الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمال و الحب

رفيف رشيد

2006 / 5 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


" الله جميل يحب الجمال" هذه العبارة معروفة و متداولة كثيرا في الفكر العربي الإسلامي, و توجد الكثير من العبارات المشابهة لمعنى هذه العبارة في ثقافات اخرى, كقول أفلاطون: "إن الإنسان يحس بالآلهة و يتواصل معهاعن طريق الحب" و أيضا هناك عبارة أفلوطين: "إن النفس تحب الجمال لأنه من أصل أو فصيلة تشبهها, لذلك فعند رؤية الجمال فإنها تذهب إليه و تستثير به" و هناك العديد من الأقوال و العبارات التي تتحدث عن نفس المضمون.
و الفكر العربي الإسلامي يزخر هو كذلك بالكثير من النصوص الفلسفية التي تتناول مجال الجمال, أو أحد مجال الفنون. صحيح أن هناك آراء تذهب إلى أن الإسلاميين لم يهتموا بموضوع الجمال و دراسته كما فعل الغربيون, و أنهم اقتصروا فقط على بعض الفنون كالزخرفة و العمارة و الموسيقى و تحليلها و تعريفها. و أن الفكر الإسلامي يحرم الاهتمام بهذه المواضيع, و يتضح ذلك أكثر في بعض الفنون كالرسم و النحت...فبعض الأبنية الإسلامية كالمساجد مثلا لا يوجد فيها هذه الفنون, بل تقتصر على الزخرفة, و نفس الشيء في المقابر. و ذلك على العكس من الغرب أو الديانة المسيحية, التي تحتوي كنائسها و مقابرها على الكثير من الرسوم و الصور و المنحوتات...و الفرق كبير جدا و واضح بين المكانين.
و ربما يرجع ذلك إلى نوع من التحريم أو الرهبة التي تمنع المسلمين من تمثيل أو خلق صور لكائنات يكون أصل وجودها هو الله. فالله هو الخالق و هو المصور و ليس للعبد أن يقلده في هذا.
لكن في المقابل, ليس هناك أي مرجع شرعي يؤكد على تحريم هذه الأنواع من الفنون. بل إن الله كقوة أو كقدرة خارقة ميزت الإنسان بالعقل الذي بواسطته يستطيع التفكير و التمييز بين الخطأ و الصواب, و بين الحلال و الحرام.
و بين "ناصيف نصار" في موضوع له يتحدث عن "الجماليات العربية و الميتافيزيقا" و ذلك في مجلة "الوحدة" العدد بعنوان "الجماليات و الجماليات العربية" حيث يبين أن المواضيع العربية المهتمة بالجمال هي مواضيع عامة, و ليس هناك مواضيع تهتم بأحد الفنون إلا القليل و النادر. و هو يورد بعض المقاطع التي تناولت الجمال و وردت في بعض كتب فلاسفة مسلمين مثل الفارابي و لبن سينا.
فالفارابي يفسر ذلك على مبدأين: الموجود الأول و السبب الأول, "فالموجود الأول هو السبب الأول لوجود سائر الموجودات كلها" و يقول الفارابي "و الجمال و البهاء و الزينة في كل موجود هي أن يتم وجوده الأفضل و يصل كماله الأخير, أما الأول فوجوده أفضل وجود و كماله أفضل كمال, و كذلك بهاءه و زينته."
و يتضح هنا أن جمال و بهاء و زينة الكائن أو الشيء لا تتم إلا باستكمال وجودها الأفضل, إي إلى أن تصل إلى أفضل مستوى تستطيع الوصول إليه.
و بما أن "الله" أو الأول كامل فالبتالي فإن بهاءه و زينته تامين و لا يوجب استكمالهما.
و الكائنات تستمد جمالها بمحاولة تشبهها بالله, و بصفاته و أفعاله, و بما أن ذلك لا يمكن حدوثه و الوصول إليه فإنها لن تلبغ الجمال الأول و الكمال التام.
و من الصفات الإنسانية في محاولة الوصول إلى الجمال هي التعاون و الاجتماع.
و ابن سينا رأيه شبيه برأي الفارابي, فهو أيضا يرى أن الإنسان يستمد صفاته بمحاولة تشبهه بالله.
أما التوحيدي الذي له اهتمامات كثيرة في هذا المجال, إلا أنه لم يخصص كتابا لدراسة الجمال, بل إن لديه بعض الفقرات في بعض الكتب "كالمقابسات" و "الهوامل و الشوامل" و غيرها.
و يرى التوحيدي أن هناك عدة أشكال من الجمال او عدة معاني للجمال, و منها أن الأفعال الجميلة هي الأفعال التي تتسم بالخير و النفع. فإن عمل الشخص في الخير و المنفعة فإنه يوصف بالجمال و صفاته, اما إن عمل في الشر فإنه يوصف بالقبح.
و ذلك كما الآلات فإن تم استعمالها و استغلالها في الأمور الحسنة و الخيرة تعد جميلة, أما إن استعملت في ما لا يرجا منه نفع فتوصف أنها قبيحة.
و نجد هذا الرأي مشابه لرأي سقراط عن الخير, ففي إحدى محاوراته يقول أن الجميل هو ما يحقق الغرض من وجوده, و بالتالي فإن الشيء الجميل في مجال ما قد يكون قبيحا في مجال آخر.
و التوحيدي لا يهتم فقط بالجمال, بل يدعو أيضا إلى العشق كانفصال عن الذات, و الالتحاق بالمعشوق. فالعشق هو إحساس قوي بالجمال, حيث لا يستطيع الإنسان إلا محاولة الوصول إلى مصدر الجمال و المتعة. و التوحيدي شجع على العشق , إذ أنه يساعد على الغواية و تطوير الذكاء و تحسين الملبس و الكرم و المعرفة...
إلا أنه يحذر من وصول العشق إلى درجات من القوة تؤثر على النفس و الروح, فهو في هذه الحالة يغطي المساوئ و يظهر المحاسن و يدعمها إن لم تكن.
حيث يجد الإنسان العاشق نفسه تابعا لمعشوقه, يراه كالملاك و أفضل من في العالم, فيكون العاشق في حالة يمكن نعتها بالمرضية, فهو "يعتقد" أنه لا يعيش إلا لأجل محبوبه, و أن لا معنى للدنيا بدونه..
و أفلاطون أيضا تكلم عن الحب في مجال الجمال, فهو يرى أن الحب ليس جميلا لكنه أكثر الإحساسات رغبة في الجمال, و أيضا هو الرغبة في خلود ما هو فاني. و الذي يمكن أن يتم عن طريق الخلود الفيزيقي أي عن طريق التوالد, حيث يرغب العاشق من أن ينجب من معشوقه كطريقة لخلق شبيه له... أو يمكن للخلود أن يتم عن طريق الأعمال القيمة التي تثبت شخصية صاحبها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناشطون في كورك الأيرلندية ينظمون فعاليات دعما لفلسطين


.. كاميرا الجزيرة توثق استهداف الاحتلال سيارات الإسعاف في حي تل




.. الجيش الإسرائيلي يدمر منزلاً على ساكنيه في مخيم البريج


.. اليمين المتشدد في صعود لافت في بريطانيا قبل انتخابات يوليو ا




.. مرشح الإصلاحيين في إيران يتعهد بحذر بوقف دوريات الأخلاق