الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علماء مسلمون أم فقهاء في الدين ؟

الحسان محمدي علال
(Lhassane Mohamadi Alal)

2019 / 8 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثناء نزول الوحي على الرسول الكريم لم يكن في مكة ولا في المدينة "علماء" في الدين الجديد. فلما ذكر الله تعالى العلماء في كتابه الحكيم "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ"، لم يقصد من يطلقون على أنفسهم اليوم اسم "العلماء" في الدول الإسلامية، وإنما العلماء بالمفهوم الصحيح للكلمة، أي العلماء (savants) المتمكنين من المعرفة في شتى المجالات، أي الذين يسيرون فِي الْأَرْضِ وينظرون كيف بدأ الْخلْق امتثالا لقوله تعالى "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، والذين ينتجون المعرفة العلمية التي تستفيد منها الإنسانية، لا المعرفة الدينية التي تحذر من عذاب القبر وتعد ضعاف العقول بالحور العين لتحولهم إلى كتائب القتل أو قنابل بشرية موقوتة، والتي جمدت العقل وقسمت المسلمين إلى طوائف يكفر بعضها البعض الآخر، ويرتكب بعضها باسم الدين مجازر بشعة تعد جرائم ضد الإنسانية. والعلم الذي يتسلح به العلماء هو الذي قال عنه الله تعالى "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" وقال عنه الرسول (ص) "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد" و"اطلبوا العلم ولو في الصين"، لأن الصين لم يكن الإسلام قد انتشر فيها آنذاك حتى يقصد به "علم" الفقهاء الذين اجتهدوا وأنتجوا فقههم بعد موت الرسول بعشرات السنين. أما علم "علماء" الدول الإسلامية في الوقت الحاضر فهو فقه في الدين فقط، لا غير، أي العلم بأحكام الشريعة من خلال شرح وتأويل شخصي للنصوص الدينية بهدف وضع قواعد إنسانية تنظم المجتمع حسب القيم والمبادئ السائدة، غالبا حسب ما يرضي الحكام، فقه سنه سلف غابر ربما كان صالحا لزمانه، ولم يعد كل ما توصل إليه صالحا لزماننا بكل تأكيد. ولهذا، وجب تسميتهم في أحسن الأحوال بفقهاء الشريعة الإسلامية، والأصح بفقهاء المذهب الذي يعتنقونه، ففي المغرب مثلا، عوض "المجلس الأعلى للعلماء" كان يجب إطلاق اسم "المجلس الأعلى للفقه المالكي المغربي" على هذه المؤسسة المتخصصة في الشؤون الدينية وفقا للمذهب المالكي. وقد أصاب المترجم إلى اللغة الفرنسية لما تجنب استعمال :
« Conseil supérieur des savants »،
واستعمل عوض ذلك :
« Conseil supérieur des oulamas »،
لقد عرفت الحضارة الإسلامية كثيرا من العلماء من أصول مختلفة أمثال الكندي، والخوارزمي، والرازي، وابن سينا والفرابي وابن الهيثم وابن رشد...، الذين كانوا فعلا علماء عصرهم لأنهم كانوا ملمين بجل الحقول المعرفية في العلوم الطبيعية والطب والرياضيات والفلسفة إلى جانب الفقه الشرعي، والذين سطع نجمهم في الحقبة الأولى من عصر العباسيين في الشرق والحقبة الثانية للأمويين في الغرب (الأندلس)، (800 – 1100م) قبل أن ينقلب عليهم فكر الإمام الغزالي ومريديه الذي كفر الفلاسفة وحرم تدريس الفلسفة والعلوم الطبيعية، ليصبح التعليم فيما بعد في بلاد المسلمين مقتصرا على الفقه الإسلامي بمختلف مذاهبه، مرجحا النقل على العقل في منهجيته، فتعطل العقل بسبب ذلك وتعطلت معه التنمية إلى الأبد في بلاد المسلمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح


.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت




.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran