الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الموت

داود السلمان

2019 / 9 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الموت هو نقيض الحياة، ويحدث عندما تفارق الروح البدن وبتعبير الفيلسوف اليوناني ابيقور، إّن الموت ليس موجودا اذا كان الانسان لا يزال حياً، واذا حل الموت، فأن الحياة أو الروح قد غادرت المكان. وعليه، يدعو ابيقور الى عدم الخوف من الموت، لأن الخوف –هذا- هو اشد وطأة على الانسان، من الموت نفسه. كل حي مآله الى الموت، سواء كان انسانا او حيوانا او نباتا. فالموت ليس عقوبة من الطبيعة او من الله، أو من أي قوة اخرى او من شيء آخر مثلما تريد أن تسميه سميه، لا ضير.
بعضهم قال أن الموت هو بداية حياة أخرى، وهذه الحياة الاخرى لا يمكن أن نصل اليها الاعن طريق الموت، ويريدون بذلك انتقالنا من هذه الحياة الى تلك الحياة الاخرى، أي حياة بديلة عن هذه الحياة التي فيها معاناة وشقاء وآلام جسيمة، بل تلك الحياة هي بمنأى عن هذه المنغصات، هذه المحن، هذا العذاب المستديم، كما يتعقد اصحاب هذه النظرية.
الفلاسفة والمتكلمون مختلفون في حقيقة تلك الحياة، قسم منهم يؤكد على وجود تلك الحياة المرتقبة ولهم ادلتهم الخاصة، والقسم الآخر يرفض ذلك جملة وتفصيلا، القسم الاول يبرهن على وجود تلك الحياة من خلال نصوص لاهوتية يعتقد هو بصحتها، والقسم الثاني، يحكّم العقل والمنطق والوجدان، ويقرر بعدم وجود تلك الحياة. يعني أن النزاع مبني على نصوص جاهزة قديمة، يعتقد القائلون بصحتها أنها نصوص حقيقية معتبرة، لا جدال فيها، وبين الذين يقولون بالعقل ويقيسون جُل القضايا على هذا الاساس. فما يقره العقل هو الصحيح وما يرفضه هو ليس بصحيح، والعقلانيون امثال جان جاك روسو وفولتير.
وعلى كل حال، وبغض النظر عن قول هؤلاء، وقول أولئك، فأن الموت حقيقة واضحة لا غبار عليها. فالموت هو رحمة لا نقمة، وهناك احايين كثيرة يتمنى الانسان فيها الموت، خصوصا في القضايا الحرجة والتي شدتها اكثر من شدة الموت، فمثلا أن يقع الانسان بيد اعداءه فيتعرض للتعذيب والاهانة، او انسان تتكالب عليه كثرة الامراض وخصوصا الامراض التي لا يُرجى شفاؤها، او انسان يرى نفسه انه يعيش وحيدا فريدا بعيدا عن اهله وخلانه ووطنه، بحيث تتقطع به كل السُبل، فساعتها يتمنى الموت في كل لحظة، لأنه يرى في الموت خلاصه من الم لا يتحمل قسوته بعد.
حينما يفارقنا عزيز بالموت نبكي عليه ونحزن، لأنه الفراغ الذي تركه لا يمكن أن يسد فجوته أي شيء آخر، لكن بمضي الليالي والايام، والسنوات، نحاول نسيانه، وهو شيء لابد منه، ونتسلى بأمور اخرى لأجل ديمومة الحياة، فالموت فلسفة وجود، وعلى مدى التاريخ فقدنا علماء، عباقرة، مفكرون، اعزاء، وفلاسفة، فحزن عليهم محبوهم وذوهم ايام معدودة، ثم طواهم النسيان، فقط الذي ظل هو ارثهم العلمي والفلسفي والادبي، كشاهد على مشاركتهم في الحياة، وما افادونا به، لكن أن نستمر في الحزن عليهم ثم نجدد هذا الحزن بين الفينة والاخرى، أنّا لا نراه من المنطق في شيء ولا من العقل في شيء، مهما كانت منزلة ذلك الشخص السياسية أو الاجتماعية، أو العلمية.
لما مات ابي نسيته في السنة الاولى لوفاته، وحينما يأتي اجلي واغادر الحياة، ربما ستنساني أسرتي في الاسبوع الاول من مماتي، هذه هي سنة الحياة، وهي – اسرتي- معذورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الموت
على سالم ( 2019 / 9 / 18 - 19:39 )
من المؤكد ان هذا الموضوع الشائك يثير التساؤلات والحيره على مر التاريخ و الاشكاليه هنا انه لم يحدث ابدا ان عاد شخص من الموت وحكى لنا عن هذه التجربه المحيره

اخر الافلام

.. عماد الدين أديب يكشف حقيقة علاقة حسن نصر الله بالمرشد الإيرا


.. قراءة عسكرية.. كيف استطاعت المسيرة العراقية اختراق الدفاعات




.. دمار كبير ببلدة حارة الفاكهاني بالبقاع شرقي لبنان بعد الغارا


.. تشييع عدد من شهداء المجزرة الإسرائيلية في طولكرم بالضفة الغر




.. بشأن إيران والرد الإسرائيلي.. الرئيس الأميركي يقدم أول إحاطة