الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفكر الإسلامي وحرية النشر

فارس إيغو

2019 / 8 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة (1) الذي يصغي اليه الملايين من المسلمين في العالم العربي عن كتاب الشيخ الازهري علي عبد الرازق الإسلام وأصول الحكم (2) الذي صدر عام 1925 وأثار ضجة كبيرة في أوساط مؤسسة الأزهر والكتاب الإسلاميين والمحافظين في مصر والعالم الإسلامي، يقول عمارة:
ولو أن البحث قد جاء في ظرف غير الذي جاء فيه، لما أثار من جدل وعراك. ولكن، الذي حدث، بل وأهمية هذا الذي حدث، أن هذا البحث كتب ودفعت به الى المطبعة المصرية والى المجتمع المصري والمجتمعلت العربية والإسلامية في وقت كانت فيه قضية الخلافة الإسلامية مثارة، بل كانت قضية القضايا وأهم أحداث الساعة فيه لدى عديد من الدوائر والأوساط (3).
إذاً كان على علي عبد الرازق ـ بحسب فهم الدكتور عمارة لأصول الكتابة وآداب النشر والطبع ـ أن ينتظر قبل تأليفه هذا الكتاب الحارق للمعرفة الأصولية سنوات عدة كي تهدأ عاصفة النقاش حول الخلافة، ويصبح (ربما، لا أدري) الخديوي فؤاد أو الأمير عد العزيز بن سعود الخليفة المنتظر على المسلمين وما يمكن أن يتسبب هذا الفعل من إنشقاقات وحروب أهلية في مصر وفي شبه الجزيرة العربية وفي أمكنة أخرى.
تصوروا مثلاً، وتطبيقاً لكلام عمارة الخطير، أن نكتب عن داعش بعد عشر سنوات من بروزها على الساحة الإسلامية والمجازر والخراب والتدمير الذي أحدثته في العراق وسورية وفي غير مكان باسم الإسلام وباستعمال آيات من القرآن وأحاديث وأقوال فقهية، كي لا نستثير شعور المسلم التقي الذي لا يمكن أن يتصور أن بعض نصوصه يمكن أن تفسر على هذه الطريقة التي تؤولها بها التيارات الجهادية، تصوروا ذلك.
وتصوروا هذه المرة تصوراً آخر، ماذا لو عينت حكومة إسلامية ـ منتخبة شرعية أم غير شرعية ـ محمد عمارة وزيراً للإعلام، تخيلوا ماذا يمكن أن تكون عليه شكل الحريات الفكرية وظروف النشر في مصر، أؤكد لكم، أن مصيرها سوف يكون أسوأ من مصير الحريات الصحفية في النظم الاستبدادية الحالية. وعندها، ربما نعذر قليلاً من لم يقف من العرب مع ثورات الربيع العربي عام 2011 معللاً هذا الموقف السلبي بعبارة: الرمد أفضل من العمى!!!
(1) حول مفهوم الفكر الديني والمفكر الديني، هناك من يتساءل: هل يمكن أن نطلق على الخطاب الديني عبارة الفكر أو التفكير الديني؟ وحاملي هذا الخطاب صفة المفكرين الدينيين؟
ويُدلل الذين يطرحون هذا الرأي على أن هذا الخطاب لدى الكثيرين من الذين يكتبون في الدين لا يرتقي الى مستوى الفكر والتفكير، وبالتالي حسب هؤلاء هناك إشكالية في تسمية أصحاب هذا الخطاب بالمفكرين الدينيين.
والبعض يقول، ربما علينا الإنتظار ظهور شخص مثل سبينوزا لكي ينشأ عندنا فكر وتفكير دينيين ومفكرين دينيين في العالم العربي.
لكنني، أستعمل المصطلح دون تردد، لأنني أعتبر كل من يمارس قراءة النصوص ويشتغل بالكتابة هو يفكر بطريقة ما، قد تكون لأغراض أيديولوجية، لكننا لا يمكن أن ننفي عنه صفة التفكير.
(2) إن كتاب > الذي عالج قضية علاقة الدين بالدولة لأول مرة بهذه الجرأة في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية من كاتب هو شيخ ينتمي الى مؤسسة الأزهر، وقد حصلت قبل الكتاب عام 1903 المجادلة الشهيرة بين الشيخ محمد عبده وفرح أنطون على صفحات مجلة المنار التي يدير تحريرها محمد رشيد رضا ومجلة الجامعة التي يدير تحريرها فرح أنطون.
كتاب الشيخ علي عبد الرازق أُلف في السياق التاريخي الذي صاحب إلغاء الخلافة في مارس عام 1924، وظهور كتاب محمد رشيد رضا > في نفس العام وقبل عدة أشهر من كتاب عبد الرازق.
وفي الرد على عبد الرازق صدر كتابين مهمين في المعركة التي دارت بعد صدور كتاب "الإسلام وأصول الحكم"، الأول هو كتاب << نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم >> للشيخ محمد الخضر حسين عام 1926، والثاني، كتاب مفتي الديار المصرية محمد بخيت المطيعي << حقيقة الإسلام وأصول الحكم >>، وصدر أيضاً عام 1926.
(3) د. محمد عمارة << معركة كتاب الإسلام وأصول الحكم >> (دار الشروق، الطبعة 1989، ص: 14).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه