الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء الفريزا : حين تتحول المراة الى رجل . و مازق نظرية الهيمنة الذكورية لبيير بورديو

الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)

2019 / 7 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حضرت عملية تسجيل الراغبات في العمل في حقول الفرولة او الفريزا باسبانيا ، فاستوقفني الكم الهائل و العدد الكبير من النساء و الفتيات و المطلقات و حتى العجائز ، تدافع و صراخ و حرب نسوة من اجل الوقوف امام اللجنة حيت الامل في عبور الحدود نحو اسبانيا من اجل مصدر رزق بارد ؟؟
لكل واحدة حكاية ، تبدا بازمة و تنتهي بمجرد امل في التخلي عن كل شئ ، الابناء و الرجل و الدار و العائلة و الاسرة و حتى الجلباب و القيم ؟؟؟
امراة عجوز تجلس اما م اللجنة يخبرها المسؤول ان طلبها لا يمكن ان يقبل لان سنها تجاوز الخامسة و الاربعين ؟؟ العجوز لم تصدق ما سمعت بقيت تتوسل لان قبول طلبها و الدهاب الى اسبانيا من اجل العمل هو الامل الوحيد للانفاق على ابناءها المرضى ، ترفع صوتها و هي تؤكد انها قادرة على العمل ولربما احسن ممن هن اصغر منها سنا ؟؟
حكايات كثيرة ، بلا شك هي حكايات تختلف تفاصيلها و شخوصها لكنها تقود الى نتيجة واحدة الهروب و باية وسيلة ممكنة .
ربما الحدث يبدو في ظاهره هو انجازايجابي يرسخ المجهود المبذول من وكالة الانابيك ، و هوعلى كل حال جهد مشكور من اجل العمل على تخفيف العبء على من يعشن وضع الفقر و الهشاشة ، كما ان تهافت النسوة و تدافعهن لدرجة العنف من اجل الحصول على امل للهروب من واقع صعب وعصي على القبول به و التعايش معه .
الحدث هو مؤشر دال و كثيف يساءل السياسات العمومية و لربما هو شهادة حية و ناطقة على فشلها و تعاليها على هموم المواطن البسيط و الذي أصبح يبحث عن الحياة خارج الوطن ، من خلال كل البحث عن كل الطرق للهروب منه . .
ربما الحدث يقود لى طرح السؤال الّأساسي و المهم ، لماذا هذا التهافت من اجل الهروب ربما نكون اما حالة عجز لفهم الاسباب العميقة للحدث و ان كانت فرضية الفقر من أكثرالفرضيات قبولا ؟
لا احد يشكك في فرضية الفقر كسبب رئيسي للهروب و البحث عن حلول بعيدا عن الاهل و الاسرة و الوطن ، لكن هذا الفرضية تبقى صحيحة جزئيا لاسيما اذا ما عرفنا ان بعض النسوة ممن لا يملكن حتى دقيق اليوم ، ومع ذلك يرفضن فكرة العمل في مزارع اوربا حيت البرد و ضياع الحشمة و انهيار الاسرة ؟؟
النزوح الكبير يعكس حالة فشل مزدوج فشل الدولة والمجتمع معا في بناء اسرة متماسكة قادرة على الصمود و البقاء متوحدة حتى في اقسى اللحظات ؟
قد نفهم وضعية المطلقة و الارملة بالبحث عن مصدر عمل في حقول باردة ، و لربما في ظروف غير معروفة بسبب ان وضعهن الاجتماعي .
الملاحظة التي تحتاج الى الكثير من التفكير و المساءلة و التي يمكن اعتبارها كعنوان للتحولات مؤلمة في النسق القيمي المغربي هو كثرة المتزوجات الراغبات بالدهاب الى اسبانيا و يحملن في ايديهن تراخيص بمثابة موافقة من الزوج بالدهاب الى هناك حيت بعض المال ؟؟
حين يتخلى الرجل الشرقي عن كبريائه و يحضر مع زوجته مع الترخيص لها بالدهاب في رحلة الى مجهول ربما ظاهرها حقول الفريزا و لربما قد تتحول بعضهن الى فيرزيا نفسها تؤكل كطبق بشري كما حددتها لوحة الفنان السوريالي مارغريت ، بحسب الكثير من الشهادات لصادمة عن معاناة العاملات ؟؟
حين يوافق الزوج على ترك زوجته تذهب بعيدا عنه معناه انهيار اخلاقي وقيمي ، و ان الاسرة المغربية و القروية قد فقدت مقومات تماسكها و ان وحده المال يجمع الاسر و يفرقها وهو ما يمكن ملاحظته في كثرة عدد المطلقات بما يفسر عمق الأزمة و تجدرها .
ضعف القيم المجتمعية و انهيار كبرياء الرجل الشرقي و ضعف الوازع الديني وهو ما يؤشر على افول الواجب الديني و الاجتماعي كقيم محافظة تضمن تماسك الاسرة ، حيت الرجل هو المسوؤل عن البيت و الاخلاق ، اما هيمنة و سيطرة المال كسيد جديد فهو عنوان تحول جديد يجعل الاسرة تحت سيطرة المال ، حيت الحصول عليه يفترض التخلي عن كل شئ بما ذلك قيم الدين و المجتمع .
ربما ضعف السياسات العمومية و تجاهلها للمسالة الاجتماعية منح فرصة لكي تسود قيم الهشاشة والتراخي بما نتج عنه انهيار شبه كامل للاسرة باعتبارها اداة لبناء الاخلاق و الكرامة و الحفاظ عليهما ، لان الحفاظ على الاخلاق يقتضي اساسا حماية المرأة والحفاظ عليها و ليس تسريحها من اجل البحث عن المال خارج الوطن وخارج العقيدة و خارج القيم الاسلامية و المجتمعية .
الاكيد ان النزوح الجماعي للمراة هو مؤشر هلى عمق العطب و دلالة على سياسات عمومية غير منتجة في مجال التشغيل و القضايا الاجتماعية ، لربما الحدث يمنح فرصة للتفكير و العمل من اجل ضمان كرامة المواطن ، ما يمنعنا من تشجيع اقتصاد فلاحي لغرس الفريزا بارضنا ، و بدل ان تتهافت النساء على مغادرة الوطن نجعل من الفيرزا زراعة وطنية تغرس بايدي مغربية و تجنى بايدي مغربية بدل مسلسل الهروب كحدث مؤلم
. نساء الفيريزا او العاملات الباحثات عن عمل بعيدا عن الاهل و الاسرة و خارج الوطن من اجل ضمان حد ادنى من العيش لاسرهن ، الملاحظة الاساسية تتمثل في كون شروط العمل في حقةل الفريزا باسبانيا تشترط على المراة المتزوجة موافقة الزوج ،
اغلب العاملات متزوجات او مطلقات ، ان الامر لا يطرح أي مشكلة بالنسبة للمطلقات فان الامر يختلف بالنسبة للمتزوجات و اللواتي يحصلن على موافقة الزوج من اجل اكمال شروط العقد ، الامر يقول الى اثارة ملاحظة اساسية تتثمل في انقلاب الادوار الاجتماعية حيت يتكفل الزوج برعاية الابناء بالمنزل و تخرج المراة الى العمل ليس خارج البيت فقط و لكن خارج ارض الوطن .
الامر يقود الى استنتاج فكرة اساسية ان المراة في ظل غياب الحماية الاجتماعية قد تحول الى رجل مهمته توفير ضروريات العيش في ظل ظروف صعبة و قاسية .
الامر يقود الى ضرورة مراجعة تصورات بيير بورديو في تصوراته حول الهيمنة الذكورية حين ناقش مركزية الرجل الرجولية و هامشية المراة حيت توضع المرأة في الهامش هي واقع ملموس يكشف عنه تشريح اللاشعور الجمعي للعديد من الشعوب المتوسطية الجزائر نموذجا بحسب دراسة بيير بورديو .
مفهوم الهيمنة الذكورية مرتبط بالعنف الرمزي الممارس على المراة بالمجال العام و الخاص و تشكل الهيمنة الذكورية شكلا راقيا من أشكال العنف الرمزي ، حيت اعتبار امراة كائن دوني تمارس عليه السلطة و لا يمارسها و ربما وظيفته محصورة في الفضاءات الخاصة مثل البيت و الوظائف الغير المقبولة من طرف الرجل .
يشير بورديو في تفسيره للهيمنة الذكورية انها هيمنة مؤسسة على اسس و بناءات لا شعورية متمثلة في شكل سلوكات و انماط تصرف مالوفة هابيتس .
غير ان واقعة نساء الفريزا و ذهاب الناساء المتزوجات الى العمل بموافقة ازواجهن الذين يتكلفون بامور البيت يعكس تحولا عميقا في طبيعة و اسس المجتمعات المحافظة , مما يقود الى اعادة مساءلة اسس نظرية بيير بورديو حول الهيمنة الذكورية و التي اصبحت غير قادرة على استيعاب التحولات المتسارعة و التي قلبت الادوار الاجتماعية بين الرجل و المراة و بين الزوج و الزوجة , فالمراة اصبحت هي من تتحكم في كل تفاصيل الاسرة و هي من تملك سلطة القرار لاتنها هي من تملك اليلت تمويل تكاليف الحياة المرتفعة .
نساء الفريزا يكشفن تحولات اجتماعية متسارعة مما يعني ضرورة اعادة قراءة هذا الواقع الاجتماعي خارج اطر نظرية بيير بورديو المتعلقة بالهيمنة الذكورية . لان مفهوم الهيمنة لم يعد مرتبطا ببناءات لاشعورية تمثل الموروث الاجتماعي لمجتمع ما , مستبطن في نسق اللاشعور الجمعي , لكن الهيمنة مرتبطة بالوضع الاقتصادي و المادي للرجل او المراة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير