الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عربات الآلهة اليهودية ... وتشابه الديانات الإبراهيمية ...ج2

خالد كروم

2019 / 9 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تمهيدية :-

إن لم تكن علاقتك مع الآخر سوى أنه يهرب منك عندما تقترب.... ويقترب منك عندما تهرب فأنت لم تقم علاقة سوى مع ذبابة.....

والوجود مشكل فلسفي .... وليس من شأن الفلسفة تقديم مضمون جاهز حول ذاتنا.... رغم استطاعتها تحريرنا من اوهامنا....بالايمان نستطيع ان نقيم علاقة مع الابدية حسب كيركغارد !.

رغم ان الفسلسفة تقول لنا لا معنى للوجود بلا وجودي انا.... نحن نتفلسف بما لا نستطيع فهمه !.

فـــ الناس على الدوام يعتنقون المألوف.....يخشون الحقيقة.....الأكاذيب مريحة لهم أكثر حتى لو كانت غير عقلانية ...أو منطقية بالمرة....

تقول الأسطورة أن الحقيقة والكذب التقيا يوما.. ...فقال الكذب للحقيقة : - إنه ليوم جميل حقا.....

نظرت الحقيقة حولها فى ريبة.... رفعت عينيها إلى السما..... لترى أن اليوم بالفعل كان يوما جميلا.... فقضت وقتا طويلا بصحبة الكذب فى ذلك اليوم.....

- الماء فى البئر رائع.... فلنستحم سويا....نظرت الحقيقة للكذب فى ريبة للمرة الثانية.... ولمست الماء.... لتجده بالفعل رائعا".... فخلع الاثنان ثوبيهما.... ونزلا للاستحمام فى البئر.....

وفجأة:_ خرج الكذب من البئر.... مرتديا ثوب الحقيقة...!!وركض بعيدا"....خرجت الحقيقة الغاضبة من البئر..... وركضت وراءه فى كل الأماكن بحثا عن ثوبها.... فنظر البشر إلى عرى الحقيقة.... وأشاحوا بوجوههم فى غضب واستهجان....

أما الحقيقة المسكينة..... فعادت إلى البئر.... واختفت للأبد من فرط خجلها....ومنذ ذلك الحين..... يسافر الكذب حول العالم مرتديا ثوب الحقيقة.... فيلبى أغراض المجتمع.... بينما يرفض الناس أن يروا الحقيقة عارية....

إذا" العدم بالنسبة لهم أكثر ثبات كحالة نهائية يصل الوجود لها....وكل ذلك يحتاجونه لتثبيت معتقد ..(("يوم القيامة"))...والذي هو ترابط: _نهاية حياة البشر مع نهاية الوجود..بأساس أنهم يفترضون أن الوجود له غرضية في البشر....

زائل أو قتي أو فانٍ لكنه ليس دائم ...شكل الكلمة يوحي شعريا هذا المعنى فقط....وذلك من لا وعيهم يؤدي بواسطة ...(( "نسبية اللغة"))...الى جزمهم دون دليل عملي أو برمجتهم دائما الى فهم أن الوجود زائل أو ...(( "محدِثٌ" فلسفيا"..!!))...

أي في جانب من جزمهم حول الإصرار في الجزم بسبب الوجود ...((على الأغلب ليس علّة الوجود) )...هو ذلك ... برمجة من وعيهم التحتي = ..((Subconscious )) ..

البعث والخلود فى الحضارة المصرية القديمة

المصريون القدماء يعتقدون أن الانسان يبقى حياً بعد الموت دون أن تكون لديهم فكرة واضحة عن المكان الذى يحيا فيه....

كان المصريون القدماء من أوائل الأمم أن لم يكونوا أول أمة أمنت بالبعث والخلود بعد الموت ...!! فقد نشأت عقيدة البعث والخلود منذ العصور المبكرة من تاريخ مصر شأنها شأن الكثير من مظاهر الحضارة المصرية بتأثير عوامل البيئة الطبيعية....

فى العصر الحجرى الحديث فى ...(( مرمدة بنى سلأمة )).... دفن الموتى بين منازل الأحياء أو فى داخلهاووضع بجانب المتوفى بعض الحبوب.... وذلك بالقرب من أفواههم ربما لأعتقادهم بأن دفنهم بين المساكن يغنيهم عن تقديم القرابين ....

ويهيي لأرواحهم أن تشارك الأحياء فيما يأكلون ويشربون.....بينما فى الحضارة التاسية ...((دير تاسا )).... كانت المقبرة عبارة عن حفرة بيضاوية صغيرة يوجد فى جدارها الغربى فجوة صغيرة يوضع فيها اثاث المقبرة ....

وهى الأدوات التى كانت توضع مع المتوفى لأستخدامها فى الحياة الأخرى ....ربما تعد تمهيداً معمارياً لما ظهر فيما بعد من وجود مخازن بحجرة الدفن لخزن ما يحتاج اليه المتوفى فى العالم الأخرمما يوضح تفوق الحضارة التاسية عن مرمدة بنى سلأمة فى هذه الناحية....

أما فى العصر النحاسى فى مقابر ...(( البدارى ))... زودت المقابر بالقرابين اذ كشف فى أحدى المقابر عن بقايا خشبية ....ربما كانت تتصل بتخزين ما يحتاجه المتوفى .....

ويشير ذلك الى ايمانهم باستمرار الحياة فى العالم الأخر .....بالاضافة الى العثور على دفنات للحيوانات ....والعثور على تمايل للحيوانات فى المقابر ....ربما يشير الى املهم فى الانتفاع بها فى العالم الأخر ....اى انه ربما تعد العصور الحجرية هى مهد عقيدة البعث والخلود....

من هنا أصبح الاعتقاد بالبعث والخلود واضحاً فى هذه الفترة حيث أصبحت المقبرة هى المأوى للمتوفى .....وكانت تملأ بالأثاث الجنزى والمأكولات والمشروبات الى جانب وجود المراكب التى كانت تدفن بجانب قبر المتوفى .....وكان الهدف منها أغلب الظن نقل المتوفى الى العالم الأخر.....((العصر العتيق : من 3100الى 2686ق.م. )) ..

القربان اليهودي ...

الرابط بين تقديم القرابين البشرية...... وبين التسلسلات الهرمية الاجتماعية......لم تنظر كثيرًا للدوافع أو للطريقة..... فالقرابين البشرية.....غالبًا ما كانت من طبقات اجتماعية أدنى......وأنه كلما كانت ثقافة المجتمع أكثر طبقية..... كلما كانت طقوس التضحية بالبشر أكثر انتشارًا فيه....

طقوس القرابين البشرية ليست مجرد عملية قتلٍ بكفاءة..... وإنما هي أكثر بكثير من ذلك..... فبحسبه: - غالبًا ما تحدث تلك الطقوس في أجواء مراسمية.... يستغل فيها مظهر الدماء..... هذا الأمر..... غالبًا ما يأتي في ظل إرهاب.... وشكل مسرحي.... في أقصى درجاته الممكنة....

هذا يدعم فرضية الرقابة الاجتماعية...((social control hypothesis)) ..... ففكرة التضحية بالبشر...... هي وسيلة لترويع الناس وإرهابهم.....

للحصول على خضوعهم..... والسماح للقادة الدينيين والسياسيين ...((في كثير من الثقافات كان كلاهما نفس الأشخاص)).....بإصدار أوامر قتل.... لتوطيد سلطتهم دون معارضة....

نشأ القربان أول ما نشأ في ظل الديانات التعددية التي لا توحد الله..... فتوحيد الآلهة في شكل إله واحد سيكون مع إنجاز النص التوراتي..... لأن بني إسرائيل هم الذين وحدوا الله بالنص .....

والفعل الشعائري فاعتبروا الله واحدا في الجوهر..... أما قبلهم فكانت الديانات الثنوية الكونية تجعل من الله اثنين: النور - الظلام – الخير - الشر ... خاصة ديانات بلاد فارس القديمة : المزدكية - الزرادشتية - المانوية ....

كذلك ...كانت القرابين توجه على إله الخصب .....كما يلاحظ ذلك الباحثون الأنتربولوجيون حول مجتمعات ما بين النهرين ...((البابليون – الكنعانيون – الآشريون))...

كما ظهر منذ القديم في مجتمعات أمريكا اللاتينية ....خاصة حضارتا...(( المايا و الأزتيك ))...حيث كان كهنة الهيكل أو المعبد يجتمعون عند سفح الهرم ....و ينتظرون قدوم الخسوف القمري ليقدموا مئات الرؤوس البشرية لإله القمر تكفيرا منهم عن خطإ مفترض...

وقد سبق أن أشار إلى هذا المعنى الدكتور ريتشارد دوكنز بخلقه لمفهوم ...((" الميمات"))... (( les Mèmes )) ...التي تقابل مفهوم الجينات البيولوجية...!! لأن ..(("الميم" ))...

هو الوحدة الثقافية أو بلغة أقرب إلى المصطلح البيولوجي ....((" الميم"))... هو المورثة الثقافية التي تنشأ في الخريطة الثقافية للإنسان في مقابل ...((" الجين" le gène )).....الذي يشكل الخريطة الجينية من الناحية البيولوجية...

إن وظيفة القربان تتجلى أساسا في تشريع العنف الذي لا مهرب منه..... فالناس بطبيعتهم يختزنون في أنفسهم ميولات عدائية ....ومنه يكون البحث عن تحويل هذا العنف إلى سلوك شرعي مرتبطا بخلق دائرة لشرعية العنف....

إذ إن التنفيس ...(( abréaction )) ..عن العنف الجوهري في سيكولوجية الإنسان فعل ضروري و مشروع إذا ما اتخذ هذا المسار المتسامي ...(( transcendant ))...

كان الذبح و لا زال مُشرّعا في الدّيانة اليهودية من قبل المُحفّز النّصّي الذي أشرنا إليه لماما، المحفّز النّصي بالنسبة لليهود هو العهد القديم الذي يقول بظاهر اللفظ : " هكذا قال ربُّ الجنود، إله إسرائيل ، ضُمّوا مُحرقاتكم إلى ذبائحكم و كُلوا لحْما" {1}..

البشر منذ القدم لديهم اعتقاد بأن الآلهة لتظل معهم وفى جانبهم..... فهى تحتاج دائماً إلى القرابين والصراعات والحروب .....الآلهة فى نظرهم متعطشة دوماً لدماء المخالفين .. كل من ليسوا على ملتهم...

يوم البعث سيصاب أولئك بالذهول حقاً حين يكتشفون أن نصوصهم الدينية التى قتلوا باسمها الآخرين تم تحريفها أو تفسيرها بشكل خاطىء من قبل كهنة القبيلة أو سدنة المعابد أو شيوخ المساجد أوكرادلة الكنيسة .

الرب لم يأمر بذلك..الرب لا يعرفهم و لم يكن فى صفهم أبداً..الرب الحقيقى كان على الدوام إله الطيبين....

ولسبب ما قرر الرب أن يكون ثمن الغفران فادحاً..كان الثمن هو الموت..كان يجب على أحدهم أن يموت ليفدى البشر من خطيئة أبيهم......

ولم يوكل الرب أحد أنبياءه للقيام بهذه المهمة.....رغم أن أحداً من الأنبياء الصالحين لم يكن ليرفض أن يضحى بنفسه فداءاً للبشرية لغفران مثل هذه الخطيئة....لكن لسبب ما – غير مفهوم- قرر الرب أن يفدى البشر بنفسه ويموت هو....!

فتجسد في هيئة إنسانية ونزل إلى الأرض ليقتل.....مما بدا كرسالة اعتذار ضمنية من الرب إلى البشر .....أو كأنه يعاقب نفسه على طرد آدم من الجنة من البداية....

يتبع ج 3

المراجع ..

1:- العهد القديم ، سفر إرميا ، 7 - 22 – 24.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah