الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية بين الحقيقة والخيال

معتز عمر

2006 / 5 / 10
المجتمع المدني


كنا نتساءل عن التناقضات بين الديمقراطية وبين بعض الممارسات للدول الكبرى الداعية للديمقراطية.

ولعلكم تتذكرون مؤتمر مناهضة العنصرية الذي عقد في عاصمة جنوب افريقيا وكيف ساد اللغط بسبب محاولة ادراج اسرائيل في قائمة الدول العنصرية وهي في نظرنا تمارس ابشع وأفظع انواع التمييز العنصري رغم أن غالبية الدول المشاركة كانت في صف هذا القرار ولكن بفضل تدخل الدول الداعية للديمقراطية لم يتم إصدار ذلك القرار, تماما كما تفشل كل القرارات التي تدين اسرائيل في مجلس الأمن بفضل الفيتو الأمريكي. ثم كيف نثق بالديمقراطية وهذه اسرائيل ترفع عقيرتها وتقول انها دولة ديمقراطية فهل الممارسات الإسرائيلية ممارسات دولة ديمقراطية أم ان العالم في غفلة عن عدوانها وشرورها ومذابحها ومجازرها ضد الأبرياء الفلسطينيين. فأين الديمقراطية وأين حقوق الإنسان وأين المنظمات الدولية التي تراقب حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الشيوخ والعجزة أم أن أولئك الأبرياء ليسوا ممن تنطبق عليهم تلك الحقوق والديمقراطيات؟

أليس لنا كل الحق في التشائم من هذه الأوضاع والديمقراطيات المراوغة أحيانا والساكتة عن الحق أحيانا أخرى ومعتدية علينا في اسبط حقوقنا مثل ارتداء الحجاب ومن مقاومة الإحتلال؟

فالحقيقة أننا لا نخشى من تمتع الإنسان بحقوقه المشروعة ولكننا نجد الدول الكبرى بتدخلاتها تريد أن تفصل ثوبا محددا وتقول لنا هذا هو مقياس الديمقراطية المناسب لكم أما مقاسنا الذي نلبسه فهو لا يليق بكم أو تليقون به ولهذا نجد مظاهر الإنحلال والعلمانية والتبشير للنصرانية ومحاولة تغيير المناهج (بل الأمر بتغييرها) وغيرها مما تريد أمريكا تسويقه لنا وفق مصالحها انتخاب رئاستها.

وبالطبع هذا ليس من الديمقراطية الحقيقة في شيء وانما هو تضليل وترويج ومراوغة واستخفاف بالعقول والشعوب العربية والمسلمة لأنهم يعرفون أننا نعافي من الحرمان والكبت والإستبداد, فضغطوا من واقعنا المؤلم سيناريو خاصا لنا يساعدهم في حصول مآربهم وكما ان السمك لا يعلق في السنارة إلا بطعم فإن زعماء أمريكا صنعوا من الديمقراطية طعما لعلمهم أننا نتطلع الى شيء بلا مقابل وليعلم الجميع ان امريكا بلد الرأسمالي لا يوجد عندها شيء بلا مقابل فأمريكا ليست جمعية خيرية تفعل الخير ابتغاء وجه الله بل كل شيء مدروس ومحسوب ولابد من مصلحة مادية او معنوية من ورائه فهم لا يضيعون وقتهم واموالهم وجنودهم سدى.

فتشاؤمنا يكمن في استغلال حاجتنا الى الحرية والديمقراطية كطعم وفخ لنقع فيه, خصوصا وأن عملية اعمار العراق سبقت تسليم السلطة الوهمية الى مجلس الحكم الإنتقالي...وبدليل أن كل مؤسسات الدولة العراقية تعرضت للسلب والنهب ولم تبذل القوات المحتلة أي جهد لحمايتها بل شجعت ذلك باستثناء وزارة النفط فلماذا هذه الديمقراطية النفطية؟

لقد سئل وزير الدفاع عن اعمال السلب والنهب في العراق عقب اسقاط نظام صدام فقال ما ترجمته" هذه هي الديمقراطية أن يمارس الشعب ما يريد ويعبر كما يشاء" فتأمل هذا التصريح الذي نشرته وسائل الإعلام المرئية.

إذن هناك تلاعب بالديمقراطية ونحن لا نستغرب الخروج عن القانون في بعض الأحوال من أي طرف كان فالعصمة للأنبياء والملائكة ولكننا نستنكر هذا الخروج بهذه الطريقة المدروسة والمبرمجة سلفا مع سبق الإصرار والترصد مما يجعلنا نرفع البراءة عن الدعوة الأمريكية الى الديمقراطية, ونصفها بانه دبر بليل وان وراء الأكمة ما ورائها ولعل الأنظمة المستبدة عندنا تستخفي وراء هذا الطرح خوفا من المطالبة بالديمقراطية وشيء من الحريات.

إن الدعاوى المزيفة لا تصمد أمام واقع الحياة لفترة طويلة ذلك لأن حبال الكذب قصيرة ومن تستر بالأيام فهو عريان,فكل الحكومات عندنا لما تولت مقاليد البلاد صرحت بالإزدهار والتقدم والرفاهية والإستقلال وحتى بالنصر على الأعداء وها هي الأيام لا تترك مستورا إلا وتكشفه ولو بعد حين وكذلك الإستعمار الذي جاء بجحافله لينهض بنا من ربقة التخلف والان تلعب أمريكا نفس الدور مع شيء من التغيير غير أن الأيام سريعا ما اظهرت زيف وبطلان شعارات أمريكا حول أسلحة الدمار الشامل وسوء معاملة العراقيين وسرعة تقسيم عقود الإعمار وتمسكها بادارة البلاد رغم تعيين مجلس حكم كواجهة لممارستها ومماطلتها في تسليم السلطة وتحديد موعد رحيل قواتها ونحن عندما نذكر العراق وما حل به على ايدي امريكا وحلفائها من الدول الداعية للديمقراطية, فإننا نفعل ذلك لأن امريكا صرحت بأنها ستجعل من العراق مثالا يحتذى به في الشرق الأوسط من حيث الديمقراطية والأمان فإذا بنا نجهل أين يذهب فقط العراق لمدة سنة كاملة من الإحتلال ولماذا يتعرض علماء العراق للقتل والخطف والإبتزاز ولماذا يموت السجناء العراقيين في سجون الإعتقال تحت التعذيب ولماذا ولماذا كل تلك المخالفات في بلد اريد له ان يكون مثالا ونموذجا, الأ بئس هذا النموذج الفاشل.

وهنا نصل الى بني جلدتنا الذين يتمسكون بهذه الديمقراطية المزيفة فهم إما طابور خامس كما يحدثنا التاريخ عن المنافقين والخونة الذين تدفعهم مصالحهم الشخصية للتعاون مع الإحتلال والمستعمر.

وبعضهم ليس منافقا أو خائنا و إنما هو مخدوع بسراب الديمقراطية نظرا للحقوق التي يتمتع بها المواطن الغربي والتي يفتقدها المواطن العربي, فهؤلاء من اشتياقهم للحرية يصدقون كل ناعق بها.

ومنهم من يدرك ما نقول ولكنه يرى أن الحصول على شيء بسيط من الحقوق خير من لاشيء فهو يرحب بالتغيير نظرا لعفونة وضعنا الراهن, ومنهم من هو مهزوم من داخله, يصدق ما تقول أمريكا دون تفكير أو مراجعة ولسان حاله يقول إذا قالت امريكا, وهؤلاء مقتنعون بالإستسلام الكامل والإنخراط في مسايرة القوى الى اخر لحظة فالمهم هو أن ينعم بالعيش الامن ولو تحت سيطرة الصهاينة أو الأمريكان, ومنهم منيساير الدعوة الأمريكية لغاية في نفسه, والخلاصة انه لا ديمقراطية حقيقة في كل تلك الأجواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة


.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود




.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة


.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو




.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع