الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واضربوهن

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2019 / 8 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قال الله سبحانه وتعالى : وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا» النساء 34.

الألفاظ في القرآن تنصرف في معانيها الى سياقها الملقاة فيه لتحقيق وحدة الموضوع وانسياب المفهوم منعآ للشذوذ في استنباط المعاني وتشويه المدارك ، كأن نقول أن معنى اضربوهن لا تعني الضرب بالايذاء الجسدي فلفظ ضرب ورد في القرآن على سبيل المثال بمعنى القاء الموعظة والمثال كقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ )٢٤ ابراهيم ، وغيرها من الأمثلة والمحاولات التي تنفي معنى الايذاء الجسدي عن كلمة واضربوهن ، ولكن الحقيقة أن اضربوهن في هذه الآية تعني الضرب المعروف وهو الإيذاء الجسدي .

ولكن أي ضرب وضد من ... هذا هو السؤال ؟

ببساطة الضرب هنا هو الضرب الذي لايسبب جروحآ وإيذاء جسديآ كبيرآ ولا يترك آثارآ نفسية مدمرة ومستمرة ، لأن الله قال أيضآ وجعلنا بينكم مودة ورحمة .

ضد من ... ضد نساء يعانين من الجهل وشدة التخلف في مجتمع يئن تحت رزح من جبال التخلف والجاهلية ، ومن المعروف أن لغة القوة والعنف تظل للأسف هي اللغة المفهومة أو على الأقل المؤثرة كلما كان المجتمع متخلفآ وأميآ وجاهلآ ، وللأسف كالعادة تكون المرأة هي الضحية الأكبر حال تخلف المجتمع وانتشار الجهل فيه لما جبلت عليه طبيعة المرأة من تحكيم للتفكير العاطفي والانفعالي على حساب نظيره المنطقي العقلاني والواقعي فتكون شدة درجة التخلف والجهل عندها أعلى من نظيرها الرجل في المجتمع المتخلف وهذا ما نلمسه حتى اليوم في مختلف المجتمعات أو حتى الأسر التي يشتد وينتشر فيها التخلف والجهل الا من رحم ربي .

فالمرأة المتعلمة أو العاملة (وهذا بالطبع ليس الواقع الحاصل في مثل ذاك المجتمع آنذاك) لا يكون أسلوب الضرب التقويمي لسلوكها حاضرآ في التعامل معها كمثل تلك الجاهلة .

بل يمتنع تمامآ استخدام أسلوب الضرب في التعامل معها ، بل ويمتنع في اطار المجتمع الكلي الآن بمتعلميه وأمييه في ظل تراكم الخبرات والمعارف وانتشار وسائل المعرفة والتعلم والاضطلاع على مختلف الخبرات والتجارب والثقافات من خلال الجرائد أو الانترنت أو حتى مجرد مشاهدة القنوات الفضائية التي تزخر بمختلف برامج التوعية والتوجيه الأسري والاجتماعي وبالتالي لا يشترط التخرج من مدارس وجامعات ليكون لدى امرأة اليوم محاصيل معرفية ووجدانية وخبراتية وحياتية لم تكن متواجدة أو متاحة لامرأة ولدت وتربت هي وأمها وجدتها على رعي الغنم وحلب الشاة وسكنى الخيم .

نضيف الى كل ما سبق أن الله سبحانه وتعالى استهل مبتدأ الآية بقوله واللاتي تخافون نشوزهن ، وكلمة نشوزهن حين تتعلق بالعلاقة بين الزوج والزوجة كمعنى تعني مخالفتهن لطاعة أزواجهن ولكن ما يجب أن نصرف الانتباه اليه هنا هو تحديد مدار المعنى في سياقه التاريخي لا النصي فقط حتى يتحقق لنا وضوح الرؤية وعمق الفهم الادراكي للمراد الالهي .

وهذا بالطبع لا يتأتى الا بفهم السياق التاريخي والظروف الاجتماعية ذات الصلة بالنص ، وفي موضوعنا هذا نجد أن كثيرآ من نساء ذاك العصر كانت وكما جرت العادة منذ سنين طويلة جدآ كن منهم من يتخذن أخدانآ وهي ليست بمعنى مجرد أصدقاء من الرجال كما فسرها كثيرون بل هو وضع اجتماعي تتخذ فيه المرأة خدنآ يعني رجل تذهب وتسكن اليه حينما يعاني زوجها الفاقة أي شدة الفقر والعوز ليطعهما خدينها هذا ويسكنها عنده حتى تنفرج أمور زوجها ، وبالطبع في مقابل الزاد والمأوى تنام هذه المرأة مع خدينها هذا ، وهذا وضع كان منتشرآ في الجاهلية وألفته كثير من النساء وأمهاتهن وجداتهن من قبلهن .

فمثل تلك السلوكيات والأوضاع الإجتماعية المؤسفة وغيرها من المؤكد أنها أثرت على كثير من نساء ذاك العصر ومنهن من إستمرأن تلك الأوضاع وغيرها من السلوكيات السلبية والمفجعة مثل الذهاب للسحرة ومعاودة المشعوذين والخيانة ونشر الوقيعة وتأجيج نيران العداوة والثأر بين العائلات وغيرها من الممارسات السيئة والدنيئة والتي جاء الاسلام وحرمها ولكن بعضآ من النساء مازلن على العهد في المداومة عليها بشكل أو بآخر .

ومع ذلك جاء الأمر الالهي بضربهن بعد استنفاذ السبل السلمية التي ذكرها الله في البداية من الوعظ والموعظة الحسنة ثم الهجر في المضاجع فان استمرين على ما هن فيه من سوء السلوك وعقم التدبير كان للرجال معاقبتهن بالضرب الغير مؤذي بشكل كبير ولا يسبب عاهات نفسية قبل أن تكون جسدية لأن الله قال بعدها ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ) يعني لو أطعن أزواجهن بعد ذلك (وبالطبع كيف ستطيع الزوجة زوجها ان تسبب في عاهة نفسية أو جسدية لها ) فلا يحق لأزواجهن أن يستمروا في الخصام أو الهجر أو الضرب لأن الله علي كبير على الظالمين وسيعاقب الرجال ساعتها على ظلمهم لزوجاتهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي