الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل الجماعي في الجزائر..الفريضة الغائبة ..

حمزة بلحاج صالح

2019 / 9 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نحو خطوة عملية لإعادة بعث حضاري للعمل الجماعي و التثقيفي بدل التشرذم و الانقسام في الساحة الجزائرية..

إذا كان العمل الجماعي قد أخفق عبر التجارب المعروفة من أحزاب مغلقة و وصولية و جمعيات بنفس المواصفات ..

لأن النظام كرس الفردانية و اللامبالاة و التوجس من العمل الجماعي و اعتباره و تصويره بشاعة و هيمنة و قيدا في مخيال الناس...

و نشر ثقافة الإستقلال بما يسمى رأيا و هو خلاصة عقل مدمر و مأزوم لا ينتج الرأي بل ينتج التسطيح و التشرذم و الأنانية و الإنهمام بالقضايا اليومية و عالم الأشياء و المادة و التشيء ...

من غير ترك حيز للقاء الناس بعضهم ببعض و الإهتمام و التفكير في الشأن العام و قضايا الأمة و المجتمع و التعاون من أجل المصلحة العامة ...

بدل الإحتباس في عالم الأشياء و الماديات اليومية التي تتداعى من غير توقف...

يساعد على هذا الوضع ما قام به النظام من تدمير رهيب للإنسان و للمجتمع المدني و الهيئات المدنية و الأحزاب و الجمعيات و العمل الفكري و العمل السياسي و تشيء الحياة العامة و اختصار الحراك المجتمعي ( لا اتحدث عن الحراك الشعبي الراهن فالمقال حرر قبله زمنيا ) في مجالات محدودة و تزييفه و توريط اصحابه ...

ضف الى هذا كله الضغط الذي اخضع له الافراد و الأحزاب و الجمعيات و حالة الترويض و التهجين و انتشار الوصولية و الانتهازية و التسلق حتى في الوسط الجامعي الذي يفترض فيه أن يبقى بمنأى عن هذا التحول القيمي المفزع...

أيضا الخيبات التي شهدها المجتمع من جهة المنتخبين و النواب و بعض من كان ينتظر منهم عطاء و منحا للوطن و المجتمع أو قل كان ينتظر منهم منحا و عطاء له شخصيا و من ثمة فقد شارك في صناعة هذه الخيبات و ها هو يدفع ثمنها ..

ساهم في هذا الوضع و طغيانه على مستوى ثقافة الأفراد و العائلة و المجتمع ريوع البترول و البحبوحة المالية من جهة و ايضا اثار العولمة السلبية على المجتمعات المتخلفة و تهاوي نظام التعليم و الجامعة و البحث العلمي..

و منزلة العلم و انتشار وسائل التواصل و دورها في تفكيك روابط التواصل الاجتماعية و عرى المجتمع بما لها من ايجابيات أخرى...

كما انتشرت ظاهرة تسلسل العدوى و انتشارها و عموم بلوى حالة الوهن و اليأس عند الافراد و المتعلمين و المثقفين الراغبين في التغيير لكنهم يرفعون الرايات البيضاء أحيانا قبل محاولة دعوة الناس و النضال في صفوف المجتمع ..

فكل يرمي الاخر بالوهن و الكل في النهاية استسلم لتداعي الوهن عند رافض التغيير و طالبه و اندثرت هكذا تقاليد المثابرة و المصابرة و الإلحاح و الإصرار...

و انتشرت ثقافة التبرير "عليك بأهلك و أولادك " و وجد الكل متدينا و غير متدين نشوته في متع الدنيا و حاجاتها التي لا تنتهي من تربية الأولاد و دراستهم و رعايتهم و التفكير في مستقبلهم و حاجاتهم اليومية ..

إلى التفكير في العقار و السكن و المركب و المصيف و ربما السفر الى الخارج و ايجاد موارد اخرى غير المورد الوظيفي او الاول أو البحث عما هو افضل منه ..

و ألبس المتدين هذه الحالات لبوس الدين و الأخلاق و تأول لها الايات و الاحاديث و الأمثلة الشعبية " إذا تخلطت الأديان حافظ على دينك " ليبرربها عزوفه عن العمل الجماعي و أضاف لها الشطارة و المسلم كيس فطن و التجارة بارك فيها ربي ...

أما فريق من الحزب المحل فانقسم الى ثلاثة اقسام فريق تورط مع السلطة فنال الوظائف و العطاء منها و فريق بقي نزيها لكنه نقم على المجتمع الذي يقدر انه خانه و عليه لا يجب الثقة فيه ثانية بعد تلك التضحيات الكبار ...

و فريق تراه يبحث عن سبيل للمشاركة و تحصيل قسمة من الكعكة على شاكلة الأحزاب الإسلامية التي تلون في كل مرة مواقفها بلون الدين من فقه و مصلحة و كم هو النص مطاط و فضفضاض لمن لا يخاف الله و يقبل بالنيابة و هو لا يقدم للأمة شيئا ملموسا

واضحا يغير من حالها...

أما العلماني فهو ايضا يجد من التبريرات الكثيرة على رأسها أن " الدين شأن فردي " لا سياسي و لا عمل جماعي ....

نجح النظام الحاكم في جعل العمل الجماعي سلوكا اجتماعيا و حضاريا و تثقيفيا و سياسيا غريبا و لا معنى له و مثيرا للتوجس و سوء النية و الرغبة في الإستغلال و التوظيف و ممن ساعدوا على نشر هذه المعاني أيضا تيار السلفية المدخلية..

انتشر تدين قشري درويشي لا هو بالعرفاني و لا هو بالحركي و لا هو بالقائم على معرفة راسخة بقيم و مقاصد الدين يتمثل في الإكثار من الأدعية و النوافل و الصيام و الدعاء في كل لحظة من اليوم..

و منشورات توزع بين اهل الافتراضي ترسخ التواكل و خوارق العادات و المعجزات و تسهيل الامور من غير سعي ...الخ تخلو من المعرفة و العلم و العقل ..

و انكفأ اساتذة الشريعة على بحوثهم الغارقة في التراث يوهمون الناس انه لا بد من تعليم الناس الدين و بناء المجتمع دينيا و ترك الحديث عن السياسة و لو ان منهم من لا علاقة لهم بالسلفية المدخلية غير انهم لا يختلفون عنهم في الغايات ....

امتص النظام الحاكم ظاهرة التدين عبر بعض الزوايا و السلفية المدخلية و أحزاب مروضة تساهم معه في قسمة الكعكة و الكوطات و جمعيات لها سقف من الحرية تمتص غضب الناس و احزاب اسلامية لم يحن دورها بعد في نيل مستحقاتها....

هكذا ضاعت قيمة العمل الجماعي و اندثرت...

لا يعد هذا قدرا محتوما بل ان الخلاص منه يبدأ من الذين اقتنعوا بوجوب التغيير أن يبدأوا بأنفسهم أولا و يحاربوا الوهن الذي يشدهم الى الأرض و يتخلصوا من ذهنية التبرير و اليأس و القول دون العمل التي تسكنهم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي