الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسان ودالة النسيان ؟

احمد مصارع

2006 / 5 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


النسيان ظاهرة من ضغط الحياة المعاصرة , وهو موضوع طرائفي حينا وغرائبي في حين آخر وله أوضاع مختلفة مرضية , تلقائية أو هادفة .
من الناحية الاقتصادية , كل البركة في القليل النافع , حين تكون الوفرة مضطربة , وكذا عن علاقة العمق بالاتساع ؟
المحفوظ الجامد أقل من الناحية القيمية من المحفوظ الدينامي المتجدد , وهذا ما يقرره مستوى التفاعلية التي نفترض اضطراد تناميها , نحو أحوال أرقى , وأكثر إشباعا .
كما أن النظريات الرياضية المعاصرة كانت قد برهنت التكافؤ بالقدرة بين المجموعة الجزئية والمجموعة الكلية في الشروط العامة , في أن التطبيق الفعلي يعطي للجزء الأقل قدرة فاعلة أكثر من الجزء الأكبر منه وصفيا .
كان حريصا جدا على مكتبته , وبما جمعه من كتب عبر عدة عقود , وحين سألته بافتراض ساخر , بأن قرارا قيد التنفيذ بمصادرة كل كتبك , عدا ما يمكنك حمله , فماذا ستفعل ؟ فكر قليلا ثم قال يمكنني فعل ذلك , وقد يكون ذلك نافعا بالنسبة لي , فأنا مشتت الذهن حين أنظر إليها جميعا بكلية , وقد أقرأ من هذا الكتاب أو ذاك , والضحية على الدوام هي كتبي المفضلة , لأنني أؤجلها , ولست أدري لماذا أفعل ذلك ؟!.
قلت : إذا أنت تمارس الحب العابر مع من لا تحبه, بينما من تحبه موضوع على الرف , وعلى موعد مفتوح على اللانهاية ؟
اتخاذ قرار بإلقاء ملف ما نحو سلة المهملات , هو مقياس لقابلية الإنسان على التغير والتطور أو انتفاء حاجات ماضية وبروز اهتمامات أكثر قربا من الناحية العملية .
ألق بمالا يعجبك أو تحبه الى سلة المهملات , ولكن سلة المهملات في الكومبيوتر لن تستقبل أمرا دون التحقق الكترونيا من أكيدية قرارك , رغبتك أو نزوتك في إلقاء مالا تحب ولو مؤقتا في جعبة النسيان أو الإنسيان , فالآلة لا تنسى أبدا , بل وحريصة جدا ؟!.
قالوا سميت إنسانا لأنك ناسي ؟!.. بموضوعية تامة أجب وبدون تأثر ؟
من ينسى ويتناسى هو بالضبط من يتبادل الأثر والتأثير ...أليس كذلك ؟
السرعة في الرد مطلوبة , والمرونة كل المرونة في التوافق السريع مع ما نحب ونكره , بل ونفيد ونستفيد , بدون الوقوع الحائر في متاهات الكثرة بدون جدوى .
قال بطفولة تامة : أكاد أنسى كل شيء , أنا مريض بالنسيان ..
كان يضحك من ثورتي التمثيلية الساخرة , بالقول : أن سمة العصر الحديث تتطلب من الإنسان المعاصر أن نكون مجرد سبورة نمحو ما يكتب عليها وقتما نريد .
ألق بكل مالا يفيدك نحو سلة المهملات , سجل هدفا بالمهمل الذي تلقيه برفسة قدمك القوية , ففي كل شيء لا يوجد شيء ؟
كان تلقى أحد السذج من خارج السياق التطوري يحدثك , عن عدة عقود سابقة , التقينا أنا وفلان وفلان وكان يلبس كذا وكذا , وأكلنا بطيخة ولازال طعمها لذيذا كأن ذلك قد حدث منذ قليل أو أن تلتقي بأحدهم في خمس سنوات مرة ويعيد عليك نفس الأحاديث والحكايات والشكايات , وكأنه مستحاثة من محيط متجمد ؟
فقد أكون بحاجة للتذكر أحيانا , بينا أنا محتاج للنسيان على الدوام ولأهداف ايجابية من تطور المعالجات العقلية , التي أملكها : أن كانت محدودة العمق بدون اتساع , والعكس قد يكون صحيحا , وألا فالضغط سيجعلك الوعاء حتى ينزف بشكل فوضوي ومضطرب ؟
المطلوب الآن نتجاوب مع اللحظة الضائعة التي يسمونها عبثا لحظة أنا الآن نعيش ؟
ألق بكل مالا يوافقك نحو سلة المهملات ؟لأن العصر يتطلب منا أن نلقي بما لانحب أو لا يحبنا , نحو سلال مفترضة , فارغة أو ممتلئة ؟...
حريتك وجرأتك في رفض مالا يوافق أو يتوافق مع تيار الحياة ؟
قال لي شخص عزيز , بالحرف الواحد :إنني أعاني من النسيان ؟
قلت له متسائلا, هل تعاني من نسيان الأحبة أم من نسيان التفا هات ؟
قل لي بكل ثقة من الثانية , فقلت ببلاهة : حين لاتحب فلم تتذكر , من واجبك أن تنسى ونهائيا من لا يحبك , وأنت واهما تحبه , كالحب من طرف واحد للئيم يعبد نفسه بشكل مقيت وغير مفهوم , مما يحتار فيه أعتى الفلاسفة عبر العصور , ومن شدة اللؤم ؟.
لماذا تتذكر ما هو مؤلم للغاية ؟ ولماذا لا تنسى لمن هو غير محب لك ولو تلامعت أمام ناظرية كعقد من الألماس في جوف أرض , أو كعقد لؤلؤ في جوف خليج ؟
قلت: ليس المهم أن تنسى بل الأهم هو من تنسى ؟
إن كنت ستنسى من هو قد كان نساك مصادفة , بل وخطط لوضعك في مكان ( نسيا منسيا ) وأنت هنا في منزلة الطفل البراءة الذي لا يدري ما لفرق بين ماحقه وساحقه, ومن هو آمل وحالم بمستقبله الواعد .
عفوا , ارم بشكل رياضي مقيت بكل مالا سيعجبك , نحو سلة المهملات ...
فمالا تريد أن تتذكره فالق به بكل ثقة نحو سلة المهملات ؟
انساه أو تناساه ؟
فالحياة لن تكون غبية للغاية , ولن يكون هو بكل بساطة الكون إياه ؟
لقد سميت إنسانا لأنك ناسي , فهو من النسيان , هل يمكن لهذا الفهم التقليدي المتآكل من قديم الزمان والتراث أن يعود للحضور بقوة التطور العابر ل( فضاءات الكون) , وهل من فارق يذكر بين قوة التصور وقوة الفعل ؟!.
ماهي القدرة الخارقة التي جعلت النسيان سمة للعصر , بل ولكل العصور , عدى الرغبة الإنسانية في التسامح والمحبة , وضرورة النسيان لردم هوة الانقطاع البشري من التفاعل , والعيش المشترك بقوة القبول لمن شاء , وكيفما كان يرغب في أن يكون ؟
بل من الاتساع الجزئي لحياة أو أرض ستبقى على الدوام , تحتضن كل وجود بشري غير متقاتل , في مشيمة رحم واسع رحمة اتساع الكون لمجرة أو مجموعة شمسية أو غير شمسية
إن كنت في جو حار فستتحرحر , وان كنت في جو بارد فتستبرد , فإذا كان ذلك بالوهم أو الواقع , وكل شئ مادة , فالاستجابة حتمية وتلقائية , فإذا كانت المصلحة المادية بمعنى : خذ وانتفع قد تطري المتصلبات العاطفية أو المبدأية البدائية , ولكن من الخطأ التام تعليق كل سوء تفاهم على مشجب التعلق الإنساني بالمصلحية بلا حدود ؟!.
لقد تخلف الإنسان عن الآلة ذات الذكاء الاصطناعي , ففي حين يتداور هو حول أربع أو خمس معالجات عقلية في الحد الأقصى فان الآلة أصبحت أكثر مرونة على قبول مجال مفتوح من القول الاصطناعية , الأمر الذي مهد لعبودية جديدة , تفرض النسيان كأحد خياراتها , المعقولة في بلوغ الأرب , دون الخروج عن حدود الأدب , في سلبية العجب موقفا , والهرب نحو بؤس الانفعال والطرب ؟ في انكفاء يكلم نفسه , يجرح وينتحر , بل ويموت في بطء شديد ؟
إذا كنت تريد أن تتمتع , فعليك بالخضوع والانقياد لذكاء آلي مصطنع ؟!.
عشرات الساعات تمر ببلاهة , وموتي القادم محكم بأوثق القيود على صفحات الإنترنت كعالم افتراضي أكثر واقعية وحقيقية , من الحياة نفسها ؟
يبكون على حائط أو جدار ؟
عبثا يحاولون حرف المسار
على رمس وطلل
بقايا آثار
عالة الإنسان مجرد آله
فمجرد المصطنع صار حاله
وكان العلم قد ساوى الليل بالنهار ؟
سأنسى نفسي بقعة ضوء
في حدبة الكون المدار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الكلفة الإنسانية التي تكبدتها غزة ولبنان بعد عام من الحرب


.. الانتخابات الرئاسية التونسية : مشاركة ضعيفة لنتيجة قياسية؟




.. إسرائيل: ما الذي تغير بعد السابع من أكتوبر؟ • فرانس 24


.. تونس: ما ردود الفعل الأولية على نتائج الانتخابات الرئاسية ؟




.. عام من الألم للأمهات في غزة وإسرائيل.. ونداء لإنهاء الحرب -ل