الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدر

توني جرجس توفيق
(Tony Girgis Tawfik)

2019 / 8 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أيهما الأصحّ..؟! أن أتساءل ما هو القدَر؟! أم مَن هو القدَر؟!

هكذا كتب عن القدَر:

...وكانت أعماله قوية و عظيمة بحقّ... التفَّت حوله الجموع وكانت دائماً تهتف:"مَن يستطيع أن يصنع ما يصنعه القدَر...؟!"

حتى جاء أحدهم، رسمَ صورةً مماثلة للقدر على أحد جدران منزله... وحينما قام الجميع في ذلك الصباح، شاهدوا تلك الصورة. التفّوا حول منزل ذلك الرجل ظناً منهم أن القدَر قد التصق على جدران المنزل... مرّ القدَر بجانبهم، لًم يُعِرهُ أحد الاهتمام... نظر إلى صورته المرسومة فدخل فيها و جعل جسده يلتفّ حول نفسه ليأخذ بالضبط حدود الصورة بكل تفاصيلها. حينها مِن بعيد نظر أحدهما قائلاً: "لقد جعلتُ القدر يسكن ألوان فرشاتي"... عندها نظر إليه القدر نظرةً حانية قائلاً له: علم الرسم لمن يعرف فقط تفاصيل وجهي.

...نعم نستطيع أن نرسم تفاصيل وجهه لأننا نحن من نمتلك الفرشاة،حتى أن القدر يحب الصورة التي نرسمها داخلاً في تفاصيلها... فقط إذا ما احترفنا استخدام تلك الفرشاة، حينها نتعلم كيف تصير لنا إرادة حرة.

ولكن كيف نحترف استخدام تلك الفرشاة؟!

الرغبة يتولَّد عنها هدف (غاية)، يبحث الإنسان في كلّ المَسْكونَة عن تلك الوسيلة التي يمكن أن تحقق هدفه... فيدخل الإنسان بإرادته تحت أقدام آلِيَة "نسيان طبيعته الأولى"... ومِن تلك الآلية يظهر في الأفق قانون عظيم به يستطيع الإنسان أن يمسك الفرشاة.

"إن أعقَد مستوى للتحكم في ذاتك هو أن تترك ذاتك."

إجعل من إرادتك محرِّكاً لك حتى تتمكن من أن تمسك الفرشاة. عندما تعتاد استخدامها، سيصبح رسمك جميلاً. حينها سيشعر بها القدَر. حينها يمكنكما العمل سوياً.

هل الإنسان مُسيَّر أم مخيَّر؟؟!

دعونا نفترض وجود قوَّتان:
1- "Chi" قوّة المادة أو قوة حياة المادة، وهي القوة التي كانت أساساً في صنع كل شيء كما تفترض الفلسفة الطاوية (Neo-Confucian philosophers)...
2- "Li" القوّة الحاكمة... القاعدة... القوة التي تتحكم وتوجِّه ال "Chi" حتى أنها يمكن تسميتها بالقواعد العليا كما افترضَت الفلسفة الطاوية(Neo-Confucian philosophers).

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: "هل Li هي التي تتحكم و توجِّه ال Chi، أم ال Chi هي التي تصنع الشكل النهائي (Pattern) الخاص بال Li؟"

إن الإجابة على ذلك السؤال تكمن في إدراك أن هناك إزاحة زمنية بين ما يحدث في إطار ال Li وإطار ال Chi دون الفصل بينهما...

المعنى؟!...

إنّ ال Chi تتحرك بكل إرادتها دون حتى معرفة أن تحركاتها مرصودة، حتى تصِل إلى نقطة ما بكل إرادتها وباستقلاليّة كاملة، فتكون الشكل النهائي لل "Li"التي تمثل الإرادة الكونية أو القانون الأسمى. ولكنها لا تدرِك شيئاً هاماً وهو أن الشكل الذي توصَّلت إليه في النهاية قد رُسِم حتى قبل وجودها... حتى أن المسالك التي سارت فيها ال Chi عُرِفَت قبل أن تسير فيها ولكن عند اكتمال مسيرتها ظهرت لها دروبها دون أن تعرف أنها كائنة قبل أن تسير فيها، وبالتالي فالعلاقة موجودة ولكن زمن الإدراك الخاص بهما تحت إزاحةٍ ما.

حتى أن تلك الإزاحة الثابتة المعدَّل تمثِّل الأصولية في الوجود، كما أنها أحياناً تربط القوانين العليا بالطاقة الطبيعية ارتباطاً وثيقاً لدرجة أنه يمكن ظهور بعض من الأولى في الثانية... وتصير الثانية امتداداً جزئياً للأولى... كالحب الذي قد يظهر بعد هدية يقدّمها الأول للآخر، ولكن هذا لا يمحي أن كلّ منهما يقطن عالماً مختلفاً عن الآخر وذو طبيعة أيضاً مختلفة تحكمها قواعد أقرب من أن لا تكون قواعد... فدراسة الثابت أو المتغيرات ذات المعدلات الثابتة تجعلنا نقترب من الأصولية في الوجود، أو على الأقل ندرك ما يحكم العلاقة بين Chi و Li، أو لعله من الخطأ أن نقول "إدراك".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا


.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق




.. حزب الله وإسرائيل.. تصعيد مستمر وتحذيرات من حرب مفتوحة| #غرف


.. أهالي جباليا في غزة يصلون العيد بين الركام




.. البيان الختامي لمؤتمر السلام الخاص بأوكرانيا يدعو الجميع لإح