الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يُعيد التأريخ نفسه بشكل بائس

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2019 / 9 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


(عندم يضيع النوم بين زلزال إستانبول وإرتفاع درجة الحرارة في رأس رفيق)
عندما كنت أتابع أخبار الزلزال الذي حدث في إستانبول البارحة ساعة بساعة طوال الليل لتواجد شخصين من عائلتنا في المدينة ذاتها، في هذا الأثناء كانت تصلني عن طريق الميسنجر مجموعة من الرسا ئل النصية، بعد منتصف الليل، لم أعر لها إنتباهاً لفترة من الزمن لأن الوسيلة التي كنت أتواصل عن طريقها مع إستانبول كانت (الفايبر). وبعد فترة أردت أن أعرف مصدر إرسال هذه الرسائل النصية وإذا به من صديق أكن له كل إحترام يريد إفهامي، بعد منتصف الليل في المكان الذي أتواجد فيه- أمريكا الشمالية وهو في أوروبا بأنه أجري تحقيقا واكتشف بأن حميد عثمان كان في عام 1974- 1975 في مقر الحزب الثوري الكوردستاني في كركوك بصفة مستشار.....وحميد عثمان كتب في جريدة الثورة باسم سليم سلطان، ظننت، إن بعض الظن إثم ٌ، أن صديقي هذا مهتم بنشر هذه المعلومات العظيمة على الملأ متصوراً بأنه يتخندق ليدافع عن حزبه الذى انتسب اليه عندما كان يافعاً ويحاول أن يستعيد المراسلات التي جرت بين عبدالستار طاهر شريف و حميد عثمان المحفوظة عند فيان عبدالستار ناسيا بأن مثل هذه الأشياء تدخل في خانة الممتلكات الشخصية، إقترحت على هذا الصديق، الذي أحترمه لتفانيه لحزبه، بأن يتصل بكلٍ من كريم أحمد و الدكتور جاسم الحلفي قد يكون لديهم معلومات عن تواجد حميد عثمان في أحد إجتماعات الجبهة القومية التقدمية التي كان الحزب الثوري الى جانب الحزب الشيوعي العراقي والبعث العربي الاشتراكي وأحزاب أخرى. لتسهيل مهمة هذا الصديق الوفي لحزبه وعقيدته أعيد نشر مقال نشرته جريدة الثورة باسم سليم سلطان -حميد عثمان قبل نصف قرن، ومعلومات عن الكتب الموجودة في دار الوثائق العراقية باسم سليم سلطان. أما مذكرات عبدالستار طاهر شريف موجودة في الشبكة العنكبوتية: صراع مع الحياة(مذكرات شهيد القلم عبدالستار طاهر شريف) 1971-1983:
ملتقى ثورتى تموز
(بقلم سليم سلطان)
مرت على العراق الذكرى الحادية عشر لثورة تموزنا الاولى والذكرى الاولى لثورة تموزنا الاخيرة. ان الفرق الزمنى بين ميلاد الثورتين عشرة اعوام وثلاثة ايام، غير ان التشابه بينهما، والصلة بينهما تكاد تزداد عن الفروق بينهما. التشابه يقرب الى الذهن صورة توأمين، او صورة طفل يشبه والده او صورة وليد كبر واصبح فى العمر اليافع. ان ثورتى تموز تقبلان كل هذه الصور، ورغم ذلك فإن هذه المشابهة لا تُخفى الفوارق الواسعة والاوضاع المختلفة للظروف الموضوعية والذاتية للثورتين.
وقبل ان نتحدث عن الفروق واوجه التشابه والصلة بين الثوريين، من المناسب ان نصحح بعض معانى الاصطلاحات السياسية التى تستخدم بصورة معكوسة مضرة، وخاصة المصطلحات المتعلقة بالمعانى المقصودة عند استخدام كلمات: (الانقلاب) و (الثورة) وبالطبع لا يشبه الخطأ فى استخدام تعبير ( الثورة المضادة) مكان (مضاد الثورة)، بل ان الخطأ فى كلمتى ( الانقلاب ) و (الثورة ) هو انه احيانا توضع الكلمتان مكان بعضهما البعض وهذا فيه اقل الاضرار، واحيانا تستخدم كلمة (الانقلاب) كتعبير عن كل حركة رجعية و(الثورة) عن كل حركة انقلابية جيدة وهذا ما فيه الضرر.
لا يمكن تصحيح هذه المعانى فى مقال غير انه من الضرورى، ما دمنا فى طريق تصحيح كل اوضاع المجتمع، ان نعتنى بكلماتنا السياسية بمقدار الاعتناء بمهماتنا فى تغيير الاوضاع، لانه للمسميات قيمة ايديولوجية وسياسية خطيرة فى حياتنا الحالية.
ونظرا لاوضاع الثورة والردة فقد عانت الايديولوجية الثورية معاناة الانسان الثائر فى هذا البلد، حتى كانت تفقد كثيرا من ملامحها، بسبب توافد اعداد ضخمة من القوى النامية الى الحركة الثورية وهى تجهل كثيرا بامور البلد وتعقيدات الثورة0
يقول لينين: الايديولوجى - اى القائد الواعى- لا يستحق اسم الايديولوجى الا متى ما سار امام الحركة العفوية ليدلها على الطريق ومتى استطاع ان يحل قبل غيره جميع القضايا النظرية والسياسية والتاكتيكية والتنظيمية التى تصطدم بها ( عناصر) الحركة ( المادية) بصورة عفوية.
ان هذا التعريف للايدويولوجى عملية ملموسة فى الثورة، فهو ينبه اساسا الى مصدر القلق والتأرجح فى الثورة واسباب انتشار التشويش بين القوى الثورية0 ولاجل ان نقترب من الموضوع اكثر نقتبس عن لنين كلمات اخرى عن صورة اخرى للقيادة الواعية والقيادة غير الواعية.
يقول لينين: ( قال ماركس: كان الفلاسفة لا يفعلون غير ان يفسروا العالم بشتى الطرائق، بينما المقصود تحويل هذا العالم. ان جماعة ( الايسكرا ) الجديدة، فى مستطاعهم ايضا ان يصفوا ويشرحوا بصورة لا بأس بها النضال الذى يجرى امام انظارهم، ولكنهم عاجزون عن صياغة شعار صحيح فى هذا النضال، انهم يسيرون بحمية، ولكنهم يسيئون القيادة، فيحرفون المفهوم المادى عن التأريخ لانهم يتجاهلون الدور الفعال القيادى الموجه الذى يمكن ويجب ان تضطلع به فى التاريخ الاحزاب التى ادركت ظروف الانقلاب المادية وسارت على رأس الطبقات الطليعية)0
حينما يكون الايديولوجى، اى القائد الواعى، مدركا للقضايا التنظيمية ويسير امام الحركة العفوية ليدلها على الطريق، يدرك اول ما يدرك الظاهرات الجديدة وظهور الاحزاب الحديثة التى تلمست ظروف الانقلاب المادية، ولا يتجاهل الدور الفعال القيادى الموجه لمثل هذه الاحزاب ولا يسير بحمية ويحرف المفهوم المادى عن التأريخ ولا يتباهى بمقدرته على اعطاء صورة لا بأس بها عن النضال ولا يخفى عجزه عن صياغة شعار صحيح فى هذا النضال.
ولما كانت الحسابات العلمية تعتمد على دراسة الشروط الموضوعية والذاتية، فان ايجاد تقييم علمى للثورتين والكشف عن الاختلافات والتشابه بين هذه الشروط هى التى تكشف عن مقدرتنا الايدولوجية وعن تجنب المواقف المؤدية الى الاساءة لقيادة الثورة.
تميزت الشروط الموضوعية والذاتية للثورة الاولى بالنضال الوطنى ضد الاستعمار والتبعية والاحلاف والملكية0 وتجمعت لتحقيق هذه الاهداف الوطنية كل القوى الوطنية من قوى العمال والفلاحين الى قوى البورجوازية - عدا البورجوازية المساومة وكبار الملاكين - وتغلبت خواص البورجوازية فى الثورة لان النضال ضد التبعية الاستعمارية وضد الملكية لم يقترن بالاهداف الاجتماعية الجذرية(( الثورة الاجتماعية )) ولهذا السبب ولأسباب اخرى اتصفت القيادة السياسية التموزية الاولى بالقيادة البورجوازية ووجدت اركان البورجوازية الوطنية فرص الحكم فى الوزارة والتأثير على سياسة الدولة بمختلف الصور والسبل فانتقلت الثورة الى سياسة معاداة الحركة الجماهيرية من جهة والى سياسة عزل الثورة العراقية عن اصالتها وجذورها وروابطها العربية من جهة اخرى، واثارت بصورة فجة المشكلة القومية الكردية ولم تكن قادرة على حلها بل عقدتها0 وان الشروط الموضوعية فرضت ان تبرز الشعارات الوطنية المعادية للاستعمار والملكية والشروط الذاتية سمحت لظهور دور البورجوازية فى مكان القيادة السياسية للثورة، لذلك لم تخرج ثورة تموز الاولى عن كونها ثورة ذات طابع برجوازى وطنى فتحققت جمهورية وطنية معادية للاستعمار وتلك كانت حصيلة للثورة التموزية الولى.
ان الشروط المادية التى جاءت ضمن الشروط الموضوعية لثورة تموز الاولى قد اوجدت ملامح جديدة بورجوازية للوضع الاقتصادى واتسمت هذه الملامح بالليبرالية فى شؤون التخطيط الاقتصادى فى الصناعة والزراعة. فمن جهة فقد التخطيط الصناعى الوطنى خواص ومبادئ التنمية ومن جهة اخرى فقد هدف بناء سياسة استثمارية واسعة النطاق، وكذلك فقد هدف ربط الصناعة والزراعة فبّذرت الاموال وصرفت واعطت نتيجتين رئيستين: خلق طبقة طفيلية مالية نشأت فى ميادين الاستيراد والعقارات وتجارة الجملة الداخلية ولم تقدم هذه الطبقة اية انجازات ملموسة او مساهمات واضحة فى الصناعة0 والنتيجية الثانية وجهت اضخم الميزانيات الى مشاريع غير استثمارية. ونشأ من جراء هذه السياسات الاقتصادية الليبرالية طبقة بيروقراطية واسعة لا تتناسب مع حاجات الدولة كما نشأت طبقة طفيلية جديدة فى الوسط التجارى والمالى والعقارات التى لعبت دورا كبيرا فى شؤون البلد السياسية واضفوا على الحكم سيماء طبقتهم.
وقادت هذه الطبقات والمراتب البورجوازية الناشئة سياسة الثورة التموزية الاولى الى معادات حركة الجماهير الشعبية الاولى وتأليب الثورة العراقية على الاحزاب الثورية الثورية ومسح الطابع الديمقراطي ودفع الحكم نحو الدكتاتورية العسكرية.
وعند استعراض سياسة الاحزاب الوطنية فى البلاد فى فترة سيادة الايدولوجية البورجوازية، نجد ان الحزب الشيوعى العراقى دخل التحالف مع السلطة بدون ستراتيجية وتكتيكات شيوعية، او ثورية. ان الحزب الشيوعى كان يسير فى ذيل الحركة العفوية، فى ذيل اجراءات السلطة، مع احتفاظه ببعض المطالبات المبتورة للقيام بالاصلاحات وتركيزه على الجوانب السياسية، وحرية عمله بصورة معزولة عن المطالبة بتغيير الاسس المادية والشروط الموضوعية.
خسر الحزب الشيوعى المعركة الايديولوجية، معركة القيادة الواعية، منذ ثورة 14 تموز. وان الخلط بين دوره فى العهد الملكى وبين دوره فى العهد الجمهورى ومحاولة اعتبار الامجاد النضالية وسيلة لتغطية العجز فى الدور الواعى القيادى، أو اعتبار التضحيات مادة - عاطفية - لستر الاخطاء او محاولة تفسير الانتقادات الجدية العلمية والموضوعية بانها هدف لتصفية الحزب الشيوعى، كما ورد فى - مناضل الحزب - للجنة المركزية، لا تخدم هذه المحاولات الثورية . من المعلوم ان اللينينية تعتمد على الستراتيجية والتكتيك والتصميم فعندما يفقد حزب ما دور القيادة الواعية فى هذه المسائل، يكون هذا الموقع، موقعا تصفويا للحزب الشيوعى. ان الحزب الشيوعى، ليس ب(طاق كسرى ) يزار ويرقم بين اونة واخرى ويأتى الزوار لمشاهدته، انه حزب النضال الثورى وتملى عليه الثورية، الماركسية - اللينينية الخلاقة - نعم الخلاقة التى تعتبر فى عهدنا الحاضر جزءا يؤدى دوره الطليعى الواعى، وعندما يكون عاجزا عن هذا الدور، فاللوم لا يقع على الاخرين الذين يراد الحط من دورهم الطليعى بالسفسطة.
ان حسابا بسيطا، يكشف خروج الحزب الشيوعى العراقى عن السبيل الذى يدعيه0 ماذا كان يعوز الحزب الشيوعى العراقى من القوة والجماهيرية، من اعضاء بارزين فى الطيران والقوات المسلحة وكل المراكز الحساسة فى الدولة، أليس اطمئنان الحزب الشيوعى العراقى من حكمه للبلد قد بلغ الى حد التظاهر بان عبدالكريم قاسم يقاد من قبلهم، واذا حاد عن طريق الحزب الشيوعى فانه يكبل من يديه خلال دقائق، الم يكن الشعب العراقى يرى فى الحزب الشيوعى، الحزب الحاكم، ولكن، هل يتذكر المسؤولون والوارثون للسياسة الذيلية لكل أحداث الزمن، واذا تذكروها، هل يجرأون على قول الحقيقة، لا لن يستطيعوا قول الحقيقة فى وضعهم الحالى.
الى اين كانوا يذهبون بثورة تموز، الرفاق قادة الحزب الشيوعى، الاحياء والاموات؟ ماذا كان برنامجهم السياسى الثورى، ماذا كان تاكتيكهم الثورى، كيف وممن كان يتألف تنظيمهم الثورى. ان الحزب الشيوعى، الذى نشأ كتيار ايدولوجى اخطأ دوره لانه لم يقر حتى الان أن الماركسية- اللينينية هى نظرية هادية تقود الطبقة العاملة والطبقات الثورية الاخرى، لا يستطيع اى حزب ما قيادة الثوره وكل رصيده التضحيات والتظاهر بانه يمثل الماركسية اللينينية. ان الحزب الطليعى يقارن ستراتيجيته بستراتيجية الاحزاب الاخرى و يقنع بان ستراتيجيته ثورية وواقعية تماما0 ان الحزب الطليعى يقارن تكتيكه بتكتيك الاحزاب الاخرى ويعطى الامثلة الواقعية من الحياة والتى برهنت على ان تكتيكه افضل واكثر ملائمة0 ولم نقرأ ( وربما بسبب قلة قراءتنا) ان لينين استشهد بقائمة ضحايا الحزب واكتفى للبرهنة على ان حزب البلاشفة اكثر الاحزاب ثورية، ان لينين كان يعتبر الحزب الشيوعى هو حزب الستراتيجية والتكتيك الثورى وهو كان يقارن برنامج حزبه مع برنامج الاحزاب فيكشف فى المقارنة انتهازية الاحزاب الاخرى وعجزها عن اداء الدور الطليعى، بينما ( شيوعى)نا الافاضل لا يرون فى اللينينية هذا الجانب الاصيل ومن المؤكد انهم لم يدرسوا ولم يقدموا بحثا (عراقيا) بهذا الخصوص، لانهم وجدوا فى المقالات المترجمة مادة سهلة للنشر والتعميم.
الحزب الشيوعى لزم ذيل الحركة العفوية وتحول الى حزب ذيلى للبرجوازية، وهذا سر جميع التخريبات التى استطاعت البورجوازية ان تقوم بها0 قال ( الجادرجى) مرة بالحرف الواحد : ( اننى استغرب من تحالف الحزب الشيوعى مع عبدالكريم قاسم فهو - اى قاسم -اقرب ذهنا ومسلكا الينا نحم حزب البورجوازية حسب ادعاء الحزب الشيوعى، ولكنه يطفر حزب البورجوازية، حزب الوطنى الديمقراطى، ويقيم التحالف مع الحزب الشيوعى). هكذا كان الناس يلمحون الى ذيلية الحزب الشيوعى للديكتاتورية القاسمية0 وان (مناضل الحزب ) التابعة للجنة المركزية يطفر عن هذه التجربة الخطيرة فيوجه الادانة الى الاحزاب الاخرى ويلصق بها تهمة محاربة الشيوعية0 من المعلوم ان حزب البعث العربى الاشتراكى يتحمل مسؤولية الحكم، فان كل مقاومة لسياسة الحكم الحالية تصطدم، اردنا ام نرد بحزب البعث وتكون الضحايا منه قبل احد، وهكذا كان الشأن فى فترة الديكتاتورية القاسمية فان التصاق الحزب الشيوعى بالحكم القاسمى والدفاع عنه حتى النفس الاخير، عرض الحزب الى نار المعارضة لحكم قاسم0 والمثل يقول ان ( من يقف بصف الحداد يتلقى شرارات النار )، فمثلما يتحمل حزب البعث نتائج سياسات الحكم الحالى، تحمل الحزب الشيوعى تبعة حكم قاسم.
استهدف الحزب الشيوعى الاستيلاء على الحكم، ولكنه اراد ان يحققه بطريقة سلمية غوغائية لا صلة لها بالماركسية - اللينينية ابدا اراد بطريقة انتهازية وصولية، طريقة - المطاطية والاستجداء من الدكتاتور، لذلك تحول ( المطلب العظيم ) الى (( ردة عظيمة )) على الحركة الشعبية والى هجوم على مواقع المنظمات الشعبية ورغم ذلك فان قيادة الحزب الشيوعى لم تعتبر ايذانا بتحول الحكم بصورة سافرة الى جانب القوى الرجعية واعتبر صيانة مركز قاسم من واجباته الاساسية.
لم تكن ادبيات الحزب الشيوعى خالية من الانتقادات للحكم، غير ان هذه الانتقادات لم تكن ترفع من المد الثورى ضد التحول نحو الرجعية بل كانت وسيلة لحرف طريق النضال الثورى وتغطية تراجع الحزب الشيوعى عن مواقع النضال الامامية وانها كانت تجرى بعيدا عن المطالبة بازاحة واسقاط الديكتاتورية القاسمية.
ان مثل هذه الانتقادات لسياسة الحزب الشيوعى ليس ما يبرر اثارتها فى الوقت الحاضر لولا ان ( مناضل الحزب ) الذى بدأ يستعرض احداث الماضى بصورة غير موضوعية، اخذ يضع حواجز جديدة فى طريق التحالف الوطنى، ان الحزب الشيوعى العراقى خاض تجربة 1959، ويخوض حزب اخر تجربة عام 1969.
فنجد ان هنالك ملتقى للتجربتين وهذا الملتقى يبدأ من نقطة التحول من الديمقراطية البورجوازية الى الديمقراطية الثورية، تبدأ من التحليلات الذنبية للبورجوازية الى التحليلات الثورية التى لا تهاب ( هروب البورجوازية) ولا تخشى ( الليبرالية) وتؤمن بالعمال والفلاحين كطبقتين رئيسيتين فى الثورة.
اخذت ثورة تموز تعطى النهج العملى للتحول نحو الاشتراكية عبر الديمقراطية الثورية، وتعطى هذه الثورة درسا بليغا للحزب الشيوعى العراقى حول خطأ وعدم امكان التحول نحو الاشتراكية عبر الديمقراطية الليبرالية. لا احد يرغب فى اثارة غضب عدد من القادة الشيوعييين الذين لا يفهمون حتى الان طريق التحول، ولا تساعد نظرتهم البيروقراطية ان يتعلموا من الحياة ومن الثورة، لا مصلحة فى هذا الغضب ولكنهم المسؤولون عنه فانهم يتحدثون عن كل شئ، عدا الثورة شأنهم يتصورون انه بامكانهم ان يسدوا الباب بوجه القوى النامية وهم غير قادرين على فهم طبيعة العصر التى تقود المجتمعات وتريد ان تنهض بعد ركام من الاخطاء والانحرافات والذنبية وراء الحركة العفوية، وتعيد الى الاذهان حوادث الماضى بصورة معكوسة لتستنتج من الاحتمالات حقائق ثابتة، وفى جملة تلك الاحتمالات عدم نجاح اية ثورة ديمقراطية الا تحت قيادة الحزب الشيوعى، وتجاهل المقولات اللينينية الشهيرة حول امكان نجاح مثل هذه الثورات تحت قيادة احزاب ادركت التحولات وتمضى لانجازها. ان الحزب الشيوعى فى البلاد يأخذ معظم مصادر قوته من علاقة الثورة العراقية بمعسكر الشعوب الثورية والاشتراكية، وان مثل هذا المصدر لا يشع فقط للحزب الشيوعى الامداد، بل لكل الاحزاب الثورية الاخرى، مع فارق هام، ان الحزب الثورى الاخر استمد مصادر قوته ودوره من الانجازات الحقيقية فى بلده التى اوصلت ثورة هذا البلد الى مستويات جديدة للقاء بمعسكر الشعوب الثورية والاشتراكية . ولدينا فى العراق من رفع مستوى الثورة العراقية الى مستوى لقاء جديد بمعسكر الشعوب الثورية و الاشتراكية، ومن اتاح الفرصة لتلاحم ثورة العراق بالثورة العالمية ضد الامبريالية الرامية الى خلع مخلفات الماضى بسبل وطرق متنوعة بطرق خلاقة غير خاضعة لكلائش معينة وهم يعلنون تمسكهم بشعار الحزب الشيوعى الهام ( قووا تنظيم حزبكم ، قووا تنظيم الحركة الوطنية) ولكنهم فى سياستهم العملية يعملون على ذبح الحركة الوطنية قربانا لقيادة الحزب الشيوعى.
الحزب الثورى يتعلم من الثورة ومن الجماهير ويعلمها فى نفس الوقت وان الادعاء ب ( اقصى ثورية) يجب ان يقترن بشعار( اقصى ثورية) شعار للنضال والتطبيق، فماهو شعار الحزب الشيوعى الذى يمكن الاخذ به للتأكد على اقصى ثورية.
ان محاولة اظهار مقدرة الحزب الشيوعى الحالية فى حل معضلات البلاد عن طريق الاستخفاف بمقدرة الاخرين والادعاءات لا تغير من الحقائق الملموسة والتغيرات الفعلية التى تجرى عمليا بفعل المقدرة الثورية للحزب الثورى، حزب البعث العربى الاشتراكى.
وكل تمنياتنا ان يستعد كتاب الحزب الشيوعى العراقى الى خوض مناقشات موضوعية هادفة مستندة على الحقائق. ان العبرة ليست بالاسماء، بل بالدور التأريخى الطليعى فعلا.
———————
الكتب المحفوظة في دار الوثائق العراقية باسم سليم سلطان الكاتب الحقيقي حميد عثمان:
1-رقم التسجيل: 548523, رقم المؤلف: س898
العنوان: أراء في مسائل الثورة العراقية مناقشات مع الحزب الشيوعي العراقي
المؤلف: سليم سلطان
مكان النشر والناشر: بغداد: جريدة الثورة
عدد الصفحات 87
2-رقم التسجيل: 125151, رقم المؤلف س745
العنوان: أراء في الجبهة الوطنية والثورة
المؤلف: سليم سلطان
مكان النشر والناشر: بغداد، منشورات الثورة
عدد الصفحات: 64
3-رقم التسجيل 34577, س745
العنوان:أراء ...في سبيل الحل السلمي للقضية الكردية
المؤلف: سليم سلطان
مكان النشر والناشر: بغداد: دار الثورة للنشر والطباعة
عدد الصفحات: 63













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو بنك الأهداف الإيرانية التي قد تستهدفها إسرائيل في ردها


.. السيول تجتاح مطار دبي الدولي




.. قائد القوات البرية الإيرانية: نحن في ذروة الاستعداد وقد فرضن


.. قبل قضية حبيبة الشماع.. تفاصيل تعرض إعلامية مصرية للاختطاف ع




.. -العربية- ترصد شهادات عائلات تحاول التأقلم في ظل النزوح القس