الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجامعة التونسيّة وزيف الإصلاح

أحمد ضوية

2019 / 8 / 2
التربية والتعليم والبحث العلمي


الجامعة مؤسسة علميّة تعمل على إنتاج النخب ( العلميّة والأدبيّة والفكريّة و السياسيّة) لذلك هي المعيار الحقيقي لتقدم وقوة الشعوب و الأمم ،وهي كذلك الحقل الذي ينمو فيه كل أشكال الإبداع ـ لاينفي ظهور مبدعين من خارج الجامعة لك الإستثناء لا يلغي الكلي.
"الدولة عقل كامل" يقول هيغل وعقل الدولة يكمن في ماتحمله من مشروع مجتمعي متكامل الأركان (ثقافيا وإجتماعيا وإقتصاديا وسياسيا) وفي هذا السياق يكون للجامعة الدور الأبرز كونها مؤسسة للبحث العلمي لها صلة بمراكز إتخاذ القرار وأقصد بمراكز القرار هنا السلطة السياسة المعقود عليها حل المسائل ذات علاقة بمشكلات المجتمع (البطالة،الفقر،الإرهاب...).
عندما نقول مؤسسة بحث علمي يسود إعتقاد ساذج بأننا نقصد العلوم الأساسية فقط ويقع تجاهل للعلوم الإنسانية ، من هذا المدخل نطرح فلسفة "الإصلاح"بنسبة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي .

جامعة تونسيّة متصالحة مع محيطها من خلال هذا الشعار الفضفاض تتقدم وتعزم وزارة التعليم العالي و البحث العلمي إصلاح منظومة التعليم ككل ، مشروع يقر بتهافة نظام أمد لكن ليس في الكل بل في الجزء الذي أثر في الكل، بمعنى أن منظومة تغافلت على جزء تسبب في تعطل المنظومة ككل وهذا الجزء هو أن الجامعة كانت تشتغل خارج محيطها الإقتصادي بالأساس أي خارج منطق السوق وهو العرض والطلب؛ حسب تقديرهم أن الجامعة مهمتها تقتصر على إيجاد فرص عمل للخريجين وهذا المنطق يفرض على الجامعة أن تكون عملية إنتاج المعرفة محدودة ملبيّة لطلب سوق الشغل .

يإن مؤسسة بهذا القدر من الوظيفة الكليّة كما ذكرنا سلفا لا يمكن النظر إليها إنطلاقا من عقل بيروقراطي لا يرى فيها إلا مؤسسة مرتبطة بالإنتاج المادي لتوفير فرص العمل وعندها اتغدو مسألة العلوم الإنسانية خارج مجال وحيّز إهتمام الجامعة بما أنها لا تخضع لمنطق السوق (أي العرض والطلب) لأن سوق لا يطلب حاجة لشاعر أو أديب أو فيلسوف..

ما العلوم الإنسانية ؟ إنها ببساطة العلوم التي تجعل من الإنسان في كل أشكال وجوده الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والفكرية والتاريخية موضوعاً لها.، فالعلوم الإنسانية تسعى للفهم أساساً للتغيير.
إن غياب البحث العلمي للعلوم الإنسانية له نتائج كارثية على المجتمع ولنطرح مثال على ذلك؛ إنتشار الأصولية الدينيّة في بلادنا التي إتخذت طابعا إرهابيا على وطننا ،كيف يمكن معالجتها؟
الأصولية ظاهرة سياسية إجتماعية ثقافية يجب أن تتظافر علوم إنسانية كثيرة لمعرفة أسبابها وسبل التعامل معها (كعلم النفس،السوسيّولجيا وليس التنمية البشرية وعلم التاريخ والفلسفة ) للقظاء على شروط إنتاجها وليس الإقبصار على محاربة تمظهرها الخارجي لها على أهميته.. ولا يقتصر الأمر على فهم الظاهرة الأصولية ولكن كذلك بمشاكل الفقر والبطالة إلخ..
تكمن خطورة هذا الإصلاح المزعوم أيظا في ضرب إستقلالية الجامعة العمومية علميّا وإداريا بجعلها جامعة لا تفكر بذاتها في مجال حر لإنتاج المعرفة بل خاضعة لرغبات أرباب العمل وسوق الشغل .

إن ربط التعليم بسوق العمل فكرة سيّئة جدّا وكارثية فالتعليم هو إستراتيجيا تكوين المعرفة بمعزل عن سوق الشغل بل يجب التفكير بالسوق بمعزل عن التعليم.
لا يمكن أن نستكمل مسارا ثوريا دون مؤسسة تعليمية منتجة للفكر والعقل النقدي بآعتباره أساس الإبداع العلمي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة