الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية الدين في رواية (الطاعون)

داود السلمان

2019 / 8 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يطرح البير كامو في روايته "الطاعون" جملة من الاحداث والمفاهيم، من خلال السرد القصصي، بشرح مسهب وايقاع غير ممل، حتى يدع القارئ مشدودا الى تلقي المزيد من الاحداث، بحيث يجعلك تكاد أن لا تغادر منطقة تلك الاحداث لتأخذ قسطا من الراحة، بل تواصل سيرك في شوارع وازقة الرواية، وانت تشاهد المناظر المختلفة من تلك الاحداث، التي رسمتها ريشة مبدع تلك الاحداث الشيقة، رغم ضبابية الاحداث التي تنم عن شؤم وايقاع من الحزن، لكون الرواية تشرح ثمة مرض فتاك راح يحصد ارواح البشر، وبلا رحمة، أنه الطاعون. والاحداث وقعت في وهران بالجزائر سنة 1945كم يشير الكاتب في بداية روايته.
وهنا، لا يهمنا في هذه المحطة أو الفسحة، الا الجانب الديني الذي عالجه الكاتب، حيث ندع تسليط الضوء الى اوقات اخرى، إنْ شاءت الظروف، وتم ذلك لنا.
الاحداث، كما نوهنا، تدور حول مرض الطاعون، وراح هذا المرض يفتك بآلاف الناس، حتى كاد أن يقضي على الجميع، وقد استعملوا كافة القضايا الوقائية للحد من هذا المرض، فلم ينجحوا، حتى أنهم، اخيرا، اتجهوا الى علاج آخر لربما يكون الافضل أو البديل، الا وهو العلاج الروحي أو نستطيع أن نقول الماورائي وهو الدعاء والتضرع الى الله، من خلال تلك الادعية والصلوات، والاستغفار، لعل الله يرفع عنهم هذه المحنة، التي عصفت بهم كما تعصف الريح العاتية بأوراق شجرة صفصاف في موسم الجفاف.
جاء نداء الكنيسة أنه على جميع المؤمنين وغير المؤمنين التوجه الى الكنيسة لسماع توجهات الجهة الدينية بخصوص هذه الكارثة (الطاعون). فخطب القيس خطبة وعظية اشار فيها الى أن هذه عقوبة الهية، لأن الناس ضعف ايمانهم بالله ولم يتمسكوا بالدين، وتفرغوا الى ملذاتهم الخاصة، فنسوا الله خالقهم، وفي نهاية الخطبة العصماء دعا الحاضرين الى العودة الى الايمان والتضرع للخلاص من هذا البلاء.
ومن جملة ما قال القس بانلو: "اذا كان الطاعون يوجه اليكم انظاره اليوم، فما ذلك الا لأن وقت التفكير قد حان، والصالحون لا يخشون ذلك، أما الشريرون فلهم أن يرتعدوا فرقا، فالعالم الآن بمثابة خزانة هائلة للغلال، ولسوف يضرب الطاعون القمح البشري حتى يفصل منه القش عن الحب، وسيكون القش اكثر من الحب، وعدد الذين يدعوهم اليه اكثر من عدد الناجين. إن الله لم يرد هذا شر بالناس، فأن هذا العالم طالما أوضح في الشر معتمدا على رحمة الله". (الطاعون، ص 103).
يريد الكاتب، إن يقول: إن الدين يعتبر ضرورة مهمة للشعوب، وركيزة لا يمكن الاستغناء عنها، لأن الشعوب لا يمكن أن تعيش بدون دين، سواء كان هذا الدين صحيح، خطأ، لا يرتقي مستوى العقل، أو يخالف المنطق والفلسفة، واحيانا يناقض العلم والواقع، فهذا بحث آخر، وبعض الناس قد ينتحر ويفضل الموت على الحياة، لو أنه تيقن أنْ ليس ثمة حياة اخرى بعد الموت، وليس هناك مبدأ الثواب والعقاب. وبغض النظر عن كون البير كامو هل كان مؤمنا أم ملحدا بهذا لا يهم، والنتيجة أن هذه كانت التفاتة رائعة من الكاتب وهو المثقف والفيلسوف الوجودي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عماد الدين أديب يكشف حقيقة علاقة حسن نصر الله بالمرشد الإيرا


.. قراءة عسكرية.. كيف استطاعت المسيرة العراقية اختراق الدفاعات




.. دمار كبير ببلدة حارة الفاكهاني بالبقاع شرقي لبنان بعد الغارا


.. تشييع عدد من شهداء المجزرة الإسرائيلية في طولكرم بالضفة الغر




.. بشأن إيران والرد الإسرائيلي.. الرئيس الأميركي يقدم أول إحاطة