الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام و«سوق» الفتاوى!

فهد المضحكي

2019 / 7 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإعلام و«سوق» الفتوى عنوان الفصل الخامس من كتاب «الدين والإعلام في سوسيولوجيا التحولات الدينية» للكاتب رشيد جرموني، الكتاب أحد إصدارات مجلة الفيصل السعودية يتحدث عن موضوع الفتوى الذي يعتبر إحدى الثيمات في الحقل الديني الأكثر إثارة للجدل اليوم.

فإذا كانت ثمة تحولات دينية تشكل مجالاً للنقاش والجدال، فإن صناعة الفتوى كما يوضحها جرموني دخلت مرحلة جديدة مع الثورة التكنولوجية في عالم «الميديا الدينية» إلى درجة أصبح معها المشهد الديني في حالة من «الفوضى» والاحتراب والتشظي والجدل سواء على مستوى اليقينيات الفقهية أو المذهبية أو على مستوى الممارسات الطقوسية أو من خلال التعاملات اليومية، ومن التحذيرات التي يطلقها يجب الانتباه إلى أن الفتوى كانت دائمًا بؤرة للتوتر بين السياسي والديني والايديولوجي سواء بين مالكي السلطة المادية أو الرمزية أو بين التوجهات الدينية والسياسية والفقهية التي كانت تعيش في حالة صراع سواء كان ظاهريًا أم خفيًا حول من يملك الشرعية والمشروعية الدينية؟ ومن يستطيع ضمان تبعية المجتمع له؟ ومن يقدم نفسه كوصيٍ على الدين وعلى تأويله وعلى تقديم قراءة تتفق مع توجهات الدولة والأمة في مرحلة زمنية معينة.

وكما يرى «جرموني» لقد أظهر استقراء العديد من الوقائع والأحداث التي مرت بالتجربة الإسلامية ماضيًا وحاضرًا، إن التحكم في مصادر الفتوى والمفتين، يعد حد الأولويات التي كانت تشغل الحاكم في تدبير الحياة السياسية والدينية ولاسيما في مراحل التوترات والنزاعات والانقلابات والانتفاضات، لعل آخرها ما وقع فيما يسمى «بالربيع العربي» عندما جرى اللجوء، للمفتين – خصوصًا الرسميين – لتحريم الخروج على الحاكم؟ أو تحريم القيام بتظاهرات سلمية بعد صلاة الجمعة؟ أو من خلال تحريم خروج المرأة في التظاهرات السلمية بجانب الرجال مما عُدّ «فتنة» وفسادًا كبيرًا بيد أن بداية من العقد الأخير من القرن العشرين، بدأت تبرز عوامل التحول الكبير الذي طال مجال الفتوى، إذ مع الثورة الرابعة (التكنولوجية) لم يعد ممكناً ضمان استمرارية الاجهزة الدينية الرسمية في احتكار الفتوى، بل برز فاعلون جدد، تملكوا جزءًا من المعرفة الدينية، وعملوا على استغلال ذكي لمنتجات التكنولوجيا، واستطاعوا أن يمكنوا لفتاواهم عبر سوق دينية متنوعة وغير متجانسة ومتعددة الخطابات والجمهور والمستقبلين، وهو ما خلق شبه «فوضى» عارمة في صناعة الفتوى والفتاوى والمفتين وما الى ذلك من متعهدين كثر، استثمروا في أقدس رأسمال رمزي يملكه المسلمون وهو «الحامل الديني»، من دون شك فإن الفتوى لم تكن دائمًا وأبدًا مجالاً محصورًا للجهاز الرسمي للدولة، بل شكلت على مدار التجارب التاريخية للمسلمين، مجالاً لتداخل بل تنازع الرسمي مع الفردي، المؤسسة مع العالم!.

فإذا كان ثمة فتاوى دينية رسمية دعمت قيم التسامح والتعايش مع الآخر، فإن فتاوى التنظيمات الإرهابية حرضت على العنف ونشر الكراهية ونبذ الآخر! وبشيء من التفصيل ذكرت جريدة الوطن المصرية الإلكترونية إن المؤشر العالمي للفتوى، حلل الفتاوى الخاصة بالتعايش مع الآخر من خلال رصد ما يقرب من (1500) فتوى تنوعت بين المؤسسات الدينية الرسمية، والتنظيمات الارهابية وتوصل من خلال الرصد والتحليل الى أن: فتاوى تعزيز قيم التسامح والتعايش مع الآخر شكلت (25%) من فتاوى المؤسسات الإفتائية الرسمية، وجاءت أحكامها بنسبة (100%) داعية إلى التسامح والتعايش وقبول الآخر وإرساء دعائم الحوار.

في حين شكلت فتاوى التسامح والتعايش مع الآخر (49%) من خطاب التنظيمات المتطرفة الارهابية، وجاءت أحكامها بنسبة (100%) هادمة لأسس التعايش والتسامح وناشرة الكراهية ومعادية لفكرة التعدد، بل جاءت أغلب أحكامها متعصبة ومحرضة على العنف والإرهاب وناسفة لفكرة الحوار.

وبيّن مؤشر الفتوى، إن أحكام فتاوى المؤسسات الدينية حملت دلالات إيجابية للتعامل مع الآخر، حيث حثت على احترام عقائد الآخر ودور عبادتهم، وحسن الجوار، والتهنئة في المناسبات، وجواز بناء كنائس، وتبادل الهدايا، وترسيخ قيم الحوار مع أهل الكتاب وغيرها من الامور التي تعضد من فكرة الاخوة الانسانية والتعددية الدينية.

في المقابل حملت فتاوى التنظيمات المتطرفة، أحكامًا ذات دلالات سلبية في التعامل مع الآخر، وكانت مجملها دعوات عنصرية، حثت على نبذ الآخر ورفضه بالكلية! واحتوت فتاوى المتشددين على الفاظ عنصرية ضد الآخر مثل: وصف ديارهم بدار الكفر، ومن ثم تجريم بناء الكنائس، وتحريم تهنئتهم، وتحريم إلقاء السلام عليهم، وتحريم توظيفهم في أماكن مهمة أو ما شابه، في توجه مخالف للشرائع وحقوق الإنسان.

للباحث العراقي الأكاديمي حسام كصاي كتاب بعنوان «النص والرصاص» وهو موجز تاريخ الاسلام السياسي وبحسب الموقع الالكتروني (أمان) يقول كصاي: يعد أهم اتجاه في تيارات الاسلام السياسي هو من يتبنى العنف والارهاب والترهيب وعلى أسنة الرماح وفوهات البنادق واناشيد من الفولكلور الجاهلي ورقصات الجثث، معتقدين – جزافاً – إن الاسلام يرفض طاولة الحوار البناء والدعوة بالتي هي أحسن، ولم يستقم قوادمه بدون مزيد من إراقة الدماء وعصف المفرقعات، ودوي النابالم وقصف قذائف المورتر والمدافع الرشاشة ومنصات دينية لإطلاق «فتاوى الكترونية» عبر منابر ضرار من أجل جهاد سياسي عقيم يشرح كصاي طرق وأدوات العنف الأصولي التي تستخدمها تيارات الاسلام السياسي وفق نظرية «النص والرصاص» التي اعتمدها منذ البداية من خلال التفسير الحرفي للنصوص الدينية التي تتعلق بها تيارات العنق دون مراعاة الظروف والنوازل والمستجدات التي تتغير مع مرور الزمن أو مراعاة العوامل الداخلية والخارجية التي تحيق بالعالم العربي الاسلامي والتعامل معها من منطلق أنها رهانات حقيقية لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها فيجعلنا لا نصل إلى حل قانوني أو تفكير علمي يفضي إلى مخرج آمن، ومن ثم ينتج شروخًا كبيرة وفجوة عميقة بين النص والواقع نتيجة لجمود التفسيرات وغلق باب الاجتهاد وإقصاء العقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل نحن بحاجة الى فتاوى في عصر العلم؟؟
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 7 / 13 - 12:12 )
يروي المسلمون حديثا عن النبي محمد في قضية تابير النخل والفساد الذي حل بها ( انتم اعلم بامور دنياكم) . فاذا صح هذا الحديث فهل نحن بحاجة الى فتاوى لتسيير حياتنا ونحن في عصر العلم والتكنولوجيا واختلاط الامم بعضها ببعض ـ اي اصبحت الكرة الارضية كـ كمزل للجميع ـ وما يضر مصالح الاخرين له انكاسات خطيرة على مصالحنا؟. هل نحن بجاجة الى مفتي بخدر عقولنا ويحرم علينا الخروج على الفاسقين مع ادعاءهم بان الخليفة الثاني سئل عن مصدر القميص الذي كان مرتديه؟. الم تقل الآية اطيعوا الله والرسول واولي الامر منكم (ليس حصرا على الحكام) وان اختلفتم في شيء فردوه الى اللله والرسول والرد الى الله والرسول يعني التحكيم بالقرآن والقرآن يلعن الظالمين والمنافقين فكيف تستطيع عقول المؤمنين بالتصديق بحرمة الخروج على الحكام الظالمين؟؟. من اين اتت شرعية الحكام؟؟. اتت من الغلبة والبقاء للاقوى وفي عصرنا هذا لا معنى لعشأئر تحكمنا والحم للشعب يختار حكامه بحرية كما هو مشرع في البلدان الديموقراطية. اخي الكريم. ان كثرة المفتين اوقعت الامة المنكوبة في حيص بيص ولا خلاص لها الا بابعاد المفتين عن شئون الحياة وحصرهم في المساجد.


2 - هل نحن بحاجة الى فتاوى في عصر العلم؟؟
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 7 / 13 - 15:58 )
يروي المسلمون حديثا عن النبي محمد في قضية تابير النخل والفساد الذي حل بها ( انتم اعلم بامور دنياكم) . فاذا صح هذا الحديث فهل نحن بحاجة الى فتاوى لتسيير حياتنا ونحن في عصر العلم والتكنولوجيا واختلاط الامم بعضها ببعض ـ اي اصبحت الكرة الارضية كـ كمزل للجميع ـ وما يضر مصالح الاخرين له انكاسات خطيرة على مصالحنا؟. هل نحن بجاجة الى مفتي بخدر عقولنا ويحرم علينا الخروج على الفاسقين مع ادعاءهم بان الخليفة الثاني سئل عن مصدر القميص الذي كان مرتديه؟. الم تقل الآية اطيعوا الله والرسول واولي الامر منكم (ليس حصرا على الحكام) وان اختلفتم في شيء فردوه الى اللله والرسول والرد الى الله والرسول يعني التحكيم بالقرآن والقرآن يلعن الظالمين والمنافقين فكيف تستطيع عقول المؤمنين بالتصديق بحرمة الخروج على الحكام الظالمين؟؟. من اين اتت شرعية الحكام؟؟. اتت من الغلبة والبقاء للاقوى وفي عصرنا هذا لا معنى لعشأئر تحكمنا والحم للشعب يختار حكامه بحرية كما هو مشرع في البلدان الديموقراطية. اخي الكريم. ان كثرة المفتين اوقعت الامة المنكوبة في حيص بيص ولا خلاص لها الا بابعاد المفتين عن شئون الحياة وحصرهم في المساجد.

اخر الافلام

.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran


.. 95-Ali-Imran




.. مستوطنون يغنون رفقة المتطرف الإسرائيلي يهودا غليك في البلدة