الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محور مقاومة أم تحالف لأقليات دينية

عمر سعلي
كاتب

(Omar Siali)

2019 / 8 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثر الحديث وانبهار البعض في الأعوام الماضية والأشهر الأخيرة بسلوك النظام الإيراني خاصّة مع التوتر بينه وبين خصومه على خلفية خروج أمريكا من الإتفاق النووي وحرب الناقلات، فأطلقت أصوات كثيرة فكرية وشعبية على تحالف ايران في المنطقة بمحور المقاومة وبكونه مشروع أمة متكامل عسكري وسياسي وثقافي واجتماعي من شأنه أن يقارع الهيمنة الغربية وخاصّة الأمريكية والإسرائلية ،وأكثر من ذلك عقدت عليه اللآمال لتحرير فلسطين والصلاة في المسجد الأقصى حسب تصريح الصوت القوي في المحور حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني.

يتشكل محور المقاومة حسب دعايته من إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وأغلب التنظيمات الشيعية المسلحة في العراق وحركة حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين وأنصار الله الحوثيين في اليمن وبيئة حاضنة من محتلف البلدان منبهرة بهذه التنظيمات تروي بها عطشها القديم وآمالها المشروعة في الكرامة الوطنية والإستقلال.

لكن إذا ما تفحصنا في ذات هذه التنظيمات ومرتكزاتها الإيديولوجية لن نجد فيها واحدة تحمل مشروعا وطنيا تقدميا ديموقراطيا ،حتى النظام السوري جعلته ظروف معركته الداخلية أضعف من أن يلعب خارج نطاق سياسة طهران وروسيا ، كما أدى ضعفه في الداخل وتمرد المناطق السنية والكردية عليه إلى تقوقعه ضمن دائرة علوية ضيقة، وإن كان النظام السياسي في ظاهره علماني لكن سياسيا وبحثا عن الإطمئنان تجده غالبا ما يحتمي بمناطق العلويين ويتخلى عن البعد الوطني في اختيار رجاله الأقوياء.

وأما باقي التنظيمات المنضوية تحت شعار المقاومة فكلها بلا استثناء إسلامية عقدية سواء كانت شيعية أو سنيّة ، فالحشد الشعبي في العراق عبارة عن تنظميات شيعية صرفة جزء منها يتبع لولاية الفقيه في ايران والآخر يوالي المرجعية العراقية في النجف ، ونفس الشيئ عند الحوثيين الذين هم بالأساس حركة زيدية جارودية تحولت مع حسين بدر الدين الحوثي إلى المذهب الإثني عشري فتماهت بشكل واضح مع ولاية الفقيه في طهران عقديا وسياسيا وبصريح تصريحات قادتها وعلى رأسهم عبد الملك الحوثي ،وحزب الله اللبناني كذلك حزب شيعي صرف يفتخر بإعتقاده بولاية الفقيه التي تعتبر أطروحة كهنوتية ترتقي لأن توصف بالخرافة،وحركة حماس والجهاد الإسلامي المكون السني داخل مسمى محور المقاومة هي حركات صحيح تحارب إسرائيل لكنها لا تخرج عن عباءة الإخوان المسلمين ومناهج الجهاد الوطني مثل حركة طالبان وغيرها ، ونحن في تتبع هذه الحركات ننظر ليس لواقع طرحها السياسي ولكن لمآلات مرجعيتها العقدية التي إن استتب لها الحكم وانتصرت كما تتمنى فإنها طبيعيا أن تستبدل محاربة إسرائيل بمحاربة خصومها الذين هم المختلفين عنها ايديولوجيا ومعهم الأقليات الإجتماعية وكل ما يشير إلى التعدد الطبيعي داخل المجتمعات.

وما ينتقد أيضا عن محور المقاومة بعد الإختيارات النظرية لمكوناتها يظهر في خطابها السياسي،بخاصة شعار معاداة الإستعمار حيث لا يترك الخطاب الدعائي لهذه الحركات من شتيمة ولا مرادف للهيمنة والإستعمار إلاّ وألصقه بأمريكا والغرب وهذا حق وسليم ، لكنه يظل ناقصا ويطرح علامات استفهام ، خاصّة بعد الأحداث الأخيرة في سوريا ، إذ كيف تعتبر أمريكا دولة استعمارية بينما روسيا التي لها جنود على الأرض وقاعدة عسكرية كبيرة ، توصف في قاموس المحور بالصديقة والحليفة مع أن روسيا كدولة عظمى لها نفس الطموحات كأمريكا ونفس التقديرات للمصالح مثلها ونفس مستوى العلاقات مع إسرائيل..ولماذا التمييز بينهما لأن روسيا فقط حليفة لسوريا وصديقة لإيران ، وإيران أيضا أليست دولة قومية تبحث عن مصالحها وأمنها القومي ولا يمكنها أن تدخل حربا مباشرة نصرة لأي طرف من محورها إذا ما بات يخسر في معركة ؟ أيمكن أن تكون إيران تستخدم هذه التنظيمات التي تسميها محور مقاومة كقوة لها غير متماثلة تحصنها من أي اعتداء وتبحث بها عن نفوذ في الشرق الأوسط من بوابة حماية هذه المكونات وتسليحها؟، أليست كل هذه أسئلة مشروعة ؟

وأيضا شعار مقاومة اسرائيل ونصرة فلسطين الذي يظهر كركيزة أساسية في الخطاب السياسي والدعائي لما يسمى محور المقاومة ، والذي عليه كثير من الشك بأنه محض خطاب دعائي موجه للجموع المسلمة التي تثيرها القضية الفلسطينية وبغض اليهود التاريخي في المنطقة ، ووسيلة لتملك هذه التنظيمات القوة العسكرية بحجة نصرة فلسطين ، إذ كيف لحركة الحوثيين مثلا التي من شعاراتها الموت لليهود وتحرير فلسطين وهي لا تمتلك أي حدود مع فلسطين ويمنها غارق في الأزمات الإجتماعية والسياسية والثقافية.. ألا يطرح سؤال: أليس من الأولوية النضال من أجل مشروع وطني ديموقراطي يؤسس لإزدهار البلد وتنميته ؟ أمن الملفت للإنتباه أن القاسم المشترك بين حركات المقاومة الجديدة في المنطقة طائفيتها ودعايتها لتحرير فلسطين ؟

وهل تحرير فلسطين هو فقط العائق وبعد إنجازه تفتح أبواب الجنة عن المنطقة أم أن المشاكل أفدح بكثير والتأخر ضرب في منطقتنا جذورا لغياب الديموقراطية والتنمية المستقلة والقرار السياسي المستقل واستيعاب التعددية الثقافية والسياسية وتجاوز إفرازات التقسيمات الدولتية المفروضة التي لم تراعي حقيقية مجتمعات الشرق الأوسط الغنية بتنوعها وتراثها..وأس الحلول تجاوز الطائفية بالتأسيس لمجتعات حرة ودول علمانية ديموقراطية رائدة ومقاومة تأسس حقيقة لحلول مستدامة لمشاكل الشرق الأوسط..لا تعقيدها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاشك للمتبع
عبد الحكيم عثمان ( 2019 / 8 / 26 - 13:19 )
لاشك ان المتتبع ان هذه مايسمى محور المقاومة بعيد كل البعد عن تحرير فلسطين وانما تتخذ من القضية الفلسطينة شماعة ومسمار يوطد بقائها وهيمنتها
فمنذ 70 سنة لازالت فلسطين محتلة ولم يتم تحريرها لحد يومنا هذا رغم التصريحات من قبل هذا المحور قدرته على ازالة اسرائيل من الخارطة في اقل من 7 دقائق ولكن لازالت اسرائيل على الخارطة السؤال ماذا ينتظر محور المقاومة وفلسطين وتحريرها قضيته المركزية وماتشكل محور المقاومة الا لهذا الهدف
الذي ما حققته ولن تحققه لان طرحها مجرد اكذوبة
لا لتنطلي الا على السذج
تحياتي سيدي الكاتب

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah