الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيوعيون في الذاكرة

عدنان يوسف

2019 / 7 / 18
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


العام ١٩٧٤ :
ابدى عدد من الطلبة الاردنيين والفلسطينيين ، الدارسين بجامعة بغداد رغبتهم بزيارة الحي الشعبي الشهير بيساريته في محافظة الديوانية "محلة اهل الشط" والالتقاء فيه باشخاص بعينهم ؛ المناضل الشيوعي المخضرم والمثقف الفطري "عبدالله حلواص" والشيوعي العتيد (شبيه ستالين في الشكل) كيطان ساجت "ابو عمش .
جرى الاعداد للسفرة بتنظيم المواعيد والبرنامج وسارت الامور على ما يرام ، ابتدأنا بجولة على الاقدام في مركز مدينة الديوانية ، وجرى تقسيم الوفد الكبير نسبيا الى مجموعات صغيرة لتجنب اثارة انتباه "الأمن" . وبطريقة احترافية تم الدخول الى بيت ابي عمش في حي اهل الشط حيث كانت الشخصيات "المطلوبة" حاضرة قبل الموعد بنصف ساعة ، فكانت ليلة لا تنسى ، اجتماع ساد فيه الاحمر "الخطر" ، احاديثه والوان ستائر الغرفة وحتى شايه (الكجرات) ، تحدث "الرفيق"حلواص (الذي يسميه الشاعر كزار حنتوش "ذو السترة") عن ذكريات ايام النضال وملاحقة شرطة الحكومات المختلفة ورد على اسئلة الضيوف الكثيرة بجو من الالفة والمحبة كأنه يعرفهم منذ سنين طويلة ، ثم تحدث باسهاب في مسائل نظرية بطريقة مبسطة ولم ينس العروج على مسألته الاثيرة حول الصدفة والضرورة . وفعل ابو عمش الشيء نفسه ، حديث الذكريات وبعض طرائفها رغم القسوة والمرارة التي رافقتها .
في اليوم التالي جرت انتقالة بالطريقة ذاتها الى بساتين العفالجة بضيافة الشيخ هادي جلاب (ابو نصر) كان اجتماعا اشبه بمؤتمر حزبي القيت فيه كلمات وجرت مناقشات . تحدث الاردنيون عن الحزب الشيوعي الاردني والفلسطينيون عن الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين وقرأ العراقيون قصائد مظفر النواب بناء على طلب الضيوف . قسمت الجلسة وكانت تحت الشمس وبالهواء الطلق بين النخيل واشجار الرمان ، قسمت الى جزئين يفصل بينهما غداء . في الجزء الثاني قدم الاردني الطالب في كلية الصيدلة ، محمد كمال ذيب (ابو سريان) ، تقريرا مفصلا عن نشاط الحزب الشيوعي الاردني لاقى استحسان الحاضرين . محمد سيذهب في العطلة الصيفية بعد شهور قليلة الى الاردن ، يعتقل هناك ويسحب جواز سفره لمنعه من العودة الى بغداد. ستزوده الجبهة الديموقراطية بهوية خاصة وبإسم حركي يجتاز بها الحدود العراقية وبعد شهر واحد من دوامه في كليته يعتقله "الامن" العراقي هذه المرة ، وبعد اطلاق سراحه ، يقلبون ايامه جحيما . واخيرا يلقون به من الطابق الثالث من بناية ببغداد ، الى الشارع ، يقضي اسابيع فاقدا الوعي في مستشفى الجملة العصبية قبل ان ينقل الى عمان ومنها يرسله الحزب الشيوعي الاردني الى الاتحاد السوفييتي (السابق).
للاسف لا اتذكر كل اسماء الوفد الذي استقبل الضيوف في الديوانية ، اتذكر منهم الان سعد نجم عبود السقا وهادي ابو دية وقاسم شاتي وفاضل جاسم ، وهذا الاخير له حكاية شبيهة بحكاية الاردني ابو سريان . فاضل طالب في كلية طب الاسنان بجامعة بغداد ، تعرض لاعتداءات عديدة من قبل الشرطة الطلابية (الاتحاد الوطني) و"رجال" الامن وجرت محاولة لاغتياله ليلا في شارع الكفاح ببغداد واخير قامت اجهزة القمع الدكتاتورية بتغييبه سنة ٨١ ولم يعثر على اي اثر له حتى بعد سقوط نظام الدكتاتور صدام حسين .
ولأحد اعضاء الوفد الزائر ايضا قصة شبيهة ، العراقي الكردي عبد الملك بشير من دهوك . تخرج في السنة التالية من كلية الصيدلة وكان يدرس على نفقة وزارة الدفاع ، سينكشف امره كشيوعي (وحسب رواية لا يعرف مدى صحتها) يحمله صديق ، متنكرا ، الى الشمال ثم بجواز سفر مزور الى السويد . لكن لا يعلم اي منا شيئا عن مصيره . فهو قد اختفى منذ ذلك التاريخ والى الان .
وعراقي آخر سعد ناجي ، كلية الصيدلة يهرب سنة ٨١ الى يوغسلافيا ومنها بعد سنوات الى سويسرا ويبقى في المنفى لثلاثين سنة ، يعود بعدها الى الوطن فيجد الوضع سيئا كما تركه قبل مغادرته ، لكن يصر على البقاء ، يشارك في تظاهرات التحرير ويقضي بقية اوقاته يتنقل بين مقاهي الباب الشرقي واتحاد الادباء (قبل ان يتحول الاتحاد العريق الى صالة للعبة الدمبلة) حيث ترفض السلطة "المنتخبة ديموقراطيا" منحه الحقوق بسبب تاريخه الذي لا يروقها ، وهي الحقوق التي اغتصبها الدكتاتور سابقا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |