الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب الكردي وضرورة الانتقال من العاطفية الى الوعي العقلاني

حواس محمود

2019 / 9 / 19
القضية الكردية


أعتقد أن طرح موضوع كالذي سنتناوله في مقالتنا هذه يعتبر نوعا من المغامرة المنطوية على خرق السائد و المألوف ، و يأتي في الآن نفسه – كضرورة موضوعية تتطلبها المقتضيات الناجمة عن الظروف المعاصرة و واقع الشعب الكردي بآلامه و آماله بمآسيه و آماله ، و يعتبر جديدا من حيث طرحه و تناوله و معالجته ، و المقالة لا تملك أحقية الحزم و الحسم لصحة مقولاتها و أفكارها ، و إنما تثير الأسئلة و تفتحها – في الآن نفسه – وتفسح المجال للأسئلة و المناقشات و الحوارات الجادة و الموضوعية و المسؤولة . و هذا ما نفتقده – للأسف – لدرجة كبيرة حتى الآن في الصحافة الكردية للأحزاب و الفعاليات السياسية الكردية في الأجزاء الأربعة من كردستان ، إن نهوض الأكراد عبر حركاتهم النضالية التاريخية في أجزاء كردستان كافة ارتبط بوجود زعماء لهم مكانتهم الشعبية ( العائلية – القبلية – العشائرية – الدينية ) و التف حولهم الشعب الكردي و خاض نضالات مريرة ضد الأنظمة الغاصبة لكردستان في مراحل تاريخية متعددة و يمكن أن نضرب أمثلة على ذلك – القاضي محمد عبر جمهورية مهاباد الديمقراطية في كردستان إيران 1946 ، ثورة الشيخ سعيد بيران في كردستان تركيا 1925 ، ثورة الشيخ محمود الحفيد 1918 في كردستان العراق ، ثورات مصطفى البرزاني في كردستان العراق حتى 1975 ، هذه الانتفاضات و الحركات الجماهيرية كانت عفوية في طابعها النضالي ، و لم تنجح لأسباب ذاتية و موضوعية – لا مجال لذكرها – و لكن موضوعنا ليس هذا ، و إنما ارتباط وعي الشعب بشكل تفاؤلي ساذج بانتصار هؤلاء على أعدائهم ،و بالتالي انتصار حركاتهم ، و الاقتراب من نيل الحقوق القومية للشعب الكردي ، و عند فشل هذه الحركات الانتقال إلى مهاوي اليأس و التشاؤم و القنوط ، إلى حد الانقلاب ضد الطموحات الكردية ب 180 درجة معاكسة و سلوك بعض الأفراد طرق انعزالية في نزعة مازوشية و جلد الذات و تعذيبها ، و ارتداد البعض – بعض الأفراد إلى مواقع الأعداء بسبب اليأس من نجاح الانتفاضات الكردية في فترات قياسية كما يتمناها و يتأملها ، هذا الأمر يجب معالجته ، و مشكلة الشعب الكردي و حركاته السياسية هي افتقارهم إلى علماء اجتماع و باحثين مختصين في شؤون الحركة السياسية ، أو قد يبدو الأمر عدم إفساح المجال لهؤلاء في طرح أفكارهم ، و هذا الشيء يتم من قبل الأحزاب و الفصائل السياسية الكردية إلى درجة كبيرة بسبب العقلية الحزبية الضيقة و اعتبار أي رأي آخر أمرا مرفوضا إن لم يصب في مجرى سياسة الحزب ، إن انكسار و نكسة الثورة الكردية في كردستان العراق 1975 ـ اتفاقية آذار جعل بعضهم بل أغلبهم يقول مستحيل أن تتكون كردستان ـ الأكراد لا أصدقاء لهم التاريخ يقول بأن الأكراد لم يشكلوا دولة ـ الأكراد خونة ...إلخ ، هذه العبارات هي عاطفية ساذجة و خيالية جاهلة لا تنبع من العقل و تفتقر إلى أبسط قواعد التحليل العلمي و المشكلة أن هذه العبارات لا يرددها العامة ، وحسب و إنما أيضا بعضهم ممن يحسبون على فئة المثقفين و قد يرددها بعض القادة السياسيين ( و هو يرددها بالفعل ) و هنا المشكلة ، إن هذا الأمر ينعكس سلبا – بشكل كبيرـ على الأحزاب...كيف ؟ الأحزاب السياسية باعتبارها تتكون من أفراد الشعب فهي بصورة أو بأخرى انعكاس و تعبير عن وعي الشعب ، و من جهة أخرى النخبة السياسية القيادية في الحزب لا تساهم في إلغاء العقلية العاطفية عند الشعب ـ إن جاز التعبير ـ و تبديلها بالعقلية المنطقية لقد تم المبالغة في النظر في اتفاقية آذار 1970 بين الحزب الديمقراطي بقيادة ملا مصطفى البارزاني و بين قيادة العراق ، و تم المبالغة أيضا في الفشل في عام 1975حين تم توقيع اتفاقية آذار المشئومة بين الشاه و قيادة العراق لضرب و إفشال الثورة الكردية في كردستان العراق ، لذا وقع الناس في اليأس و حتى الآن يخشى عند تضخيم عمل و قوة حزب كردستاني ما و التفاف الجماهير حوله يخشى حين يفشل هذا الحزب لأسباب ما ، أن يقع الناس في اليأس كما حدث في مراحل تاريخية سابقة و لذلك فإنه من الضروري التريث و الحكم بعقل و منطق على مجمل الأمور التي تدور حولنا ، و عدم الانجرار وراء الموجات العاطفية الفضفاضة الخالية من العقل و الحكمة و المنطق ، لقد بالغ العرب في شخصية جمال عبد الناصر ، و حين انتكس العرب في 1967 و قعوا في اليأس و القنوط ، و بالغ الإيرانيون في شخصية الخميني ، و حين تراجعت الثورة عن أهدافها و مقولاتها حصل اليأس و الإحباط و التذمر، و الأمثلة على هذا الأمر أكثر من تحصى ، إن العقلية الشرقية التي تقوم على تقديس الأشياء و بخاصة تقديس الزعماء و إعطائهم احجاما أكبر مما هم عليه في الواقع إن هذه العقلية مدمرة و هي مرض خطير يصيب الشعوب المتخلفة و يؤدي بها إلى مهاوي التخلف و الجهل و الانحطاط ، عندما انتفض الأكراد في كردستان العراق 1991 و بعدما انشأوا البرلمان الكردي و مجلس الوزراء فرح الأكراد ـ في الأجزاء الأربعة ـ بهذا الأمر و انتشرت دعاية بأن الانتخابات ديمقراطية 100 % علما أنها لم تكن كذلك في الواقع، و إن كانٍ يسودها طابع ديمقراطي و تختلف عن ديمقراطية 99،9999% للانتخابات الرئاسية و البرلمانية في العالم الثالث ، و عندما حصل الاقتتال الداخلي الكردي بين الطرفين الكرديين الرئيسيين أصيبت الجماهير الكردية باليأس و الإحباط لأنها انتقلت من حالة أعلى الجبل إلى أسفل الوادي و هذا الانتقال يسبب بطبيعة الحال صدمة نفسية كبيرة من الصعب إزالتها بسهولة ، هذه اللاواقعية خطيرة في أذهان الشعب الكردي ، عندما يقوم أحد أفراد الشعب بانتقاد أحد زعمائه بعيدا عن روح المهاترات و لمصلحة الشعب الكردي يأتي أحدهم ليقمعه و يسكته و يقول أن كلامك في هذه الظروف لمصلحة الأعداء ، و غير ذلك من مظاهر و أشكال فاسدة من التعاملات و العلاقات داخل المجتمع الكردي ، من الضروري التنبه لها و معالجتها في الوقت المناسب إذن لا بد من إزالة هذه اللاواقعية بالمزيد من العقلانية و التمعن في الأمور و الحيثيات ، و غرس الفكر المنطقي في وعي الشعب حتى لا يركن للمبالغات و للعاطفية و الشعور الأعمى و التعصب و المزاجية ، و بالتالي حتى لا يقع فريسة مرض التيه و الضياع في مهاوي الجهل و التخلف في عصر لا يرحم هؤلاء و غيرهم و لا يؤمن إلا بالمنطق و الذكاء و العلم و الحكمة و التحليل الموضوعي و الديناميكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المهاجرين في تونس.. بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإن


.. استمرار الاحتجاجات في جامعات أميركية عدة رغم اعتقال المئات م




.. آلاف النازحين يناشدون العالم للتدخل قبل اجتياح إسرائيل مدينة


.. رفح الفلسطينية.. جيش الاحتلال يدعو النازحين إلى إخلائها مرة




.. تعرف على صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية وآليات إصدار مذكرا