الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخلاق لم تأتي من غار حراء!

محمد موجاني

2019 / 9 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أنا إنسان مسلم إذن أنا إنسان خلوق !
هذا ما يعتقده الكثير من الأناس المسلمين اليوم، وفي المقابل يعتبرون كل إنسان متحرر من الموروث الديني ولو نسبيا ، أو من لا يدين بأي دين بإنسان عديم الأخلاق وقليل الإحترام . فوحده المسلم، في نظرهم ، هو الذي يعرف الصواب من غيره ، ووحده المسلم ذو النية الصافية و الضمير النزيه و الخلق الحسن، ووحده المسلم هو الذي يملك تربية تحترم وترفع من قيمة الإنسانية في كل زمان ومكان .
لكن دعونا نفحص هذا الإدعاء :
بدون أدنى شك ، أن المنظومة الأخلاقية وحسن التعامل مع الغير والمجتمع لن يكون مصدره أية سماء، ولا قد كان منبعه أي أرض ،بل هو تطور في السلوك الحضاري للإنسان مند وجوده على هذا الكوكب ، وهذه السلوكات عرفت تعديل وترقيع مع مرور الزمان إستجابة لم يفرض السياق الراهن ، ولم تكن نهائيا بقوانين جامدة أو أعراف نهائية بل قد يكون ما هو أخلاقي في زمن معين ليس أخلاقيا في وقتنا الحالي .
حتى ولو كانت الرسالة السماوية قد أتت قصد تصحيح وتكميل المنظومة الأخلاقية لدى الإنسان القريشي في تلك الفترة، وتحضيره وتجريده من كل الأفعال الباشعة التي تحط من كرامة الإنسان آنذاك ، هذا لا يعني انعدام الأخلاق بتاتا لدى العرب ، وذلك مصدقا للحديث المنسوب لرسول الإسلام والمسلمين : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وهذا الحديث أن دل على شيء فإنه يدل على أن العرب قبل الاسلام لديهم أخلاق ، لكن لم تكن أخلاق راقية ، وهكذا عدلها الإسلام في ذلك الوقت .
وهذه المنظومة الأخلاقية تخص البيئة والوسط الذي كان يعيش فيه الرسول . وهذا لا يعني، كذلك، عدم وجود إستثناء ونمو في أخلاق البشر وضمير وتعاملات الإنسان في الحضارات الأخرى بل هنالك من الحضارات من قطع اشواط في التعامل والتعايش وحققت تطور في أنظمتها وقيمها وسلوكها بمعزل عن الإسلام.
كما أن هذا الادعاء غير منطقي بالمرة، بل قد نجد إنسان يدين بدين غير الإسلام أو بدون دين ، يتعامل بلطف وبإنسانية أكثر من الذي يجعل من الإسلام مرجعيته ودستوره المنظم لعلاقاته في المجتمع . بل قد تجد المسلم نفسه قد يلجأ إلى سلوكات غير أخلاقية أكثر من الغير المسلم ، لأن الإنسان العديم المباديء لا يمكنه أن يحترم الآخرين بغض النظر عن تدينه . فتجه على سبيل المثال إنسان متدين قد يملك متجر و يبع بالتقسيط ويحرص على إحترام الميزان لكنه قد يغش في البضاعة.
وكثير هم الائمة والراقين الدين يستغلون هذه التنائية (الاسلام..الاخلاق)ويجدون الفرصة المناسبة ليرد عنهم كل الشكوك ويمارسون مكبوتاتهم ويرتكبون جرائم : من تحرش ، و ابتزاز. واغتصاب الأطفال ، وراء تدين مزيف وخادع.
إن كل من يجعل من الإسلام والأخلاق وجهان لعملة واحدة إنما يريد بنا أن نضرب بعرض الحائط كل التراكمات التي حققتها الأمم المتقدمة وانماظ التعامل التي بلورها أساتذة التنوير في أساليب الفكر والكشف والنظر والمعالجة لإصلاح تصرفات البشر ، وأن نعود في شكل حركة تاريخية معكوسة إلى أساليب القرن السابع الميلادي. التي لا يمكن لها أن تتمشى مع واقع يعج بالتناقضات والمشاكل .
فكما نجد إنسان مسلم يحرص على أن يعامل غيره حسن المعاملة، لأنه يجعل نمو الإنسان في إنسانيتة فوق كل اعتبار ، نجد كذلك ، وفي غالب الأحيان ، تصرفات الانسان المتدين قد تكون أسوأ بكثير لأنه يحس أنه أحسن من الآخرين خلقا وأعظمهم شأنا وذلك بسبب إفراطه في التدين وإعتقاده أنه الأدرى في الأمور الحياتية ، وبإعطاءه الأولوية للعقيدة التي تجعله يحس بجنون العظمة يستحيل أن يعر أي إهتمام للإنسان رغم أن التدين أو عدمه ليس معيار للأخلاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام جاء ليتمم
عبد الحكيم عثمان ( 2019 / 9 / 21 - 13:09 )
الاسلام جاء ليتمم مكارك الاخلاق ولم يبتدعها واكد هذا قول الرسول عليه الصلاة والسلام
انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق
لما بلغ أبا ذر مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر ، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق )

اخر الافلام

.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت


.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق




.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با