الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرق أوسط جديد .. علماني ديمقراطي!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2019 / 7 / 26
المجتمع المدني


ربما يبدو العنوان غريباً إن لم يكن مستهجناً من قبل البعض وخاصةً أن المنطقة تمر بعدد من الأزمات والكوارث حيث التخلف والفقر والاستبداد والحروب .. فيكون الحديث عن العلمانية والديمقراطية في هكذا واقع نوع من الترف الفكري وربما الحماقة السياسية وأعتقد بأن أصحابها على حق وذلك إن جمدنا اللوحة المؤلمة لواقعنا على اللحظة الراهنة ولم نقرأ ما خلف المشهد الدماري ولتقريب الصورة أكثر، نعود بالذاكرة إلى ما قبل أقل من قرن لنقف عند عتبة الحرب العالمية الثانية ومشاهد الكارثة في عموم القارة الأوربية وحروبها ومآسيها، طبعاً قد يقول قائل لنا؛ "وهل تريد أن تقارن بيننا وبين الأوربيين الذين يتقدمون علينا بثلاثة قرون"، طبعاً لا ننسى ذاك الفارق الحضاري بيننا بكل تأكيد، لكن لو عدنا لواقع المجتمعات الأوربية لوجدنا بأن ظروفهم السياسية والثقافية هي الأخرى عانت من الكثير من الأزمات والانقسامات الطائفية والدينية وكذلك الأعراقية القومية ودخلوا في صراعات وحروب أسوأ بكثير مما تمر بها مناطقنا ربما ومع ذلك وبعد تيقن تلك الشعوب؛ بأن الحروب لا تجلب سوى الدمار، فإنها أنتقلت إلى مرحلة التفاهمات وتأسيس دولها على مبادئ السلم والديمقراطية والحريات العامة وذلك بعد مرحلة الدول القومية وحروبها والتي صدرتها لنا مع الحرب العالمية الأولى لتكون بنتيجتها هذه الأنظمة العسكريتارية الشمولية والتي ما زلنا نعاني من سياساتها الحمقاء!

وهكذا يمكننا القول؛ بأن أنظمتنا المستبدة بالشرق هي بالأساس نتاج الفكر الغربي الأوربي حيث مع نهايات الحرب العالمية الأولى وسقوط "الخلافة العثمانية" تم تقسيم أصقاعها بين عدد من الدول الاستعمارية وبالأخص البريطانيين والفرنسيين في منطقة الشرق الأوسط والايطاليين بالمغرب العربي وقد كانت من نتائج تلك السياسات الاستعمارية أن دخلت تلك الدول نفسها والتي تقاسمت جغرافية الخلافة العثمانية في حروب ونزاعات وكانت الحرب العالمية الثانية التي دمرت أوربا، كما أسلفنا سابقاً، مما دفعت بالشعوب الأوربية لأن تبدأ بالمرحلة الثانية من مشروعها في الإدارة والنظام السياسي والانتقال من مرحلة الدولة القومية المستبدة للدولة الليبرالية الديمقراطية، لكن بقيت التجربة تعاني من عوائق وعثرات حيث لا يمكن لأي نظام إن كان نظاماً ميكانيكياً أو سياسياً أن يعمل وفق برنامجين مختلفين وللتوضيح أكثر نقول؛ بأن لا يمكن أن نشغل آلة وفق كل من النظام البخاري والالكتروني ضمن آلة واحدة حيث أحد النظامين سيكون عائقاً لعمل النظام الآخر.. وهكذا فإن العالم يشبه تلك الآلة التي يجب أن تعمل وفق نظام واحد متكامل ليكون هناك التنسيق والإنسيابية بحركته دون هزات ورجات قد تؤدي لتعطيل النظام برمته ولكون أوربا حققت ثوراتها الديمقراطية، كان لا بد من تحرك شبيه بالحركة الاستعمارية إبان الحرب العالمية الأولى والتي كانت معها نهاية حقبة الإمبراطوريات الدينية وذلك بإسقاط آخر تلك الإمبراطوريات وهي الخلافة العثمانية.

وبالتالي يمكننا القول؛ بأن المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد هو المرحلة الثانية من المشروع الغربي الإستعماري الذي بدأ إبان الحرب العالمية الأولى مع وصول القوات الفرنسية البريطانية وتقسيم المنطقة بينها كدول انتداب حيث حينها كانت الدولة القومية كنتاج للفكر الغربي، لكن وبعد قرن كامل من الزمن وفشل الدولة القومية وويلاتها وكوارثها وخاصةً مع الحرب العالمية الثانية أنتقلت الدول الغربية لنظام الدولة الليبرالية الديمقراطية وهو ما يتم اليوم تنفيذه في منطقة الشرق الأوسط وبما أن القوة السيادية كمركز وقطب عالمي لصنع القرار السياسي تغير من العاصمة لندن إلى واشنطن، فإن الأخيرة تستكمل المشروع الغربي في تغيير الشرق والذي بدأ مع إنهيار الاتحاد السوفيتي ولذلك فإن تركيا ومشروعها الإخواني سيكون جزء من التغيير والإنهيارات الكبرى لصالح الدولة التعددية التشاركية الديمقراطية -كما كانت الدولة العثمانية لصالح مشروع الدولة القومية الغربية- وأعتقد بأن من تابع التطورات المتلاحقة يدرك بأن الضربات المتلاحقة لأخونة المنطقة بدء مع سقوط حكومة مرسي في مصر ولن تنتي بسقوط العدالة والتنمية في بلديات انقرة وإزمير وأستانبول ولا حتى عند الموت الإعلامي لأردوغان وإعلان حزب الشعب الجمهوري بأن يجب الخروج من السياقات القديمة في مقاربتها لحل القضية الكردي وخلق أرضية مشتركة مع حزب الشعوب الديمقراطية لإيجاد حل سلمي للقضية ولعموم تركيا.

كلمة أخيرة؛ إن تركيا القادمة -والشرق الأوسط عموماً- لن تكون إخوانية، بل علمانية ديمقراطية تعددية وهذا ما يعمل عليه الأمريكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير المعارضة والأكراد واللاجئين على كفيّ الأسد وأردوغان؟ |


.. الأمم المتحدة تكشف -رقما- يعكس حجم مأساة النزوح في غزة | #ال




.. الأمم المتحدة: 9 من كل 10 أشخاص أجبروا على النزوح في غزة منذ


.. فاتورة أعمال العنف ضد اللاجئين والسياح يدفعها اقتصاد تركيا




.. اللاجئون السودانيون يعيشون واقعا بائسا في أوغندا.. ما القصة؟