الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة تقديمية لمقال - التربية مدخل لحوار الحضارات - للدكتور محمد فاوبار

عبد الرحمان أيت عبد الله

2019 / 8 / 6
التربية والتعليم والبحث العلمي


نهدف من خلال هذه الورقة إلى محاولة القيام بقراءة تقديمية لمقال الباحث المغربي " محمد فاوبار " المعنون ب " التربية مدخل لحوار الحضارات " . إن أهمية هذا المقال تتجلى في تبيانه لمسألة أن ترسيخ المبادئ الأساسية التي يقوم عليها حوار الحضارات، لا يتم إلاعبر الإستناد إلى التربية ، هذه الأخيرة تساهم في بناء شخصية الأفراد الذين قد يساهمون في تحقيق التنمية الشاملة لمجتمعهم.
يذكر أن صاحب المقال " محمد فاوبار" ، له مجموعة من المؤلفات والمقالات العلمية تنتمي إلى تخصص "سوسيولوجيا التربية" نذكر منها كتاب: "المدرسة والمجتمع وإشكالية لاتكافؤ الحظوظ " ،بالإضافة إلى مؤلف "سوسيولوجيا التعليم بالوسط القروي- دراسة نظرية وميدانية في مسألة لاتكافؤ الحظوظ ".

لقد حاول الباحث المغربي محمد فاوبار، من خلال مقاله هذا " التربية مدخل لحوار الحضارات " القيام أولا بمساءلة المفهوم ، بحيث اعتبرأن منذ ظهور العولمة "la mondialisation"، في بداية التسعينيات من القرن الماضي حصل هناك نوع من التضخم الخطابي في مجال توصيف الصراعات الدولية بمفاهيم صراع الحضارات (صمويل هنتغتون ) والحرب الحضارية (المهدي المنجرة)، من منظور أن فترة مابعد الحرب الباردة ستتميز بنهاية الصراع بين الدول على أساس أيديولوجي أو اقتصادي ، وبالتالي فقد انتقل الصراع إلى الجبهة الثقافية بمعنى اتجه صوب الرهانات الثقافية التي تتخذ شكل تمثلات عرقية وإثنية ورمزية وما إلى ذلك .
إن مفهوم الحضارة "Civilisation" بتعبير السوسيولوجي فاوبارأضحى منذ القرن التاسع عشر يكتسي حمولة أيديولوجية ، بفعل بلدان القارات ( إفريقيا ، آسيا ، أمريكا اللاتينية ) ذلك أن الإستعمار " Colonisation " ، قد اعتبر أن تجاوز التأخر بالنسبة لهذه البلدان ، مرتبط بضرورة تبني النموذج الحضاري الغربي. ولهذا الغرض عملت الدول الغربية على إدخال مؤسساتها التعليمية والثقافية من أجل سلب هوية الشعوب المستعمرة والقضاء نهائيا على تاريخها الخاص. تتحدد إذن الحضارة من وجهة نظر الباحث محمد فاوبار ، باعتبارها ذلك الإرث المادي والرمزي، المتجدد باستمرار والمتراكم عبر سيرورة تاريخية معينة والقائم على أساس التاريخ المشترك واللغة والثقافة (...)وأسلوب الحياة المتحضرة ،وهنا لاترتبط الحضارة حصرا بمجال جغرافي أو اجتماعي محدد ، وإنما بشعوب وبلدان تتقاسم في الغالب الدين، واللغة، والمصير التاريخي، كالشعوب العرببة التي أرست الحضارة العربية الإسلامية (...) ، وبهذا المعنى فإن الحضارة تقوى على التطور عندما تدمج داخلها عناصر ثقافية ( بمعناها الكلي والشمولي ) تنتمي إلى حضارات أكثر فاعلية في إطار آلية المثاقفة من قبيل استيعاب العرب والمسلمين لحضارتي الفرس والروم وتجاوزهما ،حيث ظهر ذلك خصوصا على مستوى أسلوب العيش وذلك وفق ماذكره المفكر "عبد الرحمان ابن خلدون" ، حيث اعتبر في مقدمته أن الحضارة من الناحية التاريخية قامت على أنقاض البداواة ، بمعنى آخر أنها أي الحضارة لاتتحقق إلا بالتمدن ، والتحضر ، وبتقسيم العمل ، وبإشعاع الثقافة، وكذلك بشيوع مظاهر ترف العيش . هذا فيما يخص المحور الأول ،أما بخصوص المحور الثاني فقد عنونه الأستاذ فاوبار ب : " ضرورة التربية على الحوار الحضاري" . في هذا الإطار يؤكد فاوبار أن النظر إلى الحضارة ككيان ثقافي واسع ، ناظم للمجتمعات ، هو الموجه لاختيارات أنظمة الدول ، وهو كذلك المصدر الأساسي لكل التوترات والصراعات( ... )، ويدل على تحكم الثقافة بمعناها الواسع في ممارسات القوى المسؤولة عن إدارة الصراع . كما أن مأسسة التوترات والصراعات ، تؤدي فعلا إلى تغليب الحوار الحضاري على الصراع ، على عدة مستويات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: المستوى التربوي والثقافي وكذا السياسي ، هذا الحوار لا يمس حق الحفاظ على الإختلاف والتميز ، وإنما يروم إلى الحفاظ على هوية الشعوب المنتمية إلى دائرة حضارية محددة ، ومن هنا ، فالحضارات لا تتصارع فيما بينها ، ككيانات ثقافية مكتفية بذاتها ، وإنما تعمل القوى المسيطرة على أن تستقوي بها في مختلف الصراعات . لذلك حسب فاوبار وجب الإرتقاء بالعلاقات كيفما كانت نوعيتها ببن الشعوب والأمم ، وكذا ترسيخ حوار الحضارات ،وذلك بالإستناد إلى التربية التي تعد ذلك المجال الواسع ، الذي يسمح بتنشئة الإنسان وبناء شخصيته ، في الإتجاه الذي ترسمه غايات ومرامي النظام التربوي -التعليمي .من هنا تأتي ضرورة القيام بصياغة دقيقة لغايات الترببة ، بما يتوافق مع متطلبات الحوار الحضاري ، في ترابط جدي ووثيق مع رهانات التنمية والتحديث. ذلك أن المتعلم يصبح قادرا ، بعد ترجمة الغايات التربوية إلى مضامين تعليمية ، على التعرف على حضارته ، والشعور بذاتيته التاريخية (...) لأجل ذلك ، وجب من الضروري إدراج التربية على الحوار الحضاري ، في البرامج والمناهج المدرسية والجامعية ، وفي الأنظمة التعليمية بالغرب والبلدان النامية على أساس : إعادة صياغة الغايات التربوية وفق مطلب الحوار الحضاري، إضافة إلى ضرورة اتجاه المناهج التربوية نحو الكشف عن السيرورة التاريخية لتطور الحضارات ، ومعالجة الأسباب التاريخية المؤدية للصراعات بين الدول .
-المراجع المعتمدة :
1-محمد فاوبار ، " التربية مدخل لحوار الحضارات " ، منشورات "مجلة عالم التربية"، العدد : 17، السنة:2007 ، ص: 338 ـ 341 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -اجتياح رفح-.. بايدن ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة لإسرائ


.. مراسلة العربية: تظاهرات كبيرة في تل أبيب تطالب نتنياهو بالمو




.. -الجيبني- مهددة بالانقراض بعد فرض الحكومة الفلبينية معايير ل


.. مع ترقب الاجتياح المحتمل لرفح.. أوضاع 1.1 مليون نازح كارثية




.. تظاهرات في تل أبيب ضد نتنياهو وللمطالبة بعقد صفقة تبادل أسرى