الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احاديث في فكر (عقيدة الحياة المعاصرة )

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2019 / 8 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ـ اننا نحيا في عصر مختلف عن عصور تأسيس الاديان اختلافا كاملا وشاملا ، من غير المنطقي ان نستمر في الرؤية والاعتقاد في كل ما يحيط بنا في الارض والسماء من خلال عيون وعقول بشر عاشوا قبل عشرات القرون ... دون دراسة وبحث لمدى توافقها مع الحقائق العلمية ، ومن غير المعقول ان نستمر في ادارة وتنظيم شؤوننا الاسرية والاجتماعية العامة وفقا لشرائع ومعتقدات بشر عاشوا قبل عشرات القرون ... دون تفحّص لمدى صلاحيتها وملائمتها لعصرنا الحالي ، يجب ان لا نؤمن الا بالحقائق العلمية ، وأن لا نلتزم الا بما ينسجم مع ظروف ومعطيات عصرنا .
ـ الحقيقة مرهونة بادراكنا ، فحيثما يصل ادراكنا المباشر تكون الحقيقة ، وأي شيء خارج هذا الوجود المحسوس المُدرَك لا يعتبر حقيقة وانما مجرد فرضية حتى ندرك حقيقته ، قد يتعذر ادراك الحقيقة بشكل مباشر عندما تكون في ظروف معينة غير واضحة المعالم ، وفي هذه الحالة يمكن ادراكها بشكل شبه يقيني بتتبع الأثر الدال عليها ، الا ان الادراك اليقيني التام لن يكون الا بالادراك المباشر المحسوس والملموس للحقيقة ، الادراك مرتبط بالاحساس ، وان أدوات الاحساس الطبيعية لدى البشر هي الحواس الخمسة ، ولكن يمكن زيادة قدراتنا على الاحساس بالاستعانة بأدوات احساس صناعية تفوق قدرات حواسنا ، وهذه تتمثل في الاجهزة التقنية فائقة القدرة على التحسس والاستشعار ، وكل نظرية او معلومة لا تقع ضمن مدى تحسس ادوات الاحساس الطبيعية او الصناعية فانها تعتبر عديمة الادلة المادية الملموسة .. وبالتالي تبقى مجرد فرضية وليست حقيقة
ـ الكون بجوهره مادة وطاقة تجري بينهما عمليات لانهائية من التحولات المتبادلة وفقا للمعادلة الشهيرة ( E=mc² ) ، حتى وان تم الافتراض بان المادة والطاقة ازلية الوجود فانه لابد من وجود نقطة بداية لهذا الوجود الازلي ، وبالتالي لابد من وجود خالق خلق مادة الكون وطاقته لأول مرة ثم اغلق عملية الخلق بقانون حفظ المادة والطاقة وبذلك جعل الكون نظاما مغلقا ، نعتقد بان خالق الكون وضع لكل من المادة والطاقة القوانين التي تتحكم في سلوكهما وخواصهما الكيميائية والفيزيائية ثم نشرهما في الكون من خلال انفجار عظيم أدى الى انتشار مادة الكون وطاقته في ارجاء الكون اللامتناهي في سعته ، كل ما يحدث داخل الكون من تفاعلات بين المواد بعضها مع بعض فانها تجري وفقا للقوانين الكونية ، الخالق خلق المواد ( عناصر حرة ومركبات متحدة ) ومنح كل منها خواص كيميائية وفيزيائية ، المواد الداخلة في التفاعلات والمواد الناتجة عن التفاعلات بخواصها وقوانينها هي جميعا من صنع خالق الكون ، هذه التفاعلات تجري بطريقة تلقائية دون تدخل مباشر من قبل الخالق في توجيهها او تحديد مساراتها او مواقع حدوثها
ـ جوهر الكون عبارة عن مادة وطاقة خلقهما خالق ذو قدرات خاصة خارقة لقوانين الطبيعة .. خلقهما من العدم استثناءا من قانون حفظ المادة والطاقة الذي ينص على استحالة خلق المادة والطاقة من العدم ، ان فرضية وجود خالق للمادة والطاقة هي استنتاج منطقي حيث يتعذر علينا معرفة طبيعة الخالق ومصدره وموقعه لانه يقع خارج نطاق ادراكنا ، كما هو الحال مع الكون ذاته حيث ندرك وجوده ولكننا لا ندرك سعته وكل محتواه ، وان رؤيتنا الى خالق الكون تتمثل في انه ( وجود عظيم القدرة والقدر ، مجهول الموقع والمصدر ، مجهول الطبيعة والصفات ، خلق الكون بطريقة مجهولة ، ولغاية مجهولة ) .
ـ جوهر الكون مادة وطاقة يتبادلان التحوّل والصيرورة في ما بينهما منذ اول خلقهما والى الابد ، في الانفجار العظيم تحولت المادة الكونية الاولية ذات الكثافة المهولة الى طاقة كونية عظيمة فانتشرت هذه الطاقة في ارجاء الحيّز الكوني اللامتناهي في سعته ، هذا الحيز الذي كان مظلما شديد الظلمة وباردا شديد البرودة وساكنا سكونا مطلقا قبل الانفجار قد تحول الى حيز كوني منير ودافيء ونابض بالحركة والحياة ، رحلة الطاقة في الكون بعد حدوث الانفجار العظيم تقع في ثلاث مراحل او اشواط تمثل دورة حياة الكون ( شوط التمدد والانتشار ، شوط الثبات والاستقرار ، شوط الانكماش والانهيار ) في شوط الانهيار تعود الطاقة لتتحول تلقائيا الى مادة كونية كما كانت قبل الانفجار العظيم لتنتهي بذلك دورة حياة الكون ، الوجود هو سلسلة دورات كونية متوالية لا نهائية ، كل دورة تستغرق عشرات المليارات من السنين ، ولا نعلم هل الوجود كون واحد ام عدة اكوان منفصلة عن بعضها ؟
ـ ان الاجرام الكونية مرت وعلى مدى عمر الكون بالكثير جدا من حوادث التصادمات حتى استقرت حركاتها على النظام الثابت والدقيق الذي نشهده حاليا ، اي ان الدقة والضبط والانتظام لحركات الاجرام الكونية قد نشأت بطريقة تلقائية دون تدخل من قبل خالق الكون ، نشأ الانتظام بعد وقائع لا حصر لها من التصادمات في خضم حالة الفوضى والعشوائية في انتشار الاجرام الكونية عقب الانفجار العظيم حتى استقرت على حالتها من الانتظام والدقة في الوقت الحاضر ، هذا الكون حي نابض بالحركة الدائمة ، كل حركة في الكون مصدرها الطاقة الكونية المنبعثة من جوهر المادة ، مشوار الطاقة منذ انطلاقها من المادة والى حين عودتها الى المادة كما كانت قبل الانفجار العظيم .. هذا المشوار يمثل عمر الكون ، وبنهاية مشوار الكون تكون نهاية الكون الحي
ـ قوانين الكون هي دستور الكون ... وهي قوانين صارمة غير قابلة للخرق ، يخضع لهذه القوانين كل ما موجود في الكون ، ظواهر الطبيعة هي تعبير عن فعاليات قوانين الطبيعة ، هذه الظواهر هي نتاجات تلقائية مجردة من أي غاية او هدف ، قوانين الطبيعة تسري علينا دون مراعاة لقيمنا ومفاهيمنا وقوانيننا الوضعية ، الطبيعة لا تعرف مفاهيمنا عن الخير والشر ، كل ما يصيبنا من منافع أو أضرار .. أو من خير أو شر من جراء ظواهر الطبيعة فهو نتاج تلقائي لفعاليات الطبيعة دون وجود دافع او غاية او تخطيط مسبق يكمن ورائه ، نحن نختار من الطبيعة ما ينفعنا ، ونتجنب ما يضرنا ويؤلمنا ، ولكن تبقى قوانين الطبيعة أقوى من رغباتنا .
ـ الكون نظام مغلق ذو دورات لانهائية من التحولات التلقائية المتبادلة بين المادة والطاقة ، كل ما يقع داخل الكون من احداث ووقائع وظواهر فانها تخضع للقوانين الكونية الصارمة دون تدخل او توجيه او تخطيط من قبل خالق الكون ، خالق الكون صنع ووضع وترك الامور تجري بتلقائية وفقا لما صنع ووضع ، صنع المادة والطاقة ووضع القوانين التي تتحكم في سلوكهما وخواصهما ، ولانه وضع للمادة والطاقة القوانين التي تتحكم في سلوكهما وخواصهما فانه لا يتدخل في ما يحدث داخل الكون لان كل ما ينتج عن تفاعلات المادة والطاقة هو تحت سيطرة القوانين ، خارطة توزيع الاجرام السماوية جرت وفقا للقوانين الكونية دون تدخل من قبل خالق الكون ، نوع التشكيلات التي حدثت في الاجرام السماوية جرت دون تدخل ، كذلك الكوارث الطبيعية والاوبئة وكل المصائب التي قد تقع على البشر فانها تحدث وفقا لقوانينها وليس وفقا لارادة ومشيئة خالق الكون ، فالخالق لا يتدخل لا قبل حدوث الكارثة ليمنع حدوثها ولا بعد حدوث الكارثة لازالة اثارها ومساعدة المنكوبين ، واذا نشبت الحروب المدمرة بين البشر فانه لا يتدخل لا قبل الحرب ليمنع وقوعها ولا بعد الحرب لازالة اثار الحرب ، ولان الخالق لا يتدخل في ما يجري داخل الكون فان الصدفة كحدث لها وجود في تحركات وتفاعلات المادة والطاقة وما ينتج عن تفاعلاتهما ، فجميع الكائنات الحية الموجودة على سطح كوكب الارض ومن ضمنها البشر هم منتوجات تلقائية غير مقصودة نتجت عن ظاهرة الحياة ، البشر هم ارقى منتوجات ظاهرة الحياة ، الحياة ظاهرة نشأت من غير وجود قصد او غاية منها ، خالق الكون لم يتدخل في صنعها ولم يتدخل في توفير الظروف المناسبة لاستمراريتها ، ظروف استمراريتها توفرت بالصدفة ، هذه الظاهرة هي ناتج عرضي لتفاعلات المادة والطاقة التي تخضع لقوانين الكون بتوفر الظروف المناسبة التي توفرت بالصدفة على سطح كوكب الارض ، مع اقرارنا بوجود لغز مازال محير حول الطريقة التي أدت الى ظهور الخلية الحية الاولى ، ربما يتمكن العلم في المستقبل من حل وتفكيك سر هذا اللغز وهذا هو أملنا
ـ الحياة والموت ظاهرتان طبيعيتان مرتبطتان ببعضهما ارتباطا جدليا ، الحياة ظاهرة مؤقتة ، الميلاد هو بوابة الدخول الى الحياة ، والموت هو بوابة المغادرة الى العدم حيث الحالة الدائمة ، قبل الحياة كنّا في العدم ، بعد الموت نرحل الى العدم ، الحياة أشبه بجسر قصير بين ضفتين من العدم ممتدتين الى ما لا نهاية ، نعبر جسر الحياة في فترة زمنية قصيرة جدا لا قيمة لها في عمر الكون ، كأن حياتنا ومضة نور خاطفة يشع نورها فجأة في ظلام العدم ثم يخبو فينطفأ الى الابد ، ايها الانسان .. انك في هذه الحياة كمسافر في رحلة قصيرة ، سنوات عمرك هي محطاتها ، لا تعلم في اي محطة ستغادر هذه الرحلة ، فاجعل سيرتك في هذه الرحلة حسنة وذكراك طيبة ، لان سيرتك وذكراك هما فقط اللتان ستبقيان لك بعد رحيلك ، السيرة الحسنة والذكرى الطيبة والاخلاق الفاضلة شرف وفخر للانسان ، ومن لا شرف له لا قيمة له .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -من غزة| -أبيع غذاء الروح


.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز




.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل