الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقه الغائبه

هانى الأسكندرانى

2006 / 5 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا أدري لماذا نحب دائما ان لا نواجه الحقيقه. ففى كل المقالات و الحوارات المذاعه و المتلفزه حول الفتنه المشتعله فى مصر حاليا بين مسيحيها و مسلميها لم أري كاتب أو متحدث واحد رغب فى لمس الأسباب الحقيقيه للأزمه. يركز كل طرف عوضا عن ذلك على التأكيد على سماحه الديانه التى ينتمى اليها و أنها أديان تدعوا الى الحب و السلام و تجرم الأعتداء على الأخر باللفظ قبل الفعل ناهيك عن قتله أو أصابته بأي أذى جسدى . , الحقيقه أن موقف أصحاب الدين هؤلاء يدفعنا دفعا للأيمان بالحل السحري الذى أعتادت وزاره الداخليه تقديمه فى مثل هذه الظروف و هو أن مرتكبى هذه ألأفعال الأجراميه مختلون عقيلا دأئما !! و هو حل منطقى وصحيح أذا سلمنا بالمقدمات التى قادت اليه و لا أدري لماذا يرفض المصريون البسطاء هذا ألأمر رغم أيمانهم الشديد بالمقدمات التى أدت أليه!
فكل الأديان مفترض لدى الحكومه و المصريين أنها تدعو الى الحب و الأخاء و التسامح و ترفض العنف و أيذاء الأخر . أذا سلمنا بهذه المقدمه فمرتكبى الأحداث العنيفه خارجون على دياناتهم و بما أنهم لا يصدقون أنهم كذلك ( بعضهم يضحى بحياته فى سبيل ما يؤمن به) أذا فلا بد أن خلل عقليا ما قد أصاب عقولهم و جعلهم يرون مالا يري رجالات الدين الرسميين !! أو أن هنالك امر أخر يحلو لى أن أدعوه الحقيقه الغائبه.
و الحقيقه الغائبه الحاضره أيها السادة و التى نعلمها جميعا و نرفض الحديث عنها هى أن أصحاب الديانتين ينكر كل منهما الأخر و يراه فى ضلال يصل الى درجة التكفير!!

الأسلام يحدث أتباعه عن ديانه تسمى تارة المسيحيه و أحيانا النصرانيه و عن نبى يسمى عيسى بن مريم و لكن هذه الديانه تختلف جوهريا فى أصولها و فروعها عن المسيحيه الأروثوذكسيه الموجوده بمصر . و على أيه الحال فالقرأن يكفر جميع المسحيين " لقد كفر الذين قالو ان الله ثالث ثلاثة " و " لقد كفر الذين قالو ان الله هو المسيح عيسي بن مريم "و كذلك يقول "قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ" بل ان بعض الأسلامويون يرون إن ما ورد في بعض آيات القرآن الكريم مما فيه مدح بعض أهل الكتاب كقوله تعالى: "لتجدنَّ أشد الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدنّ أقربهم مودةً للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى.." هو في من آمن وأسلم منهم كعبد الله بن سلام وغيره من مؤمني أهل الكتاب الذين شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فلا يجوز أن يُقتطع مثل هذا النص من سياقه الكامل الذي يدل على أن الممدوح منهم من استجاب للحق وآمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم كما تدل عليه بقية الآية والآية التي تليها حيث قال تعالى: "..ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون * وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين" .
ويرى الأسلامويون إن المسيحيين أو النصارى أو أهل الذمة من أهل الكتاب كما يحلو لهم تسميتهم في عموم الكفار لا يمنع أن يخصهم القرأن ببعض التشريعات ولذلك فإن أهل الذمة صنف خاص من الكفار باعتبار ما يختصون به من معاملات وأحكام فقهية لا أنهم ليسوا كفاراً.

والدليل على ذلك ما تقدم من آيات صريحة وقوله رسول الأسلام صلى الله عليه وسلم: " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار"

و لا يعرف الأسلام ادنى درجات التسامح مع المسيحيين مسلم 5789 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِى الدَّرَاوَرْدِىَّ - عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِى طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ ».

سنن الترمذي 1700 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلاَمِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِى الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ »

صحيح مسلم 7188 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ عَوْنًا وَسَعِيدَ بْنَ أَبِى بُرْدَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا شَهِدَا أَبَا بُرْدَةَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَمُوتُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلاَّ أَدْخَلَ اللَّهُ مَكَانَهُ النَّارَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا ».
و الوضع ربما يكون أسوء اذا أردنا أختبار نظره المسيحيه للأسلام . فالمسيحيه لا تعترف أصلا بالأسلام كديانه أو بمحمد كنبى . نعم المسيحية لا تقر ولا تؤمن ولا تقبل الاسلام كديانة سماوية جاءت موحى بها من عند الله ، إنما تنظر إليه كديانة ارضية من صنع الانسان مثله مثل الديانات الاخرى الشائعة والتى يتبعها ايضا ملايين البشر. ولا تقر بان القرآن موحى به من الله ، ولا تقر بان "محمد" نبى أو رسول مرسل من الله ، . و يرى بعضهم أن القرأن أيحاء شيطانى الأصل أو أيحائات من ورقه بن نوفل القس المسيحى المعروف فى التارخ الأسلامى وما أن مات ورقة حتى فتر الوحي وظل مقطوعاً فترة طويلة مما جعل النبي حسب ألأدبيات المسيحيه المعاصره يبحث عن مصادر ثانية لوحيه ويرون أن القرآن جاء مشوهاً، ممسوخاً مليئاً بالمغالطات والمتناقضات الصارخة فظهرت بدعة الناسخ والمنسوخ ليبرر متناقضاته، واختلطت الأمور ببعضها المكي داخل المدني، والمدني داخل المكي، وأول الوحي في آخر القرآن وآخر الوحي في أول القرآن، والباقي تم توزيعه بدون تنسيق عقول أغلبية المسلمين، فلا يسألون ولا يهتمون، بل وكثيرين منهم لا يعرفون ما هو التنزيل المكي وما هو التنزيل المدني ولا ما هو الناسخ والمنسوخ، ولا يعرفون ترتيب التنزيل ولا كيفية جمع القرآن ولا يسمح لهم بدراسات نقدية حوله خشية اكتشاف زيفه، ويوجد سيفٌ مسلطٌ على عنق أي مسلم يطعن في صحة القرآن فهذا مرتدٌ والمرتد يُقتل,
وألآدبيات المسيحيه المعاصره مليئه بالأنتقادات الموجهه للأسلام ونبيه و ليست كتابات أبراهيم القبطى و احاديث القس المشلوح من الكنيسة القبطية المصرية زكريا بطرس من قبيل المصادفات . و بالمناسبه فأن شلح القس الذكور لم يكن لأسباب متعلقه بهجومه على ألأسلام فمعظم ما يقوله يتفق مع وجهه النظر الرسميه و الغير مسوقه أعلاميا للكنيسه. و أنما لخلافات أخري مع البابا حول تفاصيل فنيه و سياسيه.
أذا ما هى تلك الصور التي تنشرها الصحف لشيخ الأزهر والبابا شنودة وهما يتصافحان أو يتبادلان الأحضان؟ و كيف نتغني بقوة النسيج الواحد للجماعة الوطنية؟ كيف يتسق هذا مع النصوص و الأفكار ألأصيله لدى أصحاب الدينتان ؟. من المختل هنا ؟ الذى يصدق النصوص أم الذى يصدق الصور ؟
يقوم الأعلام المصري منذ 1952 بتدريب المصريين على رفض الأخر و كراهييته والتهديد بالخطر القائم من الخارج دائما بدء من الأنجليزى المحتل مرورا بأسرائيل و الشيوعيين الماركسيين الذين سيحرمنا وجودهم على الأرض من دخول الجنه وفجأه يقرر الرئيس السادات وحده بأن أسرائيل ليست شرا مستطيرا وأنها دوله ذات حدود و سياده و يذهب اليهم فى عقر دارهم على حد تعبير سيادته و يظهر لنا ما يسمى بالتطبيع .... أحبوا أعدائكم تاجروا معهم تعلموا منهم وبالطبع فشلت التجربه لم يستطع المصريون أن يفهموا مايحدث لهم لم يكن من الممكن أن ينتهى كل الحقد و الكراهيه المقدسه بقرار من فرد مهما على شأنه أو ثقبت بصريته. أصبحنا مثل الصبيه العذراء يحميها أهلها من الأحتكاك بأى رجل و تلقنها أمها أن الجنس قذاره و قله أدب ثم تزف دونما مقدمات الى الرجل الذى رأه والدها لها و يغلق عليهما باب و يطلب منها أن تنسى فجأءه ما تلقنته فى العشرين عاما السابقه !!

وتغيرت المصالح وعدنا الى الحقد المقدس لا للتطبيع وأرتفعت أصوات ميكروفونات المساجد تلعن العدو الصهيونى وتسب دوله أسرائيل ودوله بوش (عفوا الولايات المتحده ألأمريكيه اللى لحم كتفنا من معوناتها) سبابا يعاقب عليه حتى القانون المصري !!
وأصبحنا نقاتل كلى من يخالفنا الرأى فالبهائيون مرتدون وأنجاس مناكيد لا يستحى الأعلام أن يطعنهم فى شرفهم ووطنيته وأخلاقهم على الهواء مباشره كما فعل خالد الجندى فى برنامج القاهره اليوم الشهير لمجرد ان لهم ديانة مختلفه مزيد من الكراهيه مزيد من الحقد . كل هذا لمجرد حصول البهائيين على حكم قضائى يعطيهم الحق فى أثبات ديانتهم فى الهويه الشخصيه وهو ماجاء متسقا مع المادة (40) من الدستور المصري والتى تنص على أن المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. وكذا مع المادة( 46) من الدستور المصري والتى تنص على أن تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 الماده 18 لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة وأمام الملأ أو على حده
وتنافس أعضاء مجلس الشعب من كل من الحزب الحاكم والجماعه المحظوره فى الصريخ والعويل خوف من الخطر الجديد المعروف بالبهائيه والذى من وجه نظرهم سوف يزلزل أركان المجتمع المصري ولم يعد مهم لديهم وهم يفعلون ذلك أحترام أحكام القضاء أو الدستور أوالمواثيق الدوليه الملزمه لنا بتوقيعنا عليها . كل هذا غير مهم فى سبيل أشعال نار الحقد المقدس وبث كراهيه الأخر فى النفوس فنحن فقط من دون سائر الكائنات على حق و ما سوانا هو الباطل من يختلف عنا فى الرأى أو العقيده أما خائن أو كافر فبالله عليكم لماذا تعجبون حين يقاتل المصريون الأخر أو بعضهم البعض تحت مسمى الدفاع عن الأديان لماذا تندهشون حين يعتبر المصريون الحقد والكراهيه جزء لايتجزء من عقيدتهم يقدسونه و يموتون فى سبيله وعلى وجوههم ابتسامه مختل عقليا .
أيها الساده أن العلمانيه هى الحل وهى السبيل للتخلص من كل هذه الأحقاد . أن تقديس العلم وأحترامه بدلا من الخرافات و الهلاوس الدينيه أى كان مصدرها هو البديل الحقيقى الذى أختارته دول العالم الأول لتصبح فيما هى عليه من مدنيه وحضارة ورفعه


هانى الأسكندرانى
فرانكفورت مايو - 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah