الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجودة وضمانها في التعليم ..المفهوم والدلالات

حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)

2019 / 9 / 6
التربية والتعليم والبحث العلمي


تعدد وتتنوع مفاهيم الجودة في التعليم ولا تكاد تمر فترة زمنية معنية إلا ويتم إنتاج مفاهيم جديد للجودة، المبنية على الممارسة والتطبيق، وهذا يؤكد أهمية العلاقة بين إنتاج المفاهيم والوقائع المعاشة، وبمعني آخر هناك تأثيرات التطبيق والممارسة على عمليات تحديث أو تجديد أو تنوع المفاهيم، كما أن انقطاع هذه التأثيرات يجعل من بعض المفاهيم تبدو قوالب جامدة، وأحيانًا أخرى غير واضحة، فوضوح معاني المفاهيم تأتي من خلال وجود الدلالات، ووجود الدلالات تأتي من خلال التطبيق والممارسة المعاشة للمفاهيم.
فالبيئة التعليمية الجيدة هي التي تقوم بإنتاج مفاهيم الجودة ودلالاتها أو تكون منتجة لها، حيث تقوم بإرساء الطقوس المؤسسية والممارسات الجيدة، والمناخات المحفزة على ذلك الإنتاج، ويرتهن مستوى تطبيق وممارسة الجودة بأنماط السلوك والمواقف والمقاربات التي تُقاوم العراقيل والإكراهات، حيث تعمل الجودة في هذه الحالة كنظام حماية (Anti-Virus) ) داخل المؤسسة التعليمية.
فالجودة تعني في أحد معانيها احترام القوانين والأنظمة واللوائح والإجراءات المعمول بها داخل المؤسسة التعليمية، فهي تسعى إلى تهيئة البيئة التعليمية بالمؤسسة من أجل تعليم وتعلم أفضل.
وهي أيضًا حالة ديناميكية متحركة وبشكل دائم ومستمر، بمعني أن جودة في التعليم لا يمكن أن تبلغ سقفها المستهدف من حيث المواصفات؛ سواء من حيث: الفهم، أو المعارف، أو المهارات، وهذا يعني صعوبة التعامل مع مخرجات المؤسسات التعليمية على كونهم سلعة، في حين يمكن إنتاج نفس السلعة في أيّ مصنع، وبنفس المواصفات، وحسب ما صمم له، بحيث ستكون مواصفات والشكل والعناصر واحدة لكل إنتاج المصنع.
فالجودة في التعليم لا تعني كمية الفهم أو المعارف أو المهارات المخزنة في ذاكرة المتعلم، أنما تتجلى الجودة من خلال فعالية الفهم أو المعارف أو المهارات في ممارسات وسلوكيات والمواقف التي تواجه المتعلم، وتكون عدّة فكرية، وعلمية وثقافية وتقنية يتكئ عليها أداء المتعلم في الوضعيات الحياتية المتحولة، فتغير من طبيعة ردود فعله وقناعاته ومواقفه، وتبقي متأهبة لكي تستخدم في مواقف ومواقع ومحطات جديدة لغرض معالجة موضوعات ذوات طبائع متباينة.
وهي أيضًا ثقافة تنفذ إلى السلوكيات والمواقف والممارسات وليست تحقيق شروط مادية معينة وحسب.
وهي كذلك أقرب إلى ميثاق عمل ما بين المؤسسة التعليمية التي يمثلها المعلمون والموظفون والكوادر المساندة، وبين أولياء الأمور والطلاب.
وبهذا تشكل الجودة وضمانها نمط حياة داخل المؤسسة التعليمية تتصف بالتنظيم والترتيب والمحاسبية والحرص والتقييم والتقويم والتحسين والتطوير والتقارب ما بين أطرافه كافة، بهدف عقلنة الفوضى، بالتالي يتوجب الالتزام بما تقرره من حقوق وواجبات.
وهي أيضا مشروع يجمع في داخله ما هو قانوني وتعلمي وتعليمي وأخلاقي.
ويقول ابن خلدون عن جودة التعليم” وعلى قدر جودة التعليم وملكة المعلم يكون حذق المتعلم في الصناعة وحصول ملكته
وتبدأ الجودة وضمانها بالتدرج في الاقتناع، وحسن إعداد الخطط والبرامج والأنشطة لتشمل أطراف العملية التعليمية كافة دون إقصاء أو تهميش أحد، وذلك بغية خلق وعي جمعي داخل المؤسسة التعليمية بالمسؤولية العلمية والأخلاقية اتجاه العملية التعليمية، مما يُحفز ويُشجع المعلمين أو الطلاب أو الموظفين أو أولياء الأمور الانخراط دون تردد في خدمة المؤسسة التعليمية.
إن برامج وأنشطة الجودة وضمانها في المؤسسات التعليمية بحاجة إلى أنظمة حماية ومدافعة ومساندة لها سواء من داخل المؤسسات التعليمية، أم من خارجها، فترك تلك البرامج والأنشطة والممارسات تعمل دون وجود أيّ قوى مدافعة ومساندة وداعمة لها سيؤدي لا محالة مع مرور الوقت إلى اضمحلالها ومن ثم إنهاؤها داخل المؤسسة التعليمية، وهنا أود التذكير بمقولة المفكر مالك بني يقول فيها" لا يكفي ان تبدع أفكار بل يجب ان تُؤمّن لها الحياة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة