الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوريون وثقافة كورا _ اراكس

رستم محمد حسن

2019 / 8 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الحوريون وثقافة كورا _أراكس :

التاريخ والجغرافيا :
نشأت ثقافة كورا - أراكس في منطقة القوقاز بالقرب من نهر آراس ، وإشتق اسمها ، من وديان الأنهار ( كورا ) و ( أراكس ) .، اما جغرافيتها فهي تتوافق مع أجزاء من أرمينيا الحديثة وأذربيجان والشيشان وداغستان وجورجيا وأنغوشيا وأوسيتيا الشمالية .
امتدت هذه الثقافة من ( 3400 قبل الميلاد ) حتى حوالي عام ( 2000 قبل الميلاد ) ، حيث جرت العادة إعتبارها تاريخ نهايته ، لكنها إختفت في وقت مبكر من ( 2600 أو 2700 قبل الميلاد )، وقد تم العثور على أول دليل لهذه الثقافة في سهل أرارات، ومن هناك إنتشرت إلى جورجيا عام ( 3000 قبل الميلاد ) ، وخلال الألفية التالية شرعت غربا إلى سهل أرضروم ، وإلى الجنوب الغربي من كيليكيا ، وإلى الجنوب الشرقي من منطقة أسفل حوض أورميا وبحيرة وان ، منتهية عند حدود سوريا الحالية، وبلغت مساحة واسعة نحو ( 1000 ) كم طولاً و ( 500 ) كم عرضاً، وتتميز هذه الثقافة بإقامة المساكن بالقرب من الأنهار والتلال المحصنة طبيعياً وكذلك إحاطة القرى بخنادق مائية ، معظم بيوتها بيضاوية أو دائرية، وكان الإقتصاد في كورا - أراكس قائما على حراثة الأرض وتربية المواشي، ساعدها في ذلك طبيعة الأرض الخصبة، كان ( الفخار الملون بالاسود والاحمر وباشكال هندسية للزخرفة ) المميز لها ينتشر على طول الطرق التجارية ، ويؤثر في الثقافات المحيطة بها أكثر بكثير من أي من إنجازاتهم على الصعيد المحلي،وتم العثور على امثلة منها جلوباً حتى سوريا وفلسطين ، وشمالاً حتى داغستان والشيشان .
ان إنتشار هذا الفخار ، مع الأدلة الأثرية ، يشير إلى أن الناس المنتمين إلى ( كورا _ اراكس ) ربما إنتشروا إلى خارج ديارهم الأصلية ، عن طريق الهجرات الكبرى على الرغم من محدودية طرق الإتصالات ، لدرجة تتيح لها فرض نموذجها الحضاري بهذا الشكل ، ويعتقد أن إنفتاحها جنوياً يُعزى في المقام الأول إلى الحوريين ، أحد أهم الشعوب المؤسسة لتلك الثقافة

ارتباط الحوريين بهذه الثقافة :
إن فرضية إرتباط الحوريين بثقافة كورا - أراكس تعتمد على عدة أدلة ، أولها هيكل تحت الأرض لاستحضار الأرواح التي إكتشفت في أوركيش بإشراف جورجيو _ مارلين كيلي تربط بثقافات القوقاز ،
ثانيا:
ربط الحوريين بالإثنيات القوقازية من خلال الأختام ونقوشها ، إكتشفت في ( كول تبه ) و ( أوركيش )، فهذه أختام تحمل نفس النقوش والمعاني التي تحمل في ثناياها هذه الثقافة ، خاصة ختم يشتمل على مشهد يصور التضحية بثور ، ويذبح الثور باستخدام سكين ثلاثي، ونرى هنا في ختم من ( أوركيش ) رأس ثور تحت جذع شجرة النخيل وفوقها جرة ذات عنق ضيق ، وكما هو معروف فإن عبادة الثور إحدى طقوس إله العاصفة
ثالثاً :

تأثير الحوريين على المنطقة :
ما ربط الحوريين بالشمال هي الأزياء ، خاصة غطاء الرأس ، من المحتمل جداً أنها كانت مصنوعة من الجلد أو القماش . ونوع ثاني يشبه قبعة شعب الباسك .
وفي الكثير من النواحي دخلت ثقافة كور - أراكس على شكل ثقافة خربة الكرك في جنوب سوريا وفلسطين ، أفاد ( أحمد أونال ) وغيره من العلماء أن هناك تأثير قوي جداً للحوريين ثقافيا وسياسا في شرق الأناضول وشمالاً حتى منطقة القوقاز ، وتعد الأدلة من علم السلالات البشرية أكبر برهان على علاقة سكان جورجيا وغيرهم من شعوب القوقاز ببلاد الرافدين ، فالنسبة التي ترتبط بسلالات بلاد الرافدين والقوس الجبلي شمالاً وسكان شرق الأناضول وشمال جنوب غرب آسيا ، وكذلك مع تطور الحضارات في وقت مبكر تشكل 49 % . هذا بما يتفق مع الموقع الجغرافي لجورجيا بالقرب من شرق الأناضول وتقترح إمكانية الاتصالات القديمة مع سكان أعالي بلاد الرافدين ، العلاقة بين مناطق تواجد الحوريين وثقافة كورا - اراكس عميقة وخاصة بين منطقة ( ملاطيا ) والقوقاز في العصر الحجري والعصر البرونزي .

الفخار الحوري :
تعرف كورا_ أراكس بواسطة أساليب مميزة في صناعة الفخار الأسود المصقول مع تصاميم محفورة، وتكمن الأهمية الثقافية في هذا النمط من الفخار ، هيمنته على مناطق من جنوب القوقاز في الدول القومية الحالية من جورجيا ، أرمينيا ، وإقليم نخجيفان وأذربيجان و شمال شرق تركيا، بدأ نفس الفخار بالظهور في أواخر الألفية الرابعة و أوائل الثالثة قبل الميلاد على النقيض من الفخار باللون البرتقالي المحلي الصنع على عجلة الفخار ، فإن الآنية السوداء المميزة لثقافة كورا ۔ أراكس تبدو غريبة عن المكان، بناء على هذه الحقيقة ، يقول علماء الآثار إن هذا الفخار يمثل المهاجرين أي المجموعات العرقية في مناطق جبال طوروس والشمال من جبال القوقاز في الغرب من بحيرة وان محافظة موش ، وظهرت مواقع جديدة في المناطق الجبلية تعود لثقافة كورا - أراكس ، تليها مظاهر حضارية أكثر بروزاً مع عدد سكان أكبر في أسفل الوادي . وفي مراحل أحدث أخذ السكان بإستخدام الفخار الذي كان مزيجاً من كورا - أراكس وتقنيات النحاسي المتأخر المحلية. وأبعد من الغرب في جبال طور عايدين وبلاد الشام ، ظهر نمط آخر، حيث وجد علماء الآثار نسبة صغيرة من فخار كورا - أراكس لأول مرة في مواقع مركزية أو ( المدينة ) ، يليه ظهور المواقع الصغيرة مُسيطر بالكامل من قبل الأشخاص الذين يستخدمون الفخار التابع لـ كورا _أراكس
هذه الهوية العرقية ، لا تقتصر فقط على أسلوب الفخار، فقد وجد علماء الآثار بقايا طقوس دينية شائعة ، تمتد عبر مناطق واسعة من جنوب القوقاز والشتات حيث وصل المهاجرين . وترتكز هذه الهرية على الممارسات الدينية المشتركة من خلال نوع من الطقوس وكذلك البناء وتخطيط المنازل أيضاً، هذه الممارسات تشير إلى الهياكل المشتركة للفئات الاجتماعية كما أنماط التصميم المشترك ، وخاصة في الديكور والزينة . الأقراط والدبابيس .
تشير هذه الأنواع المختلفة من البيانات المنتشرة على مساحة واسعة داخل الشرق الأدنى ، وفي المناطق الجبلية، إنهم كانوا يشتركون في هوية رمزية مميزة ومعترف بها من السكان في المناطق المحيطة بها .
إذا نستطيع القول ان مجتمعات كورا - أراكس كانت مصدر تكنولوجيا المعادن وهذا الإحتمال شبه مؤكد منذ فترة طويلة ، حيث العديد من علماء الآثار ، الذين يجرون حالياً الأبحاث في منطقة طوروس وزاغروس، موطن المهاجرين من كورا - أر اكس الذين دخلوا جبال زاغروس في الألفية الرابعة ق . م . علماء الآثار في ( جيلار تبي ) غرب بحيرة أورميا كشفوا عن اثار تعود إلى ثقافة كورا - أراكس ، و أيضاً في ( يانيك تيبي ) على الجانب الشرقي من بحيرة أورميا و ( سانكلان تبي ) في همدان .

موطن الحوريين الاول :
وفقاً لـ ( Buccellati ) وزوجته كيلي، فإن الحوريين ( Subarians ) من الألف الخامسة قبل الميلاد كانوا يعيشون في شمال القوقاز ، وتفرقوا إما عبر الممرات الجبلية أو عبر بحر قزوين إلى شمال بلاد الرافدين وجنوب شرق تركيا وشمال سوريا، ومن خلال الكلمة الحورية ( urishe ) أي الغرب والتي تعود إلى الجذر turi ( الأسفل ) يعتقد العالم الآثاري ( Richter ) إن الحوريين قدموا من الجبال الواقعة شرق منطقة غرب آسيا، كما ان أساطير الحوريين تتحدث عن الجبال في شمال وشرق الخابور حيث إحدى أهم عواصمهم ( أوركيش ) مدينة الإله ( كوماربي ) .
وتشير الدراسات على اللغة الحورية أن الحوريين قدموا من شمال جبال القوقاز وانتشروا في غرب آسيا وسلسلة جبال طوروس وزاغروس ، ونقلوا معهم ثقافة ( مايكوب ) التي كانت منتشرة في تلك الأنحاء في وقت لا يتجاوز الألفية الرابعة ومن بعدها أسسوا الحضارة كورا - اراكس وكانوا يمتهنون الزراعة المختلطة ، وقد تم تطوير تربية المواشي بشكل لا يقل عن حراثة الأرض، وكانت تربية الماشية بارزة في الإقتصاد وكذلك حيوانات الجز التي كان يتم الإستعانة بها في الزراعة والنقل ، وكانت الماشية توضع في المراعي البعيدة، كما تبين من الإكتشافات الأثرية في شمال القوقاز .
ولأن الهجرة والترحال كان سمة للبشر في ذلك الوقت، فقد وجدت الكثير من القبائل الحاملة لثقافة كورا ۔ أراكس التي إنتقلت إلى الشمال والشمال الشرقي لمرتفعات القوقاز ، في حين أن آخرين إنتقلوا الى غرب آسيا، وأغلب الظن أنهم الحوريون الذين إنشقوا عن قبائل ( Nakh ) في الألفية الرابعة، وتؤكد الأدلة من البحوث الأثرية التي أجريت في السنوات الأخيرة في شرق وجنوب شرق الأناضول من العصر الحجري الحديث ، أن الحوريين إستوطنوا هذه المناطق منذ الألف الخامسة قبل الميلاد ، وقد ثبت وجودهم من خلال هذه الثقافة التي تم تحديد سماتها المشتركة في مناطق واسعة في الجنوب حتى شمال سوريا ، ومن الشرق إلى الغرب من بحيرة أورميا ملاطية ، خط إيلازيج - القوقاز الفخار الخاص بهم دليل وجوده في ثقافة العصر الحجري الحديث والنحاسي.
المصدر :
من كتاب الحوريون ل عبدالجبار رشيد رشيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصة قتل مو?لمة والضحية الشاب باتريك.. ???? من القاتل؟ وما ال


.. لا عيد في غزة.. القصف الإسرائيلي يحول القطاع إلى -جحيم على ا




.. أغنام هزيلة في المغرب ومواشي بأسعار خيالية في تونس.. ما علاق


.. رغم تشريعه في هولندا.. الجدل حول الموت الرحيم لا يزال محتدما




.. لحظات مؤلمة.. مستشفيات وسط وجنوب غزة تئن تحت وطأة الغارات ال