الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


........اسبوع المدى الثقافي....الشروع ببناء مجتمع مدني للثقافة العراقية

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2006 / 5 / 13
المجتمع المدني


بعد زوال الدكتاتورية مباشرة أدرك المثقفون العراقيون بنماذجهم المختلفة بأنهم متخلفون عن ذلك الحدث وثمة هوة بينهم وبين شعبهم الذي لم تعطه الحروب وتقاويم القتل والمجاعات فرصة مناسبة للالتصاق بمنجز هذه الثقافة والتأثر بها.
وكان اختزال صورة الثقافة العراقية بأطارها الشعري والسردي أحد أهم العقبات التي تحول دون تأسيس جديد لثقافتنا العراقية. وأعقد مشاكلها البنيوية،وواحدة من الصدمات التي تلقاها المثقف العراقي من فضاءات الثقافة التي فتحت فجأة على مدياتها الواسعة، وكان للسلطة الفاشية دور كبير في تكريس هذه الصورة الناقصة والمبتورة للمثقف العراقي ووضعه في أطار السلطوي لتصنع منه مهرجاً دعائيا توجهه كيفما تشاء ومتى تشاء.
وهكذا وجد المثقف نفسه في آخر الميدان الجديد متخلفا عن رجال الدين والاحزاب وعن زملائه السياسيين الذين سبقوه الى المنطقة الخضراء ليتركوه وحيدا خارج غطاء الايدلوجية التي سقطت وخارج اطار الشعرية التقليدية التي لم تعد تستوعب انفجار الثقافة المؤجلة في المنافي والادراج السرية والكتب المصادرة من دون وجه حق من خيمة الثقافة العراقية.
”المدى “ المؤسسة الثقافية الوحيدة التي انجزت خلال سنوات قليلة مهاماً معقدة وصعبة تتعلق باعادة مفهومية للثقافة ووظيفة المثقف وكان استقلال المثقف وكرامته هي احد هموم هذه المؤسسة منذ انطلاقها في مخاضات ثقافة المنفى العراقية من هنا كان لابد ان تسفر هذه الهموم وتتمخض هذه الجهود عن فعالية ثقافية مدنية في بقعة آمنة ككردستان للاجابة عن هذه الاشكاليات وتأصيل مفاهيم الثقافة المدنية والمثقف الفاعل اجتماعيا وسياسيا.
فكانت فعالية المدى في اسبوعها الثقافي محاولة في تقويض الابوة التاريخية للسلطة على الثقافة والمثقفين، بما يشبه الانقلاب النبيل ولاول مرة في تاريخ هذه الثقافة، كما كان الاسبوع فرصة لتأسيس جديد لمفهوم الثقافة العراقية المطورة تحت ركامات السردية والبلاغة الشعرية وابراز وجهها الناصع والمتنوع قوميا وجماليا وابداعيا.
ولهذا توزعت برامج هذا الاسبوع وفي فضاء كردستان الآمن على طاولات مستديرة للبحث في اهم عناوين الثقافة في المعرفة والاقتصاد والسياسة والفلكلور والمسرح والسينما، وكانت هنالك حدائق ساحرة احتضنت معارضا للكاريكاتير وقاعات صخبت بالوان الغناء والرقص الوطني.
والاهم من ذلك كله كان اللقاء الحميمي وبعد طوال غياب عقود من القهر والغربة مابين مثقفي الداخل والخارج”برغم تحفظنا على هذه التسمية “ لقاء مثمرا وخصبا ومفعما بالمحبة والامل المشترك لبناء وطن جديد بعيدا عن ظلامية العصور وحرائق التتر الجدد ومفخخاتهم الاجرامية فأروع ما انجزته المدى، بالاضافة الى تأسيس جسور اللبنات الاولى والصحيحة لمجتمع مدني ثقافي قادر على النهوض بمهامه ووظائفه دون التعكز او الالتفات الى تلك السطوة الابوية لمفهوم ثقافة جديدة مغاير لمفهومها التقليدي القديم.
هو تجميع روافد هذه الثقافة من شتاتها المنفية ومن مدنها المحترقةتحت سماء كردستان العراقية الآمنة الساحرة.
وهذا فضل لا يمكن ان ينساه او يتجاهله مثقف عراقي غيور على ثقافته ومستقبلها سواء كان من الذين تمتعوا بهذه الضيافة الكريمة للمدى، او من الذين حالت الظروف من دون مشاركتهم في هذه الفعالية الثقافية الناجحة والنادرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا


.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ




.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة


.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة




.. ما الأسباب وراء تصاعد الجدل في مصر بشأن اللاجئين السودانيين؟