الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيخ سعيد وثورته

رستم محمد حسن

2019 / 7 / 20
القضية الكردية


ولد الشيخ سعيد بن الشيخ محمود بن الشيخ علي ( البالوي )في قضاء بالو بولاية ” لازغ ” ١٨٦٥ ، بكُـردستان تركيا، وكان جده الشيخ علي قد استقر في ( بالو ) و نسب اليها .
وتلقى الشيخ سعيد تعليمه الأولي على يد والده و بعض مريديه، حيث تعلم أولا حفظ القرآن و مبادىء القراءة و الكتابة، ثم درس الفقه و الشريعة الاسلامية، وبعد أن أنهى دراسته، أصبح عالما معروفا كان من حقه منح شهادات الاجازة والتدريس لطلاب العلم الذين يكملون دراستهم على يديه، وبعد وفاة والده انتقلت اليه الزعامة الدينية، واصبح مرشدا للطريقة النقشبندية في بالو، وقد بلغ عدد مريديه وأتباعه حوالي اثنتي عشرة ألفا، كان من بينهم العديد من الترك، أما البقية فكانوا مــن الكُـرد.
وكان الشيخ سعيد مع اخوته احد اغنى العائلات الكوردية حينها وكان يستخدم 150 راعيا لقطعانه،. واستخدم كل هذا في شراء الاسلحة وكذلك كي تكون مصدر للغذاء في ثورته.
ولم يكن الشيخ سعيد شيخا كلاسيكيا قديماً، بل كان عالما محدثا لبقا ، لم يكن يؤمن بالخرافات والسخافات التي كان الناس يرددونها عن المشايخ، ولم يقبل بتقبيل يديه أو الانحاء له، و كان مجلسه يعج بالمثقفين والعلماء والرجال الشجعان، وكان الشيخ سعيد كثير الانتقاد للشيوخ النقشبندية ممن لم يتعاملوا مع القوميين وبقوا مهتمين بمصالحهم الخاصة واسماهم بعصابة اشقياء، كما بذل جهودا كبيرة في سبيل نشر العلم والمعرفة في كُـردستان، وقد كان في نيته انشاء جامعة في مدينة( وان ) على غرار الجامع الأزهر ولكن الزعماءالدينيين الكلاسيكيين والحكام الأتراك وقفوا ضد محاولته هذه.

_ ثورته :
عندما تم اعتقال بعض قيادات الرابطة الاجتماعية( خالد جبران،ويوسف زيا ) في خريف عام ١٩٢٤ ، تم اختيار الشيخ سعيد رئيسا للجمعية، والمرجح أن آل بدرخان وسيد عبدالقادر هم الذين كانوا وراء إبراز شخصية سعيد بيران بسبب الطاعة التي كان يحظى بها وسط مريديه في مناطق الكرد الزاز (السنة) شمالي دياربكر، بالاضافة الى تسليم راية قيادة الثورة المزمع اشعالها للشيخ سعيد بيران لا يعدو كونه تكتيكاً من الزعماء القوميين، المدنيين والعسكريين، في سبيل حشد التأييد، فلم يكن الضابط العسكريون يمتلكون التأثير الشعبي الذي يوازي شيوخ الدين ولا يتحدثون بلغة خطاب عامة السكان،. كما ان عمليات النفي المتكررة للقوميين قد قلصت من هامش حركة البرجوازية الكردية داخل كردستان وقطعت صلتهم المباشرة بالمنطقة
وبدأ الشيخ سعيد مع جمعية ازادي "الاسم الاخر للرابطة" على التحضير لثورة بعد الانقلاب الاتاتوركي على جميع وعوده للكورد، وخروج الكورد خالي الوفاض من جميع المعاهدات الدولية.
وفي 4 يناير 1925 اجتمت في قرية كركان شخصيات مهمة منهم اغاوات وشيوخ دين وزعماء قبائل لمناقشة القضايا الاستراتيجية، ولم يكن الشيخ سعيد قد قرر بعد موعدا لاندلاع الثورة (21 اذار 1925)، وحينذاك كان ابنه علي رضا قد رجع من حلب حيث باع عشرين قطيعا من الغنم لتوظيف ايراداتها في الثورة، وذهب بعدها الى استانبول ليتشاور مع اعضاء (جمعية استقلال الكرد) خويبون ومع سيد عبدالقادر ومع اتراك كانوا ضد اتاتورك، وارسل الى والده انباء تؤكد ان الناس متأكدة من نجاح ثورته وتنتظر ساعة الصفر، فأصدر الشيخ سعيد فتوى تدين حكومة انقرة واتاتورك بسبب خرقهم للشريعة وصرح ان الثورة ضد هذا التدنيس للمقدسات امر شرعي.
وكتب الشيخ رسالة الى قبيلتي هورمك ولولان العلويتين للانضمام لثورته، الا انهما رفضتا واعلنتا انها ستقف ضد الثورة وهذا ماحدث فعلا رغم انهما قد اشعلتا قبلها في سنة 1920ثورة كوجكري ضد الاتراك، وكان ذلك بسبب ان معظم قادة سعيد بيران كانوا سابقا في الوية الحميدية التي كانت لها تاريخ سيء مع العلويين، ولان الكورد السنة ظلوا متفرجين على المذابح التي تعرضوا لها نتيجة ثورتهم تلك.
وبدءا من ذلك الاجتماع في 4 يناير وحتى اندلاع الثورة قام الشيخ سعيد بجولات لحشد الثوار واختيار قادة المناطق واصدار الفتاوى، مؤكدا انه يريد اعادة الشريعة
وعند وصول الشيخ سعيد في يوم ٥ شباط الى قرية بيران برفقة مائة فارس، تصادف وصوله مع وصول مفرزة تركية جاءت لاعتقال بعض الكُـرد، وعندما طلب الشيخ سعيد من قائد المفرزة احترام وجوده واعتقال من يشاء بعد أن يغادر القرية رفض الضابط التركي ذلك، فوقع اصطدام مسلح بين قوات المفرزة ورجال الشيخ قتل فيها بعض الجنود الاتراك وتم اعتقال الآخرين وكان ذلك في ٨ شباط وعندما انتشر خبر تلك الحادثة ظن القادة الكُـرد بأن الشيخ اعلن الانتفاضة وهاجموا القوات التركية وسيطر الشيخ عبد الرحيم أخو الشيخ سعيد على مدينة كينج التي اختيرت كعاصمة مؤقتة لكُـردستان، وانتشرت الانتفاضة بسرعة كبيرة ولفترة قصيرة على أراضي معظم كُـردستان ( ١٤ ولاية شرقية ) وبلغ عدد الكُـرد المنتفضين حوالي ٦٠٠ ألف الى جانب حوالي ١٠٠ ألف من الشركس والعرب والارمن والاثوريين.
وفرض الثوار الحصار على مدينة آمــد/ديار بكرالتي صمدت في وجههم حتى وصول القوات التركية المعززة بالأسلحة الثقيلة، ولم يتمكن الثوار مـن السيطرة على المدينة رغم اقتحامهم لها، فأمر الشيخ سعيد قواته بالتراجع، وقد حاصرت القوات التركية الثوار، ومنعتهم من دخول العراق وسوريا وايران.
وفي أواسط نيسان تم اعتقال الشيخ سعيد مع عدد من قادة الانتفاضة التي خبت نارها شيئا فشيئا (ويقال ان الشيخ سعيد كان ضحية خيانة قاسم بگ الذي كان مستاء من سير الاحداث ونجاة قاسم من العقوبة بالموت بعد فشل الثورة يعزز ذلك الرأي) ، وفي نهاية أيار تمت محاكمة الشيخ سعيد وقادة الانتفاضة الآخرين وبعد محاكمة صورية صدر الحكم بالاعدام بحقه مع ٤٧ من قادة الثورة ونفذ حكم الاعدام فيهم في ٣٠أيار ١٩٢٥ ،وأمام حبل المشنقة قال الشيخ سعيد ( أن الحياة الطبيعية تقترب من نهايتها، ولم آسف قط عندما أضحي بنفسي في سبيل شعبي، أننا مسرورون لأن أحفادنا سوف لن يخجلوا منا أمام الأعداء ).
وقد بلغت خسائر الكُـرد تدمير ٩٠٠ بيت وحرق وازالة ٢١٠ قرية وعدد القتلى وصل الى ١٥ ألف بالاضافة الى نهب ممتلكات وثروات كل من وصلت اليهم أيدي الجنود الأتراك.
وبعدها جدد سيد عبدالله بن عبدالقادر ابن الشيخ عبيدالله النهري المقاومة(وكان عبدالقادر قد اعدم في آمد 27 مايو مع ابنه سيد محمد ومجموعه من رفاقه) فشن حرب عصابات في مناطق وان وبتليس وهكاري، واستمرت لعدة شهور واستطاعوا قتل 200 جندي تركي، الى ان قبضت السلطات العراقية على مجموعة كبيرة منهم وسلمتهم الى تركيا، وفي 16 ايلول اجرى سيد عبدالله محادثات مع المفوض السامي البريطاني في العراق، طالبا اللجوء لنفسه و ل 700 من رفاقه ووعده المفوض بالموافقة شريطة عدم قيامه بشن اية هجمات على تركيا، في مقابل احترام تركيا القرار الامم المتحدة فيما يتعلق بالحدود مع العراق وكانت تلك خاتمة ثورة الشيخ سعيد

_ المصدر الاهم للمقالة :
كتاب تاريخ الكفاح القومي الكردي ( 1880_1925) ل روبرت اولسون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ


.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا




.. مجلس الشيوخ الأميركي يرفض مقترح بايدن باستقبال اللاجئين الفل


.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار




.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف