الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام السياسي ولعبة الديمقراطية !

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2019 / 9 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإسلام السياسي هو حركة سياسية تؤمن بان الاسلام ليس ديانة فقط وانما نظام سياسي ، اجتماعي واقتصادي يصلح للحكم ، وبمعنى اوضح ان الاسلام هو الحل لكل مشاكل الحياة . يعتبر تنظيم الاخوان المسلمين نموذج مثالي لما يسمى بالاسلام السياسي ، والمعروف عن هذا التنظيم انتهازيته وشهوته للسلطة والقفز على كل الاحتمالات والظروف للوصول اليها ونشر افكاره المنغلقة والرجعية .
اما الديمقراطية فهي مفهوم غربي تبلور بعد ان تم انشاء الدول الحديثة التي نقلت السلطة الى الشعب ، وصاغت مجموعة من القوانين التي نظمت الحياة بكل جوانبها ورسَّخت مفهوم احترام حرية الفكر والعقيدة واحترام الاقليات وتحقيق العدل والمساواة بين ابناء الوطن الواحد ونشر قيم الديمقراطية في الانتخابات والتبادل السلمي للسلطة …
انتقلت هذه الافكار الحداثية الى الوطن العربي في النصف الاول من القرن العشرين عن طريق بعض الموفدين من المثقفين الى الدول الغربية كفرنسا وانكلترا و اميركا وانبهارهم بما شاهدوه من تقدم ورقي ، فارادوا نقل هذه التجربة الى بلدانهم المبتلاة بالفقر والجهل والتخلف ، والغافية على اكتاف الدين المنغلق على الاوهام والخزعبلات والغيبيات وكأنها مسلمات لاجدال فيها . ونجحت التجربة نوعا ما وانتشر ما يسمى بالتدين الشعبي الخالي من التشدد والتطرف ، بل حصل نوع من الانفتاح والتوافق والتوازن في المجتمع ، فترى النوادي والبارات والملاهي والسينمات منتشرة في كل مكان ، ومن ناحية اخرى ترى ايضا الجوامع والكنائس وغيرها من مراكز العبادة دون حصول مشاكل .
وفي منتصف النصف الثاني من القرن العشرين طفت على السطح ما تسمى بالصحوة الاسلامية ، بعد رفض بعض الشخصيات والحركات الاسلامية المتطرفة ما سمتها موجة التغريب ، ودعت الى العودة الى امجاد الماضي وعصر الخلافة والفتوحات . كما صاحب هذه الفترة قفزات في اسعار النفط بسبب الصراع العربي الاسرائيلي وتوظيف هذا الفائظ الضخم في الثروة عند الدول النفطية واهمها السعودية في افتتاح مدارس وجمعيات دينية بالالاف في كل انحاء العالم ممولة من عائدات البترودولار ، وتخرج من هذه المدارس الاف الطلبة المؤدلجين ، ونزع قسم منهم الى التطرف والارهاب ، وبسبب التمويل المستمر والباذخ من دول الخليج الثرية ، أصبحت الأحزاب الإسلامية في الشرق الأوسط هي الأقوى والأكثر تنظيما وتأثيراً ، ونشط الفكر الوهابي مما ادى الى توهب ان صح التعبير بعض المجتمعات العربية وخاصة مصر التي لم تعرف سابقا هذا النموذج من الاسلام وازيائه وطلاته من قبل ! حتى تمكنت بعض هذه الاحزاب من الوصول للسلطة كتنظيم الاخوان في مصر وتونس .
استفاد الاخوان في مصر من ثمرات الديمقراطية الوليدة والتي جاءت بعد مخاض طويل انتهى بسقوط نظام مبارك ، واجراء انتخابات استغلوها الاستغلال الابشع ، وبطرق ملتوية فاز مرشحهم محمد مرسي بالرئاسة بفارق ضئيل على منافسه ، دون ادراك ان الديمقراطية منظومة متكاملة يجب فيها احترام الاقليات واحترام الجميع وضمان حقوقهم والتمسك بقيمها وعدم التحايل والتلاعب بمؤسساتها ، ولكنهم سرعان ما اخرجوا السنتهم الى الكل ! وقاموا باصدار مجموعة من الإجراءات التي اتخذها مرسي إلى الاصطدام مع القضاء والصحافة . ورافق ذلك ، اندفاع بعض الاسلاميين وبغبائهم تصوروا ان الوضع قد استتب نهائياً لهم ففرضوا انفسهم اوصياء ومصلحين على سلوك المصريين ولباسهم . وهاجم بعضهم الفن والفنانين واتهموهم بالابتذال ونشر الفساد والرذيلة ودارت سجالات بين بعض الشيوخ وبعض الفنانين وصل بعضها الى القضاء ، وغالى بعضعم اكثر عندما استيقظ المصريون يوما ليجدوا تمثال ابو الهول وام كلثوم مغطى بالقماش ! وجرى افتتاح عشرات المحطات التلفزيونية الجديدة التي تقدم مجموعة من البرامج الدينية والدعوية يقوم بعضها بتفسير الأحاديث أو الأحلام بشكل متخلف لم تعرفه مصر سابقا ، ولا تزال الكثير من هذه الفضائيات الوهابية تبث سمومها الى اليوم ، الحذر الحذر منها ! وانصهرت التيارات الاسلامية في بوتقة واحدة ، وعبر ممثلوها عن رغبتهم في منع إصدار تراخيص لبيع الخمور أو إقامة حفلات راقصة وكان من أساليبهم شراء هذه المحلات وتحويلها إلى محال تجارية ، وطالبت بعض قواعد الإخوان قياداتها بسرعة تطبيق الشريعة . وردد مرسي العبد المطيع هذه الرغبة في ان برنامجه في الحكم هو الشريعة ثم الشريعة . وارتبك القطاع السياحي بسبب الضغوط التي مارسها اعضاء الاخوان على حركة وتصرفات السياح وهو مصدر مهم من مصادر الدخل في بلد سياحي كمصر ، اذ يبدو انهم كانوا سائرون وعلى عجل في طريق تنفيذ مخططهم الغبي في اسلمة المجتمع المصري وتحويل مصر الى دولة ثيوقراطية عكس ارادة وتطلعات الشعب في اقامة دولة مدنية ديمقراطية ، ولكن اللعبة انكشفت مما ادى الى ازدياد الاستياء الشعبي العام وقيام مظاهرات مليونية ادت اخيرا الى اسقاط نظامهم وارسال قيادات التنظيم الى السجون وهي ضربة قاصمة للتنظيم .
اخيرا يبدو ان الاخوان غيروا هذه الايام جلودهم وتحولوا في مطالبهم الى الديمقراطية ، واخذوا يطالبون في اعلامهم بدولة ديمقراطية ليعيدوا نفس اللعبة ! وكأن الاخرين اغبياء ! وكأنك يا ابو زيد ما غزيت !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن


.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة




.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض