الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمهيد لمذكراتي مع التاريخ - على جدار الثورة السورية رقم 232

جريس الهامس

2019 / 9 / 28
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تمهيد لمذكراتي مع التاريخ - على جدار الثورة رقم - 232
درجت إلى المهد في قرية صيدناياالحبيبة قبل أن يشوه إسمها الطاغوت النازي ..عدة مرًات في كل حكايةسمعتها من صدور الجّدات والأمهات ..ومع تاريخ تلك الأوابد , التي تزخر بها تلالها وجبالها , تحكي تاريخ كفاح الآباء والأجداد الطويلة في سبيل حق الحياة والحرية ...وإنتزاع رغيف الخبزمن بين الصخور والتربة الفقيرة .تلك الحكايا التي كانت تروى حولي على مسامع الطفولة . وتتمثل في الصور التي تشكلت في رحلاتي الأولى بين ربوعها متعلقاً بثوب أمي ...
تستعيدها الذاكرة أحياناً عندما تريدالإستراحةعلى صخرة من جبالها السمراء .أو تحت ميسةٍ ظليلة في حارتنا ..أوتحت تينة غضّية من تين - شارحنا يوم كان في شبابنا بأيدٍ أمينة قبل أن تهمله أجيال مجتمع الإستهلاك والقمع والرعب والضياع .. وقبل أن يغتصب تلالها الطاغوت ..ليبني مسلخه البشري أو مقابره الجماعية عليها ..وقبل أن يشوه تراب الدولارالنفطي والجشع ونظام الأستبداد وجه طهارتها , وشهامة ووطنية شبابها وشاباتها ,,وطيبة أهلها ووفاء فلاحيها وفلاحاتها..
ومثلها كانت و أصبحت دمشقنا القديمة..
الأمر الذي يضعني في أحايين كثيرة أمام تساؤل كبير ؟
إذا كانت هي صيدنايا ..وهي دمشق ..التي عشتها؟؟؟ ولم تترك لي خياراً آخر سوى إعادة تشكيلها بطريقتي كقلعة للأمان ,, تحمي الأحرار, وتحمي روحي , ولاتعرف بديلاً عنها ..فأية جاذبية هذه التي تجعلني في أقاصي العالم أينما كنت ..أتنفس هواءها الذي ما زلت أحتفظ به في رئتيّ.لتضخ دماً في شرايين كل ّ حرف أكتبه وكل فكرة أصوغها ...
والآن بعد أربعين عاماً من التهجير والتغريب وكل هذه السنين العجاف والعذاب الطويل ..وبعد كل ماجرى لسورية الذبيحة ولدمشق الحزينة والمحتلة المغتصبة ومعها وصيدنايا وسائرمدن وقرى سورية المحتلة والأسيرة ..وماجرى لنا ولكل الناس هنا وهناك ..وكلنا يعرف أنها لن تكون غير ضحية من ضحايا الطاغوت والإحتلال الهمجي حتى أصبحت خليطاً من ( النوستاليجيك -
) nostaligique-
أي الحنين إلى الوطن ..أو أغنيةحزينة كالرثاء نقدمها له..مع العودة الشبه مستحيلة مادام نظام القتلة واللصوص باقياً بحماية الإحتلال الخماسي ومتربعاً على رقاب الناس الأبرياء ..بعد تركه ورثة مجرمين محترفين ليتابعوابعده مسيرته على أشلاء الضحايا البريئة والوطن الكسيح .....
.......... قبل أن أن أتعلم الكلام ..عندما كنت أفكر في مخيلة الصور..كانت صيدنايا تأتي إلي لتحضنني في حضن أمي قبل أن أتعلم المشي إليها ..
كنت أرى في وجه أمي الأكثر ميلاً للمحبة والعطاء , وجه الفرح والحياة ..خصوصاً عندما تأخذني معها إلى منزل جدتي (ريمة معمر ) في الحارة التحتا ..التي كانت تخبئ لي الرمان والجوز..أو إلى منزل جدتي ( أنيسة هلالة ) التي كانت تخبئ لي التين والزبيب ...
كانت القرية وبطولات شبابها حاضرة في جميع حكايا السهرات الحلوة والدافئة حول مواقد الشتاء القاسي في القرية الجبلية...وقصص التصدي للغزاة وقطاع الطرق ...وبطولات شبانها وشيّابها في حمايتها والدفاع عن كل شبر من أراضيها الواسعة...وكان من المستحيل بالنسبة لي تصور صيدنايافي ذلك الوقت دون شخصيات الحكاياالطريفة وفروسيتهم وفراستهم في الدفاع عن القرية وأهلها ..في أعتى عهودالإستبداد والعنصرية الطائفية والتهميش المزمن ..تلك الفروسية التي كانت تدغدغ الذاكرة الشعبية ,, وتعتز بترديد أسمائها ..لتعيش حيّةًفي صدور القرويين الشجعان . المتسامرين مع تراقص لهب مواقد الشتاء الطينية في زوايا منازل القرية القديمة التاريخية التي كانت تزدحم بهم ..لذلك سأعود إليهم حتماً في فصول الذاكرة القادمة ..
ذلك بعضُُ من صيدنايا القديمة ..في عهود الحرية النسبية والبراءة والحب , والتعاون التي عرفتهاعن طريق القابلة المأدونة أمي ...قبل أن أتعلم من والدي ومن جارنا طانيوس الكردي وزوجته اللبنانية ( زلفا ) أم إيليا التي كانت تحبني كأولادها ..ومن شقيقتيّ - نعامة ومريم - أومن خالتي كاترين - أم إيليا أيضاًأو من عماتي الفاضلات وقريباتنا الأخريات اللواتي غمرنني بالمحبة ..قبل أن أتعلم مدناً وقرى أخرى مثل صيدنايا وتحمل حكايا بطولات أبنائها ..يتبع..
27 / 9 -- لاهاي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا