الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللعبة الماكرة: تمهيد.

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2019 / 9 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تشكلت عندي، قبل عقود، قناعة كاملة وراسخة، من خلال تأملاتي وملاحظاتي التي كانت تتراكم نتيجة أستنباطها من صميم الواقع منذ زياراتنا الغابرة لنقرة السلمان القابعة في عمق الصحراء الجنوبية وسجون الكوت وبعقوبة. ودهوك المكان الذى إختفى فيه حميد عثمان بعد طرده من الحزب الشيوعي العراقي وقبل إضطراره لتغيير أماكن إختفاءه نحو جبال ووديان كوردستان القريبة من الحدود، بعيون مجردة، بالإضافة الى ما كنت أسمعه من حكايات كانت سبباً في إثارة الكثير من الأسئلة في فكري، حول لعبة ماكرة جرت وتستمر بالجريان على الساحة العراقية.
تشكلت لدىّ قناعة راسخة بان الذي حدث فعلاً وسيحدث مستقبلاً مغاير تماماً عن معظم ما كُتب عنها و سيُكتب، لكي يبقى خوارزم متقن صممه، بطريقة علمية، مستعمرٍ مدعوم بكل عناصر القوة، لمستعمرة مقطعة الأوصال فاعلاً، بسبب ضعف بنيتها المعرفية، الاقتصادية والمعلوماتية، لتسيير الأمور بطريقة تضمن مصالحها حتى بعد المغادرة الظاهرية. ولكنني لم اكن أملك الشجاعة الكافية، ربما لم أنوي التصريح بها علناً، خلال كل هذه السنين، لسببين:
أولاً- عدم إمكان مواجهة تصورات رُسخت في العقول والأذهان لأوهام تحولت الى عقيدة، عند أحزاب أصابها داءٌ مزمن:"النرجسية الجماعية"، نتيجة اللجوء الى الترديد والتكرار حد الاجترار، وحشو أدمغة "دراويشها"بقاموس من الكلمات والمصطلحات ذات دلالات فئوية خشنة ومبهمة في كثير من الأحيان، عدوانية الطابع والمدلول، بجهد فردي، بالاعتماد على السردية والكلمة غير المدعومة بوثائق لا تقبل الشك.
ثانياً-لم أكن أجد الظروف التي تساعدني على المحافظة على استقلاليتي من الناحية السياسية وعدم حشري مع إتجاه ضد أخر، رغماً عني، في حالة إقدامي على إظهار هذه الهواجس للعلن. استطعت أن أحافظ على هذه الاستقلالية نتيجة إلتزامي الدائم بما أوصاني بها حميد عثمان عند سفري من أربيل الى بغداد، للإلتحاق بالدراسة الجامعية عام 1964 في حقلٍ هندسي، مغزاها " لوكنتُ في المرحلة العمرية التي تمر بها وبحوزتي الخبرة والتجربة التي أملكها بعد هذا العمر لأكون: وطنياً مهتما بالسياسة وبالعِلْم و أبْتَعد عن الاحزاب والحزبية لأنك تستطيع بعلمك خدمة وطنك أكثر من أي حزب مهما كان). باستثناء، حالة واحدة، عندما طلب مني في عام 1975، بأن أحمل القلم باليد بدلاً من المفك(إسبانة، باللغة الدارجة)، وأتذكر ماقاله نصاً " إبني القلم سلطانٌ لا سلطانَ عليه” كان سبب عدم تنفيذي، لطلبه هذا، إدراكي بأن توصيته كانت ناتجة لوقوعه تحت تأثير رجّة وجدانية عميقة نتيجة مشاهداته اليومية: لتجميع الألاف من النساء والأطفال والرجال أمام بناية محافظة اربيل لحشرهم في شاحنات مكشوفة(لوريات) لنقلهم إلى مصير مجهول كثمرة من ثمار الإتفاقية التي أبرمت في الجزائر بين نائب الرئيس العراقي، وقتئذ، صدام حسين وشاه إيران محمد رضا بهلوي بمباركة امريكا. لكنه دخل المعركة، وحيدا، ولكن بقلمه الذي كان يُجيد استعماله والاستفادة من خدمات البريد المسجل لإرسال رسائله بدءاً من رئيس الجمهورية الى مدير امن أربيل، رغم تأثير نفقات هذا العدد من الرسائل المسجلة على ميزانية العائلة المحدودة، ليكون العاقبة إيداعه الى سجن أمن أربيل باعتباره مجنونا وإتخاذ الإجراءات اللأزمة لترحيله الى الشماعية…وظهر، لاحقاً من خلال العديد من كتابات رفاق الامس المنتمين لجهات سياسية كانت فعالة، وقتئذ، تحت يافطة "الجبهة القومية التقدمية التي أعلن عنها في تموز 1973" كأنهم "وجدوا العسل في جذع شجرة ميتة" في غابة مهملة، ويبشروا بأن الذي عملوا كل شئ لمحو أثاره وتشويه سمعته" أُصيب بلوثة دماغية " ياللفرح!
وقبل ان أكتب عن "إطلاقات أيار" في الحلقة القادمة، وجدت ضرورة توضيح بأن:
كل ماتَرد في هذه الحلقات نابعة من منبتِ خيالِ شخص لم يكن له دور مباشر او غير مباشر في العمل السياسي، الحزبي او العسكري؛ لشخصٍ قضى جُلّ حياته العملية في الدوائر الخدمية-بين الناس العاديين والعمال أو مع المكائن والأجهزة والمعدات الإنتاجية؛ حياة خالية من ما يفتخر به الكثيرين( ارث نضالي).
"كشكول"قد يكون تَشكيل ناتج لتفاعل عدد من العوامل منها: التأمل والملاحظة المباشرة، القراءة عن الكولونيالية وما بعدها، قراءة متأنية لعدد من الدراسات منها كتاب حنا بطاطو الموسوم "العراق" بإجزاءها الثلاثة، اوكتابات ذات طابع حزبي، أعراض داء "النرجسية الجماعية" غالبة على قسم منها بوضوح، قراءة ماتيسر لمذكرات من كانوا يوماً ما وراء القضبان، في وديان او على سفوح جبال كوردستان وفي صحاري اليمن وحتى الذين كانوا رقماً او بيدقً على لوحة شطرنج .
خيالٌ اغناها الأحاديث الشيقة ل (عزيز صالح يوسف، جدو في خلف السدة- مام عزيز في بيتنا) المواطن الشقلاوي المضحي و المَعْين للتفاؤل الذي رغم قضاء سنوات من حياته وراء أسوار خلف السدة في بغداد، نتيجة وشاية كيدية، من دون ان يُدرج حتى اسمه في سجل السجناء، وحيثيات إطلاق سراحه بعد ان قابله رئيس الوزراء(عبدالرحمن البزاز) للاستفسار عن سبب طلبه لاسقاط الجنسية العراقية عنه وإبعاده الى بلد خالٍ من العرب والمسلمين.
و الاطلاع على معظم ما كتبه حميد عثمان خلال الفترة من تموز 1968- شباط 1970، قبل ان يجف الحبر، نُشر جزءٌ يسير منها على شكل مقالات صحفية في جريدة الثورة البغدادية في حينها، باسم سليم سلطان. وأخيرا و ليس آخراً نُتفاً من تحليلاته لأحداث عاصرها في العلن او وراء الكواليس.
الحلقة القادمة تحت عنوان: اللعبة الماكرة : إطلاقات أيار.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع