الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبني اللغات الأوروبية لا يمنع الرقص الشرقي في شمال إفريقيا

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2019 / 9 / 12
التربية والتعليم والبحث العلمي


حرية – مساواة – أخوة


في مقال بعنوان "مستقبل شمال إفريقيا لغويا و حضاريا مع أوروبا" طرحنا سؤالا من بين أسئلة أخرى و هو إذا كانت هذه الشخصيات الوازنة التي كانت ذات ثقل كبير في شمال إفريقيا واحدة من عالم السياسة والحكم (الحسن الثاني) و الأخرى من عالم الثقافة و الأدب ووزارة الثقافة في مصر (طه حسين) قد إتفقت على ضرورة ربط مصير و تاريخ شمال إفريقيا بأوروبا من أجل تقدمها و لحاقها بركب الحضارة ، فهل جئنا نحن بجديد حينما دعونا ،في مقال سابق ، لجعل اللغة الفرنسية لغة رسمية في المغرب والجزائر و تونس مثل ما في السينغال و اللغة الإيطالية في ليبيا و اليوم نقول اللغة الإنجليزية أو الفرنسية في مصر كحل وسط ينهي الصراع حول اللغة و الازدواجية اللغوية بل الثلاثية اللغوية التي تعرفها شمال افريقيا ؟؟

فبالنسبة للراحل الحسن الثاني كانت المناسبة هي تقديمه طلب إنضمام المغرب للإتحاد الأوروبي قبل وفاته بسنوات قليلة .و بالنسبة لطه حسين كان السياق هو مضمون كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" (1938)الذي دعا فيه إلى ربط مستقبل مصر الثقافي بأوروبا الغربية .



وقد يقول قائل "حينما تتحدثون عن الإحتلال العربي القديم الذي جاء من شبه الجزيرة العربية و نشر اللغة والدين في شمال إفريقيا فأنتم تنسون أن الأوروبيين القدامى أيضا قد ذهبوا من أوروبا و إحتلوا شمال افريقيا و كندا و الولايات المتحدة الأمريكية و غير ذلك .بل قاموا بإبادة الهنود الحمر في أمريكا و نشروا لغاتهم و أديانهم هناك .وهذا مثبت تاريخيا و لا يمكن إنكاره ".


و هذا صحيح فعلا ...لكن الصحيح أيضا و هو أن الولايات المتحدة الأمريكية مثلا لو عرفها أولئك العرب القدامى و أحتلوها لبقيت مثل شمال إفريقيا متخلفة إلى الآن .و إذن فمن حسن حظها أنها لم يكتشفها العرب القدامى الذين إعتقدهم أحدهم (عقبة بن نافع) ذات يوم أنها غير موجودة لما قال قولته الشهيرة إذا كان هذا صحيحا فعلا "لولا هذا البحر لمضيت أنشر ...الخ "بمناسبة وصوله شواطئ المحيط الأطلسي المغربية (المحيط الأطلسي كانوا يسمونه بحر الظلمات) .


هذا يعني أن إحتلال الأوروبيين و إنتشار اللغات الأوروبية في أمريكا الشمالية إنتهى بعد صراع قصير نسبيا مقارنة مع ما حصل في شمال إفريقيا (خمسة قرون فقط) إلى ما نعرف اليوم من تقدم و حضارة و حقوق إنسان هناك كان أساسها الحضارة الهيلينية (اليونانية) القديمة ..بينما شمال ّإفريقيا التي إحتلها العرب القدامى لها الآن 14 قرنا و لا تزال تراوح مكانها متخلفة ..


و لذلك فحينما دعونا لربط مصير شمال إفريقيا بأوروبا فهذا الإقتراح يعني أن الربط هو ربط واع و إرادي الواجب أن تقوم به الشعوب نظرا للواقع والنتائج و الدروس المستخلصة من التاريخ .و إلا فما الحاجة لتدوين الماضي ؟؟؟



و لذلك فإعادة الكتابة و الكلام بلغة الحروف اللاتينية الفرنسية الهندسية الجميلة في تعليم العلوم الحديثة بالمغرب هو إنجاز كبير و خطوة للأمام من أجل النجاح والخير لأبناء المغاربة و التقدم لدولة توجد في الركن الغربي لشمال إفريقيا لا تفصلها عن أوروبا سوى بضع كيلومترات في مضيق جبل طارق ...


و لأن الأغلبية من السكان في شمال إفريقيا هم من ذوي السلالة القوقازية البيضاء التي تسمى أيضا السلالة الأوروبية .


و فوق كل هذا فأوروبا و شمال إفريقيا كانتا في الماضي الجيولوجي أرض واحدة حتى بداية الحقب الجيولوجي الثاني في دور الترياس Trias (-200 مليون سنة) بعدما كان المحيط الأطلسي قد بدأ في -165 مليون سنة) .و كانت القارتان المتولدتان عن القارة الأم الواحدة التي تسمى البانجيا Pangea هما الأوراسيا Eurasia و الكوندوانا Gondwana مرتبطتين في منطقة مضيق جبل طارق الحالي الذي لم يكن موجودا آنذاك.بحيث كان يمكن قطع المسافة بينهما ركوبا على أية دابة لو تصورنا وجود الإنسان في ذلك التاريخ ...


و في هذا الصدد فمشروع الربط القاري بين أوروبا والمغرب الذي كان قد تم الكلام عنه في عهد الراحل الحسن الثاني أيضا و لم ير النور بعد ربما لأسباب جيولوجية تتعلق بتحرك الصفيحتين الأوربية و الإفريقية جانبيا مما يحدث الزلازل المتكررة في الحسيمة و حول البحر الابيض المتوسط ، و الذي هدفه تنقل الإنسان و المركبات و البضائع و الثقافة والفنون و العلوم و التكنولوجيا ، هو مشروع من أجل ربط ما فرقته تكتونية الصفائح أو لنقل الطبيعة .


و إذا كانت زقزقة العصافير التي لولا الآذان البشرية السامعة لها ما كان لها وجود ، و الأرض لو تصورناها كلها ذهبا و ليس فوقها إنسان يعطي لذلك الذهب قيمة ، فإن وجود الإنسان بدون وعي و بدون الأدوات المعرفية الصحيحة التي تمكن من البحث و الوصول للحقيقة و بدون تعليم ينتمي للعصر و ينتج مواطنين من أجود المواطنين عالميا الأكثر تربية على قيمة الحياة و على الجدية و السلام و على الرقة والوداعة هو مجرد عبث .


و بالتالي فأي وقت في المدارس و المعاهد و الجامعات من اجل التعلم سيصير أمرا غير مجدي و مجرد مضيعة للوقت لا يتحمل في الواقع من المعتقد أنه واجبهم المسؤولية عنه.


و لذلك فالإقتراح بتبني اللغات اللاتينية و الأوروبية في شمال إفريقيا كلغات رسمية نتحمل فيه مسؤولية تاريخية نبيلة هدفه في الحقيقة جلب الخير للمنطقة و التقدم في جميع المجالات و إنهاء الصراع الداخلي بين اللغات الشرقية.فلا يجب الفهم منه أنه دعوة لمنع الرقص على أغاني شبه الجزيرة العربية لمن يفضلون ذلك. فأعتى معاهد تعليم الرقص الشرقي و هو فن من الفنون توجد في أوروبا و أمريكا..

و إلى مقال قادم مع تحياتي الخالصة ..



























التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات