الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام الوكالة الدينيةعند الشيعة

حسين سميسم

2019 / 10 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منافسة الامام

لقد إمتلك نظام الوكالة القوة والمنعة بعد ان امتلك امكانية التمويل والقاعدة الاجتماعية الواسعة ووجود وكلاء في كل الجغرافيا الشيعية ، وتطور وأصبح بعد فترة وجيزة ينافس موقع الإمامة نفسه , لكنه لايستطيع الإستقلال عنه لأن ذلك يفقده الغطاء الروحي . وبسبب صعوبة تحرك الإمام والرقابة المفروضة علية وعدم تمكنه من الوصول الى موقع الوكيل أصبح الإستقلال المالي هو الشائع بين الوكلاء . لقد تم لحاظ هذا الامر منذ امامة جعفر الصادق ، فقد ولد وسكن طيلة حياته في المدينة لكن رواياته واحاديثة انتشرت في الكوفة وبغداد وقم والاهواز ، ولم يرو عنه احد في المدينة ، وقد وجدت الروايات القديمة تبريرا لهذا الامر ، وعللوا ذلك بكثرة زيارة الوكلاء للامام الصادق في المدينة ، ووجد البعض في الوقت الحاضر تبريرات اخرى منها بقاء الامام الصادق في الكوفة اكثر من اربع سنين لتدريس طلابه فيها ، وهو امر لم نجد له وثيقة تاريخة او اخبارا تقوي هذا الاحتمال .
لقد تدخل الوكلاء في افشال امامة عبد الله ابن الامام الصادق ، فنشروا روايات تدل على عدم تبحره فقهيا وعدم معرفته بمقدماته وانحازوا الى الامام موسى الكاظم واثبتوا امامته .
لقد أزالت وفاة الإمام موسى الكاظم في سجن الرشيد عام 183هـ ورقة التوت عن هذا النظام فتعرى وكشف عن حقيقته , وظهرت أهواء الوكلاء في جعل مقام الإمامة هذا تابعا لهذه المؤسسة , فاوقفوا الإمامة على موسى الكاظم وإدعى الوكلاء غيبته وامتلاكهم مفتاح اسرارها ، وسيتحولون الى قائمين مقامه بعد أن حولوه الى روح مجردة يستمدون منها الشرعية ويسخرونها حسب رغباتهم ومتطلباتهم , ولا يوجد حسيب عليهم ولا رقيب . لقد تجرأ احد الوكلاء في رسم صورة الامام الكاظم على جلد ينفخه ويضعه في احدى غرف بيت الوكيل خلف ستارة ، ويظهر للرائي بأن الامام جالس في ذلك البيت ، ويزيح عنه الستارة لحظات لكي يرى زوار الوكيل بأن الامام الكاظم قد اختفى في بيت هذا الوكيل . لقد حاولوا بمختلف الطرق إيهام الناس ببقاء الامام على قيد الحياة ، ( حيث قام محمد بن بشير أحد أقطاب الواقفة برسم صورة تشبه صورة الامام الكاظم في ثياب من حرير وقد طالها بالادوية وعالجها بحيل عملها فيها حتى صارت شبه صورة إنسان ، وكان يطويها فإذا أراد الشعبذة نفخ فيها وأقامها فكان يقول لأصحابه : إن أبا الحسن عندي فإن أحببتم أن تروه فهلموا عندي ) (ٱنظر رجال الكشي ص 242 . )
لقد سرق نظام الوكالة روح الإمام المتوفي وسخرها أمام أنظار ذويه , ( لدى الامام الكاظم 37 ولد وبنت ) وأصبح الوكلاء يستلمون الحقوق الشرعية بإسمه , فعارضهم الإمام الرضا أشد المعارضة , وفند فكرة الغيبة بشكل مبكر قائلا ( سبحان الله مات رسول ولم يمت موسى بن جعفر ؟ بلى والله لقد مات وقسمت أمواله ونكحت جواريه....... انهم كفار بما انزل الله عز وجل على محمد (ص) , ولو كان الله يمد في أجل أحد من بني آدم لحاجة الخلق اليه لمد الله في أجل رسول الله )(الكشي معرفة الرجال ص 379) .
وأكد الإمام الرضا على حاجة الناس الى ( إمام حي يعرف )( لكنهم غيروا الصيغة في المصادر المتأخرة الى ( إمام حتى يعرف) امام حي وليس إمام غائب لايلعب اي دور في حياة الناس , وبالرغم من الحجج القوية التي قدمها الإمام الرضا ظل هؤلاء (حوالي64 وكيلا ) متشبثين بمواقفهم التي تدور حسبما برهن عليه الشيخ المفيد والطوسي حول المركز المالي , فبدأت الجهود لتشكيل مركز جديد للوكالة يستمد قوته من وجود الإمام الرضا , ويعتمد على نفس وكلاء الإمام الكاظم من المنسحبين من فكرة الوقف ومن الذين لم يؤمنوا بها أصلا , وقام الإمام الرضا في فترة وجوده في قمة السلطة بترشيح وكلاء جدد بعد أن توسعت رقعة التشيع الى مناطق جديدة , وسيطر الشيعة على ولايتي اليمن والكوفة , وصعدت عوائل شيعية الى الوزارات والى إدارات بعض النواحي , فظهرت نسبة لابأس بها من الأغنياء من أصحاب العقارات الذين أوقفوا بعض أملاكهم للأئمة , فتوسعت وظيفة نظام الوكالة وإحتاج الأئمة الى موظفين لإدارة الأوقاف , وبعد وفاة الإمام الرضا إنفردت مؤسسة الوكالة في تقرير كل شئ , فقامت بترشيح وحماية الإمام الجواد الذي لم يبلغ حينها سبع سنين ، وأدارت مؤسسة الإمامة عوضا عنه, وأجبرت الشيعة على قبول تنصيب إمام لم يبلغ سن الرشد بعد , وتكرر هذا الشئ بعد وفاة الإمام الجواد , وظهر انه كلما قل دور الإمام إزداد تاثير مؤسسة الوكالة , ففي تلك الفترة بالذات تكاملت بنيتها وتقوى تنظيمها المتناسب مع تلك الظروف , فتلونت بألوان الواقع , وإستطاعت أن تجد الطريقة المثلى لقيادة الشيعة بإسم الإمام ( الصغير العمر) , وبإسم الإمام المحتجز في معسكر سامراء تحت رقابة المتوكل , فرشحت أفضل ممثليها لقيادة تنظيم الوكالة بسرية تامة تليق بجو سامراء السياسي في ذلك الوقت , وأصبح أكبر وكلاء الأئمة يعمل في محل لبيع السمن , ومن محل السمن هذا أصبح يدير مؤسسة كبرى تجاوز ريعها مئات الملايين من الدولارات بالقدرة الشرائية الحالية .
وبالرغم من كفاءة وقوة التنظيم السرى كانت المؤسسة هذه تشكو من مشكلة أزلية وهي مشكلة تداخل مناطق عمل الوكلاء , وتشكو كذلك من التنافس والحسد بين الوكلاء أنفسهم , فقد حدثت مشكلة بين أقرب وكيلين من وكلاء الإمام الهادي هما علي بن جعفر الهماني البرمكي والوكيل فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني عام 247هـ , وتطورت هذه المشكلة (وإشتد النزاع حتى بلغ حد الشتائم والعداوة الشديدة ( رجال الكشي ص523) .وهال الشيعة أن يروا هذه الدرجة من الضغينة بين إثنين من أقرب أصحاب الإمام الهادي ( رجال الكشي ص527) , وإنحاز الإمام الهادي في هذا الصراع الى جانب وكيله علي بن جعفر الهماني , وطلب من الوكلاء مقاطعة فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني , وقام عثمان بن سعيد العمري بتبليغ وكيل فارس بن حاتم في مناطق وسط ايران وغربها ( علي بن عمر العطار القزويني) - الذي حمل المال من هناك الى فارس بن حاتم في سامراء - بأنه مطرود , وإستلم عثمان الأموال منه , ولعنه الإمام بعبارات قويه طالبا من علي بن عمر القزويني ( الأجتهاد في لعنه وقصده ومعاداته والمبالغة في ذلك بأكثر ما تجد السبيل اليه .. فجد وشد في لعنه وهتكه وقطع أسبابه , وصد اصحابنا عنه وابطال امره وابلغهم ذلك مني واحكه لهم عني ..فويل للعاصي وللجاحد )(غيبة الطوسي ص 214) .
بدأ فارس حملة تشهيرية ضد الإمام نفسه مستغلا حادثة كان فارس أحد شهودها . ( انظر الهداية الكبرى للخصيبي موجود على النت ص 318) , (وتكلم بكلام خبيث وقبيح )( الكشي ص 527) , فإتخذ الإمام قرارا بقتله , فكلف الجنيد الذي تربص به بعيد صلاة المغرب فقتله بساطور لدى خروجه مباشرة من المسجد , ولم تثبت التهمة عليه . وقرر الإمام صرف راتب للجنيد مدى الحياة , فتخلص العمرى من منافس قوي . وتم تصفية نفيس خادم محمد بن على الهادي بسبب نفس الصراعات , وكانت تلك الصراعات ميزة المرحلة التي سبقت وأعقبت وفاة الإمام الحسن العسكري , وتمتلئ الكتب الشيعية القديمة بروايات عديدة تؤكد ذلك , وذكر الطوسي والصدوق قائمة طويلة من السفراء والوكلاء الممدوحين والمذمومين مما يعكس حالة الصراع بينهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah