث كانت القوى الأصولية هي تلك القوى التي حققت ذلك التوحيد..وكان من ثمة ما يسمى بميليشيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تركز أساسا على محاربة الحريات الشخصية والفكرية ، ثم العنف المسلح ( تجربة الفيس عندنا) ..والمتعدد ايضا (كما لوحظ في سوريا وليبيا والعراق..)...ولأن هذا العنف ارتبط بالجهل الاجتماعي العام كان عنفا لا عقل له..عنفا أتى على الأخضر واليابس..وفتح المجال لأنظمة الاستبداد ذاتها لتجعل منه سلاحها وتستغله كوسيلة ترويض أخرى للمجتمع، من خلال الانخراط فيه بمخابراتها وتوجيهه بما يخدمها ويزرع الخوف ،وبعمق، في نفوس الناس، ويشل من ثمة حراكهم الاجتماعي ونضالهم السلمي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة السوريين بين نار العنصرية في لبنان وجحيم الحرب في ب


.. نافذة إنسانية.. تحذيرات من عودة المجاعة إلى شمال قطاع غزة




.. تجدد المظاهرات المطالبة بإبرام صفقة تبادل الأسرى في تل أبيب


.. الأمم المتحدة تدرج قوات الأمن والجيش الإسرائيلي ضمن قائمة من




.. تدفق النازحين من مالي يزيد الضغط على المصالح الصحية