الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حکومة تخطت حاجز الامر الواقع

نزار جاف

2006 / 5 / 10
القضية الكردية


إعلان التشکيلة الجديدة لحکومة إقليم کوردستان الموحدة في إربيل في وسط أجواء إحتفالية ـ بروتوکولية غير مسبوقة، منحت مرة أخرى الامل للشعب الکوردي بإمکانية بناء حياة حرة کريمة و النظر بتفاؤل صوب المستقبل.
التشکيلة التي ضمت30 وزيرا، بينهم الى جانب وزراء من الحزبين الرئيسيين، وزراء آخرين من الاحزاب الکوردية و غير الکوردية و من التکنوقراط و المستقلين، هذه التشکيلة التي سعى السيد نيجيرفان البارزاني رئيس الحکومة الجديدة أن يرسم خطوطا عامة و خاصة لمساراتها وفق سياقات تبعث على الامل للسير بالإقليم الى غد أکثر إشراقا و العمل لدؤوب لطي صفحة الماضي بصفحة جديدة تعکس طموحات کبيرة للتحدي على مصاعب داخلية و على الوقف بوجه تحديات خارجية.
رئيس حکومة إقليم کوردستان الذي کان واضحا في کلامه، کان التفاؤل يبدو جليا في نبرة کلامه و في قسمات وجهه التي کانت تحاول أن تکبح ملامح إبتسامة نصر عريضة في التغلب على العقبات و المصاعب الداخلية و توحيد الحکومة، فإن الإبتسامة ذاتها کانت تأخذ سياقا حذرا مع رئيس إقليم کوردستان السيد مسعود البارزاني المعروف بالهدوء و الرزانة، ذلک إنه ومع کونه متفائلا غير إنه کان يسعى وبشکل لايخفي على المراقب من الإغراق في تفاؤله، ولعله حين طلب أن تکون خامس تشکيلة وزارية للحکومة الإقليمية منذ قيام تجربة برلمان و حکومة إقليم کوردستان، حکومة"خدمات" وليس حکومة"صراعات"فقد کان يريد التلميح للشعب الکوردستاني من إنه على علم و دراية کافيتين بما يجول في أنفس و خواطر الشارع الکوردستاني، بل وإنه حين أفصح من أنه سوف يکون هناک قسم في ديوان رئاسة الاقليم لمتابعة الحکومة و تقبل الشکاوى و الإقتراحات، فقد أعطى إشارة مريحة للشعب الکوردستاني من حيث أن عمل و مصداقية البرنامج الحکومي الطموح الذي نوه عنه رئيس الحکومة، سوف يکون تحت أکثر من مجهر و مرصد، کما إن الرئيس البارزاني حين أکد على ضرورة قيام مؤسسات المجتمع المدني و سيادة القانون، فإنه کان يريد أن يبعث رسالة قوية للعالم عن المحتوى الحضاري الذي يطمح شعب کوردستان و قواه السياسية الى تحقيقه .
السيد نيجيرفان البارزاني الذي هو في عز شبابه، يشهد له المقربون منه بحرکته و نشاطه الدؤوبين و حرصه على متابعة کل شاردة و واردة تتعلق بنشاطات الحکومة و برامجها مهما کان حجمها، لکن المعروف أيضا عن هذا السياسي الذي عاصر الکثير من الملمات في عدة عقود حرجة عاشتها حرکة التحرر الکوردية و مر بها الشعب الکوردستاني، إنه ليس من النوع الذي يعکس مواقف سريعة تتسم بالإنفعالية من حالات القصور أو الخطأ"المقصود" من العاملين تحت إمرته، وإنما هو يحاول جاهدا و الى آخر"مدى ممکن"لإصلاح حالة القصور أو الخطأ وعدم فقدان عنصر أو کادر حکومي بسبب من ذلک، بيد إن کيله إذا طفح فلا مناص من موقف حدي يتخذه يحرص على السياقات القانونية و الادارية فيه.
وإذا نظرنا الى حفل إعلان التشکيلة الوزارية الخامسة و حضور سفراء دول مهمة و حساسة الى جانب ممثل للسيد کوفي عنان الامين العام للأمم المتحدة، مع ممثلين عن تيارات سياسية عراقية ناشطة، ناهيک عن شخص السيد عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية الذي حرص في خطابه على مداعبة الأحاسيس الوطنية و القومية للشعب الکوردي، فإن هذا الامر قد أعطى إنطباعا واضحا للسيد رئيس حکومة الإقليم و وزرائه الثلاثين من إن فترة حکم التشکيلة الخامسة، مختلفة کليا و جذريا عن کل الفترات السابقة، کما إن نجاح أو إخفاق هذه الحکومة سوف يدل على معاني و إستنتاجات و تداعيات متباينة سوف يأخذها السيد البارزاني في الحسبان و يعمل بکل ماأوتي من قوة و جهد لدفع مرکب حکومته الى شطآن النجاح و ليس العکس.
حکومة الاقليم الموحدة تواجه عدة ملفات ساخنة داخلية لعل أهمها الفساد الاداري و المالي الذي بات الشارع الشعبي الکوردي يأن من وطأته، کما إن الغلاء الذي بات يتصاعد بوتائر مقلقة مضافا الى أزمات السکن و الوقود و المياه و المرافق الخدمية، کل ذلک سوف يکون بمثابة بطاقات حمراء مشهورة بوجه الحکومة و رجالها الجدد، وقد يکون من المشروع أن يتفائل المرء حين يرى أن العديد من الوجوه السابقة لم يعد لها مکان في هذه الحکومة وهو أمر قد يعني أن هناک ثمة عزم واضح لمقارعة الفسادين المالي و الاداري في شتى المرافق الحکومية سيما وإن بعض المصادر"الاعلامية" المقربة من الحکومة الجديدة سربت أنباءا عن خطة تغيير في الکثير من المناصب الحکومية الحساسة التي لم يکن أدائها السابق بمستوى الطموح أو کان"مبعث للقلق".
هذه الحکومة التي يعلم کل مواطن کوردي يعيش في ظلها، إن أعين دول الطوق الکوردي مسلطة ليل نهار على کل مايخص هذه الحکومة، وإن کل نجاح و تقدم و إزدهار لها سوف ينعکس سلبا على عواصم تلک الدول، ولعل التلميحات"التطمينية" لکل من السيدين مسعود البارزاني و نيجيرفان البارزاني الى تلک الدول تدل بشکل جلي أن التجربة السياسية الکوردية المثيرة للجدل و القلق في ظل خامس حکومة لها، تريد أن تعمل بهدوء وسط العواصف و تمد يدا فيها غصن زيتون نضر لهذه العواصم، لکنها وفي نفس الوقت ومن خلال حفل تدشين عملها الذي تميز بمناخ بروتوکولي دولي، تريد من هذه الدول أن تفهم بوضوح من أن تجربة برلمان و حکومة إقليم کوردستان قد عبرت مرحلة "الامر الواقع" و لا مناص من تقبله و التعامل معه خدمة للسلام و الامن في المنطقة وإن محاولات تقويض أو "وأد"هذه التجربة قد بات في حکم المحال و هو جهد يستند على العبث و لاطائل من ورائه مطلقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون