الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تضحيات لا حدود لها تطال عنان السماء للنساء في المزرعة الشرقية ( الحلقة الثامنة )

محمود الشيخ

2019 / 9 / 6
المجتمع المدني


لعبت المرأة في بلدة المزرعة الشرقية دوراً بارزاً في كافة ميادين الحياة،كانت رجلاً وامرأة أمّاً وأختاً وجدّة ومزارعة وخياطة وساقية،كانت كل شي لا يستطيع أحد إنكار أو تجاهل دورها في التربية والعمل،ضحّت بعمرها منذ شبابها واعتبره الناس واجب عليها في حين الرجل ليس على استعداد للتضحية بشبابه بنفس الطريقة والأسلوب إنّما المرأة لم تضحّي في عمرها وشبابها بل احتلّت مكان الأب عملت وربّت وسهرت الليالي الطوال على أطفالها،ولم تطلب لا الشكر ولا الثناء وأمثلة كثيرة ليس في بلدتنا فحسب عن تضحيات المرأة بل في مجتمعنا العربي مليئة بالأمثلة عن النساء المضحّيات بعمرهنّ وشبابهنّ من أجل إما والديهنّ أو أطفالهنّ.
في بلدة المزرعة الشرقية سافر العديد من الشباب المتزوجين إمّا إلى كوبا أو البرازيل أو إسبانيا،وحتى أخيراً إلى أمريكا وتركوا زوجاتهم شابات صغيرات السن أو قسم منهنّ توفي زوجها وهي شابة صغيرة بعضهنّ لم تتجاوز العشرين من عمرها بل الثامنة عشر من عمرها ،توفي زوجها وأخيها حاول إجبارها على الزواج طبعاً الهدف من ذلك أن يتقاضى مهرها ،وعندما أصرّ على إجبارها على الزواج قامت ودفعت له مهرها (100) دينار حتى يتوقف عن محاولاته إجبارها على الزواج.
والفئة الأخرى من النساء اللواتي توفي أزواجهنّ وهنّ شابات رفضْنَ الزواج رفضاً مُطلقاً وبَقيْنَ مع أولادهِنّ الصغار فقسم منهنّ فقدتْ زوجها وهي دون العشرين من عمرها وقسم منهنّ فقدتْ زوجها وهي دون الثلاثين من عمرها،أصرّيْن على عدم الزواج رغم أنّه حقّها إلّا أنّ رفضَهُنّ كان رفضاً مطلقاً وأمثلة كثيرة أيضاً في هذا المجال واحدة منهنّ بعد وفاة زوجها حاول أهلها تزويجها وعند زيارتهم لها لأنها علمت بنيّة أهلها اختفت في ( الخابية ) عن أهلها ولم تظهر وفي مرة أخرى كانت في زيارة أهلها وعندما علمت عن نيّتهم الجدّيّة بتزويجها هربت ليلاً وسارتْ مسافات طويلة جداً رجال يخافون السير في أنصاف الليالي في الطريق الطويلة التى سارتْ فيها حتى وصلت بيتها وعند أولادها وتمسّكت بهم ربّتهم وأصبحوا رجالاً لهم مكانتهم ودورهم الإجتماعي،ونساء أخريات لم ينجبْنَ ذكوراً أصرّينَ أن يتزوج أزواجهنّ لينجب ذكوراً
هؤلاء النسوة بقين يرعيْنَ أولادهنّ الصغار،فمن من الرجال يقبل بهذا ،والبعض الأخر منهنّ لم تبلغ أكثر من خمس وعشرون عاماً،أي في ريعان شبابهنّ،وانقطع الإتصال في أزواجهنّ البعض منهنّ ولم يعد الزوج يعنيه أمر لا أولاده ولا زوجته،بقيت المرأة على رأس بيتها ترعى أطفالها تعمل إمّا في الحقول أي في الزراعة أو في الخياطة لإطعام أطفالها لُقْمة حلال،وحتى لا يعيشون على الصدقه،كثيرة هي النساء اللواتي عملْنَ في مجال الخياطة ليل نهار أو في مجال الزراعة ليس رغبة منهنّ بالشقاء بل رغبة جامحة منهنّ لإطعام أولادهنّ الصغار الذين تركهم آباؤهم ولم تعد له بعد سفره صلة تذكر بعد أن ( رمى الحمل على زوجته ) ولم يدر في خلده أنّها إنسانة لها احتياجات خاصة ولبيتها احتياجات كبيرة،فمن سافر إلى البرازيل مراسلاته كانت تصل بعد شهر من إرسالها لأنها قادمة في الباخرة وليست في الطائرة تصل وفي داخلها جملة مفيدة يقول فيها مرسلها ( إن سألتم عن الحال فهو سلوك الحال ) يعني يا دوب عايشين،وبمعنى أدقّ للنساء أن تدير شؤون بيتها وتعتمد على نفسها وهكذا كانت أحوال النساء من الشابات اللواتي تدعْثَرْنَ في زوج سافر ولم يعد يهمّه من وراءه من زوجة وأطفال،بل همّه أنْ يتمتّع في حياته،تُضرَبْ لهذه الفئة من النساء التحية على تضحياتهم وسهرهنّ وتعبهنّ في التربية والإدارة والسهر على أولادها وهي شابة.
هذه هي المرأة المزرعاوية وغير المزرعاوية هكذا هنّ النساء العربيات يتقدمْنَ على الرجال في التضحية والفداء،فمَنْ مِن الرجال لديه استعداد أن يبقى بلا زوجة ويربّي أولاده أو يفني عمره مخلصاً لأولاده وزوجته لا أتّهمْ لكن هذه صفة ملاصقة للمرأة،التضحية والفداء،الناس في عاداتنا وتقاليدنا يعتبروه واجب على المرأة التضحية ولا يعتبروه واجب على الرجل لأنه لا يستطيع تدبير أمْرُه،إنّما المرأة بإمكانها أن تتدبّر أمرها مالياً واجتماعياً بمقدورها أن تكون رجلاً وامرأة في نفس الوقت،
مثلما هناك دور إيجابي للمرأة هناك أيضاً دور سلبي لها في قديم الزمان،إذ كان دورها أثناء (الطوش ) التى تقع في البلد عليها أن تقوم بتجميع الحجارة على أسطح البيوت لتأمين انتصار الرجال على بعضهم البعض،غير الزغاريد والأغاني التى ترافقهنّ أثناء قذف الحجارة،هذا الدور الوحيد السلبي الذى قامت به المرأة وليس في المزرعة الشرقية وحدها كانت المرأة تقوم بهذا الدور بل في مختلف القرى يتمتّعْنَ بنفس العقليّة.
لم تُمارس المرأة التربية فقط بل مارستْ الزراعة ثم الحصاد جنباً إلى جنب مع الرجل،حملتْ المنجل قبل أن يحمله الرجل،جفّفتْ البندورة والتين وقطفَتْ اللوز وجمعتْ الميرميّة من الجبال شاركتْ في جمع النّتش إلى جانب الرجل لتزويد (التشبّارة ) أقامتْ الطوابين وخبزَتْ فيها ربّتْ الدجاج ومن البيضة (ظَوَتْ سراج ) بيتها ،رافقتْ الحرّاث في أرضها ونقشَتْ أرضها مثلما ينقش الرجل،ثم حرثتْ الأرض مثلما حرث الرجل، غنّتْ في موسم الحصاد ، كما يغني الرجل،روّدَتْ في الليل ،مثلما روّدَ الرجل،زرعتْ الحقول بغضّ النظر عن نوع المزروع فيها،اشتغلتْ مزارعة وبائعة وخياطة حارسة على الوطن والبيدر درستْ محصولها في البيدر،خبّأَتْه في الخوابي ،خبزتْ في الطابون قبل بزوغ شمس الصباح حملتْ العَسْلِيّة والسّطل على رأسها لتُعبّىء جرّتها أو زيرها،ذهبتْ للعيون لغسل ملابس أولادها انتظرتْ إلى أن تـأتي العين بمائها سارتْ في الطرق حافية القدمين أحياناً،وقفتْ في وجه جيش ليس الإحتلال وحده بل في وجه الجيش الإنجليزي،ضربتْ أمثلة ليس في الصبر وحده بل وفي الشجاعة أيضاً،هكذا كانتْ والداتي في ثورة 1936 عندما يقوم (فورد ) القائد الإنجليزي بمداهمة بيت والداتي كنَّ يقفْنَ له كالطّود الشامخ دون خوف أو وَجَلْ بل كزوجات قائد ومناضل يمنعْنَه من الدخول إن لزم الأمر إلى أن يحضر المختار يهاجمْنَ الجيش ويحاولْنَ خلْع اللّثام عن وجوههم لمعرفة العربي فيهم.
هذه أمثلة عن النساء اللواتي وُلِدْنَ في بلدي وترعْرعْنَ فيها وشربْنَ حليب أمّهات مناضلات.
امرأه تأخذ بثأر اخيها عندما ارتدت ثياب رجل ووقفت في منتصف الطريق واوقفت الترك وامرت بنزول الركاب منه وهي مسلحه طبعا،وطلبت منهم ان يناموا ارضا على بطونهم اما من قتل اخيها طلبت اليه الوقوف واطلقت النار عليه فأردته قتيلا هذه شجاعة امرأه ،تعرفت فيما بعد من هي ولم تقلق،لم تنام ودموعها تملىء خديها بل انتقمت لأخيها.
الا ان دور المرأه تغير وتقدمت في وعيها وادراكها وغدت اضافة لكونها مربية وعامله وام مجتهده،اصبحت منافسة للرجل في كافة مناحي الحياة،تأخرت حتى دخلت المدرسة وكان الإهتمام بالذكور قبل الإناث اذ بدأ تعليم الذكور في العام 1922 وافتتحت مدرسة الذكور رسميا بين العامي 1942 _1943 بينما مدرسة الإناث افتتحت بعد ضم الضفة الغربية للضفة الشرقية ةالبعض يقول في العام 1948 افتتح صفين للبنات ألول والثاني في غرف مشتته ، مره هنا ومره هناك اولها كان في غرفتين المرحوم امين حميده ثم في بيت السيد المرحوم فهمي عواد سعد ابو رفيق ثم في بيت السيد المرحوم حسن الحاج عمر واخرها في المدرسة التى كانت للذكور واصبحت فيا بعد للإناث اي انهن في الإهتمام احتلين الدرجة الثانيه والأولى للذكور لقناعة الأهالي بأن مصير البنت هو الزواج وحتى اليوم البعض مقتنع بعدم تدريس ابنته لأن نفعها سيكون لمن يتزوجها وليس لمن علمها.
ان البنات اثبتن للمرة الألف انهن قادرات على الدخول في سباق مع الذكور والنتائج المدرسيه تثبت صجة ما نقول ففي النتائج الأخيره لخريجي البكالوريوس كان عدد الخريجين هذا العام 2019 ( 40 ) خريج منهم (33) صبيه و(7) شباب وفي امتحان الإنجاز كانوا (54 ) طالبا منهم ( 40) طالبه و( 14 ) طالبا كل هذا اثبات ان المرأه قدرتها هي الأعلى في التصدي للمهام مهما كانت فقد اثبتت انها قادره على مواجهة الحياة عند غياب زوجها بغض النظر عن سبب غيابه اكان وفاة او سفر واثبتت بالأرقام انها الأقدر على ااحتلال مراتب اعلى من الذكور في التعليم،وايضا اقدر على الإداره فالمدارس التى تديرها سيدات نتائج البنات فيها افضل واعلى من نتائج الذكور ومدارسهن اكثر نظاما وانضباطا ونظافة واناقة،بينما التى يديرها رجال اينما ذهبت تجدها غير ذلك.
ان المرأه في بلدي المزرعة الشرقية اثبتت من خلال التجربه انها اقدر واكثر تضحية من الرجل واكثر احتلالا لمراتب العلم فعدد الخريجات في بلدي من بين الخريجين تحتل اعلى رقما ومكانتا من الذكور الذين لا هم لهم غير التفكير في السفر لأمريكا لأنهم يعتقدون ان الحياة مال وليس علم وتنمية عقول،لذلك تراهم يسهرون حتى بعد انصاف الليالي غير عابئين بالدراسة او الدوام المدرسي،وفي الصباح يهرعون لترتيب برنامجهم دون استعداد ليومهم الدراسي اكان بالوظائف المدرسيه او الإمتحانات اليوميه،واكثر ما يحتل اهتمامه هو الإنترنت والتكنولوجيا التى خلقت لديه اهتماما في مجالها في الأكثر تطورا من الموبايلات،ان الذكور متهمين انهم هم الأقدر على الإداره في الحياة والتجربة اثبتت عكس ذلك تماما،وهن الأقدر على التصميم والبذل والعطاء،هاتوا مثلا يحتذى من الرجال عن التضحية مثلما ضحت المرأه لا اقول ان الرجال يفتقدون هذه الصفه بل تضحياتهم في القضية الوطنية عالية جدا لكن علينا ان نعرف ان من رباهم هي امرأه من انجبهم هي امرأه لم ينجبوا انفسهم ولم يربوا انفسهم ولهذا ترى السجين عندما يطلق سراحه يسرع ليقبل قدمي امه وليس ابيه هذه المرأه التى ذرفت نهرا من الدموع على ابنها وليالي كثيره لم تعرف عينها النوم سافرت مسافات طويله لزيارة ابنها اصطدمت مع جنود الإحتلال ملأت الميادين اعتصامات مطالبة بتلبية مطالب الأسرى ثم انها اعتقلت الى جانب الرجل ضحت بعمرها وشبابها وامثلة تلك النساء في مجتمعنا الفلسطيني كثيره.
بإمكان اي متتبع لحياة النساء ان يأخذ امثلة عن نساء ساهمن في تطوير البلد منها مديرة المدرسه في السبعينلت من القرن الماضي الست ( شهرزاد الأيوبي ) لا اعلم اهي متوفيه ام على قيد الحياة كانت تقوم بزيارة الأهالي في البلد لجمع التبرعات من اجل اما البناء او شراء لوازم مدرسيه كانت كالرجال في اقدامها ثم مديرات المدارس اليوم بدءا بالمديرة السابقه لمدرسة بنات الشيخه فاطمه او مديرة مدرسة الذكور الأساسيه او المديرات الأخريات في اساسية البنات ومديرة الثانويه جميعن اثبتن في الواقع قادرات عاليه على الإستنهاض في العملية التعليميه والإنضباط في الحياة المدرسية وتحقيق اعلى النسب في النجاح ترفع لهذا النوع من النساء القبعات اللواتي ضحين اما بشبابهن او في استنهاض العملية التعليميه في بلدتنا وعلى الرجال الإقرار بأن النساء ليس نصف المجتمع بل هن المجتمع فبدونهن المجتمع ليس بخير،منهن نتعلم التضحية والبذل واعطاء.
لم تمارس المرأه التربية فقط بل مارست الزراعة ثم الحصاد جنبا الى جنب مع الرجل،حملت المنجل غنت له كما يغني الرجل،رودت في الليل ،مثلما رود الرجل،زرعت الحقول بغض النظر عن نوع المزروع فيها،اشتغلت مزارعه وبائعه وخياطه حارسه على الوطن والبيدر درست محصولها في البيدر،خبأته في الخوابي.
لا ضير ابدا لدى هذه النسوه من ان يكن بائعات متجولات في القرى االمحيطه ببلدتنا سواء اثناء زراعة الخضروات (كالبندوره ) او التين المجفف ( القطين ) او القمح وغيره من المزروعات الزائده عن حاجة عائلتها،او القيام بإستصلاح ارضها سواء في حفرها لإعدادها للزراعه او القيام بعمل سلسة حجرية لها لمنع سواء الدواب او غيره من الدخول في حقلها،علينا تقديسها لأنها انخرطت في العمل الأسود لتقاوم الفقروالحاجه،التى اصابت عامة الناس،الكل كان فقيرا وحياتهم مستره لم يكن هناك ثري ولا فقير محتاح بل الجميع كان بنفس المستوى من العوز والحاجه.
لا اخجل ان قلت بأن والدتي عملت في اعداد الطعام للعمال الذين كانوا يعملون في بناء المسجد،مقابل اجر طبعا بهدف تغطية نفقات بيتنا،هذه المرأه قدستها،لشجاعتها عند اقتحام الجيش الإنجليزي لبيتنا في اعوام ال 1937 _1939 حاولت بكل شجاعه خلع لثام احد الجنود الملثمين الذيى اقتحموا المنزل بحثا عن والدي الثائر،بعد ان عرفت من هو الا ان الجنود صدوها ومنعوها من خلع اللثام عن وجهه،وهذا الرجل معتاد ان يكون واشيا فقد وشى على المناضل ابراهيم بكر عندما كان مطاردا للحكومة الأردنيه،وسنأتي في حلقة خاصه عن الأستاذ المحامي ابراهيم بكر ،افضل ان اطلق عليه المناضل ابراهيم بكر،الذى اسقط مع رفاقه حلف بغداد كما اسقطوا مشروع توطين اللاجئين واقاموا بنضالاتهم حكومة وطنية في الأردن حكومة سليمان النابلسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار