الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المسؤول عن تخلفنا.. الراعي ام الذئب؟!

سليم مطر

2019 / 9 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لو طالعنا الكم الهائل من الكتابات والخطابات عن هذه المسألة العويصة جدا جدا، التي تستولي على عقولنا ونفوسنا منذ اكثر من قرن وحتى الآن، سندرك انها عموما تنقسم الى اتجاهين متناقضين تماما:

اولا، أنصــارالسبــب الداخلــي: الذين يؤكدون فقط على العامل الداخلي، اي مسؤوليتنا نحن كشعوب واحزاب وحكومات. وهم ينقسمون بدورهم الى تيارين متعارضين تماما، رغم تشابهما بالتحجر والتعصب:
ـ الاسلاميون بمختلف الوانهم الحزبية والطائفية، والذي يُكفرون الحكومات والاحزاب(المارقة)، بل هم يدينون حتى الشعوب فيحللون ذبح الناس، لانهم شيعة، او سّنة(بالنسبة للشيعة)، ولانهم كفرة ومنحرفين عن طريق السلف الصالح، أو أهل البيت!
ـ أدعياء اليسارية والعلمانية والتقدمية، الذين اعتبروا كل مصائبنا منذ آدم وحواء ولحد الآن، بسبب الاسلام والمسلمين. وان داعش والارهاب يمثلون هذا الدين!! بل يبلغ بهم الحقد انهم يتخلون عن كل شعاراتهم الحضارية والديمقراطية والانسانية، فيشهرون عنصريتهم التي يخجل منها اعتى العنصريين الاوربيين، ويصرخون بوحشية ضد ((العرب: الغزاة البدو الهمج قاطعي الرؤوس..الخ..)) ويبررون اهانة وشتم كل ما هو (عربي) ماضيا وحاضرا ومستقبلا. رغم ان اغلبيتهم الساحقة "عرب"، ولكن خبلهم المازوشي ضد ابناء جلدتهم يضعهم مع مخبولي القوميات الاخرى المعادين للعرب!؟

ثانيا، انصــار السبــب الخارجــي: الذي يؤكد فقط على (المؤامرة الخارجية)، اي مسؤولية القوى الاجنبية وبالذات الدول الغربية، اوربا وامريكا. وهذا الخطاب عموما يسود بين قيادات الانظمة الحاكمة والاحزاب المناصرة لها. لنتذكر مثال انظمة (صدام والقذافي والاسد، وغيرها) التي عاشت وتعيش على تبرير كل الحروب والكوارث والمذابح الداخلية بأسم (مكافحة المؤامرة الامبريالية). ولازالت مثلا، (عائلة البرزاني) تغطي فسادها وتخريبها للاقليم الكردي العراقي، باسم الحماية من(الخطر العربي والشعوب المحيطة)!

تعصــب وخطــورة الاتجاهيـــن!

لنأخذ مثالا بسيطا ومعروفا لتوضيح هذه الاشكالية الانفصامية الخطيرة والمسؤولة اساسا عن ((تخلفنا)) منذ اكثر من قرن وحتى الآن:

ـ اثناء حكم صدام في العراق والقذافي ليبيا، والحرب الاهلية المستمرة في سوريا، انقسم كل شعب الى إتجاهين:
1ـ إتجاه الحكومة وانصارها، الذين اعتبروا جميع المطالب الشعبية والاصلاحية هي جزء من (المؤامرة الخارجية)، ويتوجب قمعها بكل عنف، ورفض الحوار مع (الخونة والعملاء)!؟
2ـ اتجاه المعارضة، الذي اعتبر كل مصائب الوطن سببها داخلي:(النظام الدكتاتوري)! وهذا يعني القبول التام والعلني بالخيانة والعمالة والتبعية التامة للقوى الخارجية(اقليمية وغربية)، أي لأية دولة تدفع مالا وسلاحا واعلاما.
وكلنا نعرف خلاصة هذين الموقفين المتناقضين والنتيجة الكارثية التي لا زلنا نعيشها: الدمار والخراب التام لكل من العراق وليبيا وسوريا وكذلك اليمن، وطنا وشعبا ودولة!
من المهم جدا التأكيد بان حال (العراق وليبيا وسوريا واليمن)، هو خلاصة مركّزة للوضع المأساوي الذي تعيشه جميع الامم العربية منذ اكثر من قرن وحتى الآن، ولكن بصورة اقل حدة ووضوحا: بسبب انقسامنا الانفصامي بين هذين الاتجاهين المتصارعين الحقودين الاحتقاريين الى حد القمع والموت والقتل: (انصار الداخل) و(انصار الخارج)!

انتباهــات أساسية

ـ من الحماقة رفض فكرة(المؤامرة الخارجية) ونحن نشاهد بأم أعيننا جيوش الغرب تقتحم عدة بلدان عربية وتصرّ بكل وحشية على تحطيمها ومنع نهوضها! بالإضافة الى الضحك على حكامنا لسرقة ثرواتنا.

ـ حسب (الطب البديل)، ان جميع الامراض لها اسباب مشتركة (داخلية) و(خارجية). فحتى (الجرثوم) لا يقتحم الّا جسم الانسان الذي اضعفه الاجهاد وسوء التغذية والمعانات النفسية. نفس الحال بالنسبة للخلايا السرطانية. فلا يكفيك (العلاج الخارجي) الكيمياوي وغيره، بل ايضا (العلاج الداخلي) المتمثل بتغيير نمط الحياة والسلوك والتفكير الذي يسبب المعانات وضعف المناعة.

ـ حتى ما يسمى بـ(الامراض الوراثية ـ الجينية) التي يمكن اعتبارها (سبببا داخليا)، لا تظهر في جميع الاخوة في العائلة الواحدة، بل فقط في الشخص الذي يتعرض لـ (أسباب خارجية)، مثل نوعية العمل والعلاقات والسلوكيات وغيرها، تقوم بتنشيط هذه المورثات المرضية.

ـ أية ظاهرة نقوم بتحليلها، مهما كانت اجتماعية سياسية نفسية صحية، علينا ان ندرس جانبيها:
ـ 1ـ تكوينها الداخلي. 2 ـ الظرف الخارجي المؤثر. / يستحيل معالجة جانب دون معالجة الجانب الثاني.
فلا يمكن التخلص من النظام الدكتاتوري، وتناسي دور القوى الغربية المتربصة. يستحيل التخلص من الفساد والفاسدين(في الداخل) دون فضح وادانة القوى(الخارجية) العالمية التي تستفيد منهم وتحميهم!

ـ نعم ان الراعي هو المسؤول عن تعريض القطيع لفتك الذئاب، ولكن هذا لا يعني ابدا تبرئة الذئاب. بل الاخطر من هذا ان نتعامى عن الدور التاريخي والدائم للذئاب على منع وصول اي راعي وطني مخلص، إذ تعمل ليل نهار على وصول الرعاة الفاسدين والعملاء الذي يبيعون الوطن كله لقطعان الذئاب الغربية التي لا تشبع ابدا.

















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية