الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الإسلام يُعرّيهِ بنو جِلدتِهِ-

موريس صليبا

2019 / 9 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حاورته شيارا ريغو
[صدر في باريس مؤخرا كتاب عنوانه "الإسلام يُعرّيهِ بنو جِلدتِهِ" (L’islam mis à nu par les siens)، وهو كناية عن أنطولوجيا لكتّاب مسلمين حاليّين أو سابقين صدرت كتاباتهم بعد الحادي عشر من سبتمبر. جمع فيه واضعه السيّد موريس صليبا حوالي خمسين مقالا يتحدّث فيها أصحابها عن مواضيع تتركّز على الإسلام وما يرتبط به. للتعرّف على هذا الكتاب وأهدافه ومضمونه، أجرت السيّدة (شيارا ريغو) حوارا مع واضع هذا الكتاب وهذه ترجمته إلى العربيّة.]
س – ،سيّدي بداية، ما هي الأسباب التي دفعتكم إلى وضع هذه الأنطولوجيا عن كتابات إسلاميّة تشرّح وتفكّك أهمّ أركان الإسلام وتكاد، كما يقول عنوان كتابكم، "تُعرّي الإسلام" فعلا من كلّ شيء، حتى من ورقة التين؟
ج - شكرا سيّدتي لاهتمامك بهذا الكتاب الجديد والبحث عن الهدف من وضعه. أوّلا وقبل الدخول بالتفاصيل، أودّ توضيح أمر جلل، ألا وهو التذكير بالمبدأ الذي يقول: "ناقل الكفر ليس بكافر". فبحكم اختصاصي في علم الاجتماع واهتمامي بظاهرة الرفضيّة وانتقاد الدين والتمرّد عليه من داخل كيانه وبيئته، وجدت نفسي، خاصّة بعد مجزرة الحادي عشر من سبتمبر، أمام وضع خاصّ وغريب. إذ صدرت بعد تلك المجزرة الرهيبة وبلغات متعدّدة كتبٌ ومقالاتٌ كثيرة تبحث عن المصادر في التراث الإسلامي التي دفعت بعدد من الشباّن المسلمين المثقّفين الجامعيّين إلى التضحية بحياتهم وبمستقبلهم وارتكاب تلك المجزرة باسم الإسلام ودفاعا عن الإسلام. وفي نفس الوقت صدرت أيضا باللغة العربيّة وعلى مواقع إلكترونية عديدة وبقلم كتبة وباحثين ومحلّلين مسلمين دراسات وأبحاث ومقالات تركّز على نفس الموضوع وتتطرّق إلى مقوّمات الدين الإسلامي وضرورة مواجهته بنقد بناء، وكلّها تبحث عن منابع هذا العنف في التراث. هكذا اكتشفتُ عددا كبيرا من الذين أسهموا كثيرا في هذا المجال، منهم من هو معروف في العالم العربي والغربي ومنهم من هو مجهول تماما. لذلك قرّرت جمع ما أمكن من هذه الدراسات والمقالات واختيار عدد منها ونقلها إلى الفرنسيّة لإطلاع قرّاء الفرنسيّة على هذه الظاهرة لدى المسلمين بهدف التعريف بهؤلاء المفكرين المسلمين التنويريّين المجهولين في الغرب والمغيّبين غالبا أو المضطهدين في العالم العربي والإسلامي.
س:- هل برز اهتمامكم بهذا الأمر غداة وقوع مجزرة الحادي عشر من سبتمبر، أم أنّ هناك حيثيّات وأسباب أخرى سابقة أثارت لديكم الفضول للبحث والتنقيب عن هذه الظاهرة من قبل؟
ج: - صراحة لم يولد هذا الاهتمام لديّ من لا شيء. في الحقيقة، أحداث الحادي عشر من سبتمبر دفعتني أكثر فأكثر إلى التركيز على مراقبة هذا الأمر ومتابعته. غير أنني بحكم عملي ونشاطي المهني تسنّى لي سابقا زيارة عدد من الدول العربيّة حيث تعرّفت على أناس أثار لديّ سلوكهم شيئا من الفضوليّة. أذكر على سبيل المثال لا الحصر أحد الموظفين في إحدى الوزارات في بلد عربيّ، كان عليّ أن أتعاون معه فترة شهرين تقريبا. بعد مرور أسبوعين من العمل المشترك، اكتشفت كيفيّة تعامله معي، وكيف كان يسهّل لي مهمّتي في ذلك البلد بتفان وبكثير من الاحترام. في أحد الأيّام، وكان ذلك في شهر رمضان، دعوته إلى الفتور في الفندق الذي كنت نازلا فيه. فقبل الدعوة بكل سرور وترحاب، ولكنّه سرعان ما فضّل أن تكون الدعوة، إن أمكن، لوجبة الغداء.فوافقت حالا على ذلك مع بعض التساؤلات لعدم معرفة السبب. علما أن الفندق الذي كنت نازلا فيه، يرتاده عدد كبير من الأجانب غير المسلمين، ويستطيع أيّ إنسان، مسلما كان أم غير مسلم، أن يأتي إليه ويأكل فيه آنذاك طعام الغداء حتى في شهر رمضان. وخلال الحديث مع ذلك الموظّف عرفت أنّه كان سابقا مسلما وتحوّل إلى الإلحاد، ولم يعد يؤمن لا بالإسلام ولا بأيّ عقيدة أخرى ولا يتقيّد بصوم رمضان ولا بأي واجب دينيّ. كما كان ينتمي إلى مجموعة من الملحدين، معظمهم من الجامعيّين. وقد حدّثني طويلا عن وجود ظاهرة الإلحاد بشكل متزايد بين المثقّفين المسلمين دون الشعور لديهم بضرورة الكشف عن قناعاتهم الشخصية أمام الملأ. كانوا يعيشون نوعا ما في شبه عزلة، يلتقون معا في بعض المقاهي أو النوادي دون إزعاج أحد إطلاقا. كانوا يتناقشون ويتبادلون سرّا كتب الملحد السعودي عبد الله القصيمي، وكتاب الفيلسوف السوري صادق جلال العظم (نقد الفكر الديني)، وكتاب الأديب اللبناني مصطفى جحا (محنة العقل في الإسلام)، وكتاب الباحث أبو موسى الحريري (قسّ ونبيّ)، وغيرها من الكتب المحظورة. فكان هذا مثالا من أمثلة عديدة عشتها قبل ثلاثين سنة. ومنذ ذلك الحين وأنا أتابع ظاهرة الإلحاد والرفضيّة والتمرّد ونقد الدين في العالم الإسلامي وما ينشر عن ذلك. أنا أتابع ذلك كمراقب خارجي شأني شأن أي باحث، اقرأ وأستند إلى النصوص التي يتسنّى لي الاطلاع عليها. وقد أدركت شدّة أهميّتها بعد أحداث سبتمبر 2001. لذلك ركّزت عليها وقرّرت اختيار بعضها وترجمتها ونشرها بالفرنسيّة.
س - ما هي أهمّ المواضيع التي ركّزتم عليها في كتابكم وكيف صنّفتموها؟
ج - اكتشفت أنّ المواضيع التي نشرت على المواقع الإلكترونيّة من قبل كتبة مسلمين أو مسلمين سابقين عديدة جدّا ولا يمكن جمعها وحصرها في إطار كتاب من هذا النوع. فمن أصل ما يقارب 300 مقال أو دراسة توفّرت لديّ خلال العقدين الأخيرين، اخترت حوالي خمسين مقالا ووزّعتها على 13 بابا أو موضوعا، وهي: انتقاد القرآن وتشريحه - انتقاد إله الإسلام والتعاليم التي تنسب إليه - البحث عن التشابه والتواطؤ بين الله والشيطان في نصوص القرآن - وضع النبيّ محمّد تحت المجهر- التطرّق إلى تعاليمه وسلوكه وأفعاله- وضع الإسلام على المحكّ - النظر في مختلف معتقداته - مآسي المسلمين ونظرتهم إلى الإرهاب - المسلمون والشعور الإنسانيّ - الأزهر تحت المجهر – الاستهزاء بالإسلام - خرافة الإسلاموفوبيا وتبعاتها - كراهة النساء في الإسلام - والهرب من الإسلام، وغيرها.
س - إنّها عناوين لأبواب ومواضيع حسّاسة للغاية قد تثير غضب بعض المسلمين وتزعجهم. فهل وجدتم فعلا نصوصا كتبها مسلمون عن هذه الأمور وكيف تمكّنوا من نشرها باللغة العربيّة؟
ج - أرجو أن يكون الأمر بمنتهى الوضوح. أنا شخصيا أراقب ظاهرة اجتماعيّة من وجهة نظر علميّة. ولا علاقة لي بالمواقع الاجتماعيّة وما تنشره. الكلّ يعلم ويدرك تماما أن الانترنت قلب الضوابط الرقابيّة رأسا على عقب وعطّل عمل المراقبين وأجهزة المخابرات والمباحث، وكذلك أزال المقصّات التي كانوا يستخدمونها سابقا في مراقبة الأفلام السينمائيّة والمطبوعات. الانترنت أسقط كلّ الأقنعة ووفّر للكتبة والصحفيّين المتنوّرين مساحات شاسعة جدّا للتعبير بحريّة ودون خوف بسبب أفكارهم وتصوّراتهم وآرائهم في المواقع الاجتماعيّة. تقولين إنّها مواضيع حسّاسة ومثيرة قد تزعج عددا لا بأس به من المسلمين. غيّر أنّها مقالات نشرت باللغة العربيّة ولم نر أحدا يتجرأ بعد نشرها على انتقادها أو التعبير عن امتعاضه منها. فلو كانت منافية للواقع لماذا لم يُرَدّ عليها بعلميّة وموضوعية ولم تُصحّح المغالطات والآراء الواردة فيها، ولم يلاحق أيّ من أصحابها أمام القضاء غداة نشرها بالعربيّة. أما إذا كانت متوافقة ومطابقة مع واقع الحال وحقيقة الأمر ومعروضة بشكل علمي بالاستناد إلى مصادر موثوقة وموثّقة ومُحكَمة، فأين تبرز المشكلة، ولماذا سيمتعضون ويتذمّرون ويتململون ويغضبون. أتمنّى أن تأتي ردود الفعل على هذه النصوص الواردة في هذا الكتاب على مستوى رفيع، ذي طابع متمدّن وعلميّ وموضوعي وإنساني. فالعلم لا يقارع إلا بالعلم، والمنطق لا يقارن إلا بالمنطق، والبرهان القويّ لا يصحّح إلا ببرهان أقوى، والدليل لا يدحضه إلا دليل أوضح وأفعل. نحن في زمن لم تعد تنفع فيه المواعظ الرنّانة او الخطابات المنبريّة او البيانات المستنكرة او المواقف الصادمة. أنا أتمنّى من صميم القلب أن يُردّ على جميع الكتبة ومقالاتهم الواردة في هذا الكتاب بالأسلوب العلمي الرصين كي يكون الحوار صريحا وصادقا. فإذا أردنا التعرّف على حقيقة الآخر وإنجاح الحوار معه، فلا بدّ من المصارحة والإطلاع على كتبه وعاداته وتقاليده وحقيقة معتقده، كما يراها أهله من الداخل، خاصّة أصحاب العقول النيّرة والأفكار الحرّة.
س - من هم الكتبة الذين ناقشوا هذه المواضيع التي تنتقد الدين وتحطّمه أحيانا وتقضي على معظم أركانه وتكاد تقضي عليه؟ هل من الممكن ذكر أسمائهم؟
ج: عددهم كبير جدّا. نكاد نجد في كلّ بلد عربيّ أو إسلاميّ عددا لا بأس به من مستوى هؤلاء المفكّرين المتنوّرين الذين يبذلون جهودا حثيثة في كتابة دراساتهم ومقالاتهم بشكل موضوعي وعلميّ. يؤلمني جدّا أنّني لم أتمكّن من الإشارة إلى كلّ الكتبة والباحثين الذين توفّرت لديّ نصوص رائعة خطّها قلمهم. فاكتفيت بالتركيز على نصوص بريشة العلاّمة عباس عبد النور، الشيخ أحمد القبانجي، الدكتورة وفاء سلطان، الدكتور كمال النجّار، جهاد علاونة، وسام غملوش، صلاح الدين محسن، مالوم أبو رغيف، ديانا أحمد، عمر مشالي، طولام سيرف، نضال نعيسة، أحمد عدنان، أمال إيماني، حامد عبد الصمد، سالم اليامي، سامي كاب، الأخ رشيد المغربي، سهيل أحمد بهجت، منعم ويحتي، صالح حمّاية، سناء بدري، عبد الله مطلق القحطاني، سيّد القمني، علي عويس، أحمد صبحي منصور، صباح إبراهيم، أحمد البغدادي، سعيد نشيد، عايشة أحمد، محمد قاصي، الدكتور عبد الخالق حسين، أبو لهب المصري، هشام محمد، عفيفة لُعيبي، علي سينا، أشرف أمير. وقد أضفت، بقدر الإمكان، تعريفا بكل من هؤلاء الكتبة في بداية النصوص التي جرى اختيارها. فالبعض منهم معروف. وقد اشتنهر بعضهم وتميّزوا بجرأتهم ومنطقهم وعلمهم في عالم البحث والنشر والإعلام.
س: هل يدعو هؤلاء الكتبة إلى إصلاح الإسلام أم إلى نقض مقوّماته وأركانه؟
ج: الاصلاح لا يبدأ إلا بتحديد ما ينبغي إصلاحه. إذ لا يمكن لأيّ طبيب معالجة مرض دون تشخيصه ومراقبة تطوّره في جسم المريض. الهدف من كلّ هذه النصوص هو التوصّل إلى عمليّة إصلاح جذريّة وتسهيلها. ولكن عندما يستفحل المرض، فلا يبقى أمام الطبيب إلا العمليّة الجراحيّة لاستئصال المرض المزمن. وينطبق الأمر كذلك على كل مصلح دينيّ وفي كلّ محاولة إصلاح في أيّ مجال آخر. فالباحث المسلم الذي يكشف مثلا عن العنف والبربريّة في القرآن الذي حفظه عن ظهر قلبه، لا يهدف إلى ضرب القرآن من أساسه بل يرمي إلى استئصال الشوائب منه التي تسيء إلى إله القرآن والمؤمنين بهذا الإله وبمضمون هذا الكتاب المنسب إليه. وهلمّ جرّا. أعتقد أن معظم أصحاب المقالات الواردة في هذا الكتاب يرجون أمرا واحدا، ألا وهو إخراج شعوبهم وأمتهم من عالم الأوهام والتناقضات والتخلّف إلى عالم النور والتنوير والإدراك الذهنيّ والحريّة في التفكير والسلوك والمعتقد والكرامة الإنسانيّة. هؤلاء الكتبة وكثيرون من أمثالهم يرفضون وراثة عقيدة الأجداد دون تفكير وتمحيص واختيار وقبول حرّ. هذا الجيل الجديد يريد أن يناقش ويجادل في كل أمور الحياة بما فيها الدين وتعاليمه. لم يعد يخاف الخروج من ملّته واعتباره كافرا مرتدا يرفض الصمت والخنوع والاستسلام. فهو يتمسّك بالعقل وبقدرة التفكير ومواجهة الحقائق الدينيّة بجرأة وثقة.
س: من أين استقيتم كلّ هذه النصوص باللغة العربيّة؟
ج: كما ذكرت سابقا، هناك مراجع عديدة اقتبستها سواء من الكتب أو من المواقع الإكترونيّة. شبكة الانترنت تشكل المرجع الأساسي للتعرّف على كلّ المواقع الإلكترونيّة العربيّة. بفضلها اكتشفت أهمّها، أوّلا موقع "الناقد" الذي أسّسه السيّد بسّام درويش الذي يشرّفني أن أوجّه له أطيب التحيّات والتقدير. بفضل موقعه تعرفت على كتبة تنويريّين أمثال الدكتور عبد الخالق حسين والدكتورة وفاء سلطان ومالك مسلماني وأكرم شغلين وحسن ديبان وهشام محمد وكريم عامر وابراهيم عرفات وغيرهم. إنّ موقعه يشكّل موسوعة ضخمة للغاية لأنّه أوّل من فتح المجال على مصراعيه للكتبة والباحثين المتنوّرين بالعربيّة والإنكليزيّة لنشر مقالاتهم دون رقابة أو رقيب.
ثم لا بدّ لي من ذكر الموقع الأكثر قراءة في العالم العربي، ألا وهو موقع "الحوار المتمدّن"، فقد اطلعت على ما نشره معظم الكتبة الذين يهتمون بنقد الفكر الديني. وعندما تتصفحين بهدوء هذا الكتاب ستلاحظين أن حوالي نصف النصوص الواردة فيه مقتبسة من هذا الموقع الذي أتابعه باستمرار منذ فترة طويلة. لذلك أغتنم هذه الفرصة لأوجّه من صميم القلب تحيّة شكر وتقدير إلى هذا الموقع الرائع التنويري وبالأخصّ إلى السيّد الفاضل رزكار عقراوي الذي أسّسه ويشرف على إدارته، وقد عبّر لي عن تشجيعه لهذا المشروع واستعداد موقعه للتعريف بهذا العمل الذي أنجزته. لذلك أعتزّ بموقع "الحوار المتمدّن" وأعتبره شريكا كاملا في هذا الكتاب. فأتمنى له مواصلة الرسالة والنجاح وتحقيق الأهداف الإنسانيّة والأخلاقيّة والفكريّة ونشر الفكر التنويريّ الذي يحتاج إليه العالم العربي والإسلامي. كما أودّ توجيه تحيّة وتقدير إلى كلّ الكتّاب والكاتبات الذين يشاركون في نشر كتاباتهم في هذا الموقع، خاصّة الذين تشرّفت باختيار مقالات لهم ونشرها بالفرنسيّة في هذا الكتاب.
س – إضافة إلى النصوص التي تتحدّث عن مواضيع عديدة في هذا الكتاب، نشرتم أيضا بعض الملاحق. ما هو مبرّر نشركم لها وماذا تتضمّن؟
ج - نعم، أضفت إلى نصوص هذا الكتاب ثلاثة ملاحق واعتبرها مكمّلة لبعض المواضيع. فالأول، يتضمّن مقتبسات من برامج التعليم المطبّقة في جامعة الأزهر، فهي تعزّز وتؤكد وثائقيا ما قيل في هذا الكتاب عن الأزهر. لعلّ وعسى أن يعاد النظر فيها لأنها لا تليق بمؤسسة علمية تعتبر مرآة للإسلام السنّي في العالم.
الملحق الثاني يتضمّن مجموعة الآيات القرآنية التي تحثّ على الثأر والعبوديّة والبغض والكراهية والتمييز الدينيّ والعنصريّة ضد اليهود والتعامل مع أهل الكتاب والقتل والحرب والعصيان المدنيّ والكذب والتعامل مع المرأة. السؤال الذي لا بدّ من أن يطرحه القارئ بعد الاطلاع على هذه الآيات: هل هذه الآيات تليق بدين يتبجّح تّجّار هيكله بكونه دين حبّ وتسامح وسلام؟ هل هي فعلا من وحي إله نضفي عليه أفضل الصفات، خاصة الرحمن، الرحيم، الغفّار، العدل، الغفور، الكريم، إلخ من الصفات؟ آمل أن يجد الأحباء المسلمون يوما حلا لائقا لهذه المعضلة ومخرجا ينقذون أنفسهم من هذا المأزق الأليم. إذ لا يمكن أن تنسب مثل هذه التعاليم إلى الإله الخالق الرحمن الرحيم. فهي احتقار للعدل الإلهي وانتهاك لكرامة وعزّة الخالق. نشرت معظم هذه الآيات مبوّبة في هذا الملحق، خاصّة أن بعض الكتبة الواردة نصوصهم في هذا الكتاب استندوا وتطرّقوا إليها.
أما الملحق الثالث فهو قائمة بأسماء الحركات والجمعيّات التي تأسّست وتضمّ أعضاء ومجموعات تركوا الإسلام في مختلف بلدان العالم، بالإضافة إلى عناوينها الإلكترونيّة كي يتسنّى للمهتمين بهذا الأمر الاطلاع على أعمالها وأنشطتها ومنشوراتها والاتّصال بالمسئولين عنها إذا اقتضى الأمر. وهذا الملحق يكمّل الباب الثالث عشر من هذا الكتاب والمخصّص للهاربين من الإسلام أو المرتدّين عنه.
باختصار، ليست هذه الملاحق إلا وثائق ثبوتيّة لا يستطيع أحد استنكارها أو دحضها. فحتى المتذمّرون منها أو الرافضون لها يستطيعون العودة إلى مصادرها والتأكّد من صحتها.

س: اخترتم مقالات كتبها أصحابها باللغة العربيّة ولكن لم يتمّ التطرّق إلى كتبة مسلمين نشروا دراسات مماثلة بلغات غربيّة. هل هناك أسباب وراء عدم الإشارة إليهم؟
ج: نعم، أنا اخترت كتبة نشروا بالعربيّة فقط كي يطّلع على أفكارهم الناطقون بالفرنسيّة ويتأكّدوا من وجود تيارات فكريّة داخل العالم العربي تتحمّل المسؤوليّة وتدرك مخاطر الفكر الغيبي والمظالم العقائدية الجامدة والمدمّرة والمغالطات والاجتهادات التي يطلقها الإسلاميّون والإرهابيّون باسم الإسلام. أما أبناء الإسلام أو المتحدّرون من أسر مسلمة أو مهاجرة الذين ينشرون مؤلفاتهم باللغات الأجنبيّة وينتقدون بجرأة فائقة هذا الدين ومآسيه ومخاطره فعددهم مرتفع للغاية. وهذا مشروع آخر يحتاج إلى كثير من البحث. غير أنني لم أنساهم بل اكتفيت بالإشارة إلى معظمهم في مقدمة الكتاب كما ذكرت بعض مؤلفاتهم في قائمة المراجع.
س: هل هذا الكتاب موجّه لفئات إجتماعيّة معيّنة؟
ج: أتمنّى أن يستفيد منه القاصي والداني، خاصّة أصحاب العلاقة أي الإخوة المسلمون لأن الأمر يتعلّق بدينهم. قد يكشف لهم هذا الكتاب أمورا يجهلونها أو لا يعرفونها كفاية عن معتقدهم. لربّما سيكون من المفيد جدا لهم قراءة هذه النصوص بهدوء وتأن، والتثبّت من صحّة مضمونها، ومناقشتها مع الأصدقاء والمفكرين ورجال الدين وأي إنسان يودّ التعمّق بمعرفة حقيقة الإسلام.
كلنا يعلم اليوم أنّه لم يعد بمقدور أحد وضع الإسلام والمسلمين في زنزانة عميقة مظلمة لا يمكن سبرها. كما لا يستطيع أي مسئول ديني أو مدني، مهما علا شأنه، كمّ الأفواه أو الاستيلاء على حقوق المسلم وحرمانه من البحث والتنقيب عن نصوص دينه والتعرّف على حقيقتها، وعلى آراء مختلف المفكرين حولها. فنحن نعيش في عصر لا يستطيع أيّ مسئول أن يتعامل مع المواطنين المسلمين وكأنهم ما زالوا أطفال مراهقين غير راشدين. لم يعد بمقدوره احتقارهم واستعبادهم والاستهزاء بهم والضحك عليهم. فمحرّك العم "غوغل" يقف له بالمرصاد ليصحّح أخطاءه ويفضح أكاذيبه. كل شيء أصبح مكشوفا أمام الملأ ولا يمكن التستّر آو الكتمان على أي شيء محظور.
كذلك أتمنّى أن يطّلع غير المسلمين على هذا الكتاب ليكتشفوا ماذا يقول المسلمون السابقون والكتبة المسلمون التنويريّون والإصلاحيّون عن الإسلام، علما أنّ بعضهم عاش سنوات في صميم الإسلام ودافع عنه مستميتا، والبعض الآخر ما زال يعيش في أرجائه. إنّها فرصة توفّر للغربيّين كي يقارنوا بين نصوص "تمدح" الإسلام وتضفي عليه هالة من القدسيّة والمثالية والرومانسيّة والخياليّة، وأخرى لا تتردّد عن نقده ونزع القناع عنه بالاستناد إلى تراثه ومقدّساته، خاصّة إلى القرآن والسنّة والسيرة النبويّة.
س: شكرا سيّدي على إجابتكم عن أسئلتنا ونتمنّى لهذا الكتاب النجاح وسعة الانتشار.
ج: الشكر لك، يا سيّدتي.
ملاحظة: للحصول على هذا الكتاب،وثمنه تسعة عشر يورو ونصف، يمكن الاتّصال بالناشر على العنوان التالي:
Editions Riposte Laïque, BP 32 – 27140 Gisors, France
عنوان الكتاب بالفرنسيّة:
L’islam mis à nu par les siens. Une anthologie d’auteurs arabophones post 2001








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انطباع
على سالم ( 2019 / 9 / 9 - 02:28 )
موفور الشكر لهذه المقاله الهامه , يجب ان اسجل عن سعادتى لهذه الطفره الكبيره فى فهم ومحاصره المعتقد الدينى الاسلامى بدون خوف او تهديد او ارهاب والذى كان سائد ومستمر طوال الف خمسمائه عام كالحه , نعم نحن على اعتاب زمن جديد وافكار جديده وتقييم جديد وفهم اعمق واشمل , فى امكانى ان اقول بدون مبالغه ان الجنى خرج من القمقم ولن يعود اليه ثانيه ابدا


2 - نعم تغيّر الزمن
موريس صليبا ( 2019 / 9 / 9 - 09:55 )
شكرا، سيّد علي سالم على تعليقك الكريم وإثنائك على هذا العمل الذي أنجزته. أودّ أن أوضّح مرّة أخرى أنّ هذه الأنطولوجيا لكتبة ما زالوا مسلمين أوأصبحوا مسلمين سابقين أو ملحدين تهدف قبل كل شيء بالتعريف عن تيّار فكريّ نقديّ ينمو يوما بعد يوم في عالمنا العربي. فهو مؤشر لموجة كبيرة من الوعي والإدراك بأن شعوبنا تشعر بالحاجة الماسة إلى تحكيم العقل والمنطق في كل مناحي الحياة الإجتماعية والدينيّة والسياسية. فمفكرونا من أمثالك يدركون جيّدا أن إصلاح الأمور يفرض قبل كلّ شيء وصفها ومعرفة كنهها في سبيل إحداث التغيير المنشود. أرجو أن تكون هذه الشرارة قد انطلقت وستساهم في بزوغ فجر جديد على عالمنا العربي.


3 - السلطة كحائط صد
محمد البدري ( 2019 / 9 / 9 - 15:35 )
السلطة ومشايخ الاسلام يقفون كحائط مانع لاي نقد او تحول في عقيدة المواطن والاسباب معروفة ان الاسلام ديانة سلطوية
فهو لم يدخل اي بلد في الشرق الاوسط الا بالغزو وحيازة السلطة ومصادرة الثروات.
وهذا اهم ما ينبغي الالتفات اليه وعليه فقد سادت قيمة المضادة والمعاكسة لحقوق الانسان كما نص عليها الميثاق العالمي فاصبح الاسلام ومعاتقيه في عداء واحتراب مع باقي الثقافات

تحياتي


4 - تعقيب
نور الحرية ( 2019 / 9 / 10 - 13:44 )
كل الشكر أستاذ صليبا على نقلك لنا لهذه الحوار الشيق وهذه الاضاءة لما يقوم به فرسان التنوير في عالمنا العربي الموبوء بالخرافة والجهل والنفاق. هالني عدم ذكر علم هذا الموقع واستاذ التنوير فيه بلا جدال وأقصد به أستاذنا الكبير سامي لبيب الذي يعزو له الفضل في تبصير الكثير وأنا منهم طبعا في قشع ظلام الخرافة الدينية مع احترامنا لكل الاساتذة التي وردت أسماؤهم في المقالة

اخر الافلام

.. 12345


.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #


.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع




.. #shorts yyyuiiooo