الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرباب الأقانيم المغلقة للتفلسف ..

حمزة بلحاج صالح

2019 / 10 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان المتنبي يبدع خارج النسق السائد و الراتب منفلتا منه و من قبضته غير منتظم فيه..

كان يلومه الناس و يقولون له ماذا تكتب ..

أنت لا تكتب مثل الناس..

و قد إشتهر في ميميته أظن ببيته الذي يقول فيه حول اللغة و النحو :

أنام ملء جفوني عن شواردها

ويسهر الخلق جراها ويختصم

نعم كان يلقي بنصه القوي المتميز فلسفيا و بلاغيا و شعريا و جماليا و العامر بالنحوت الجديدة التي لم يألفها الناس ...

ثم ينام و يترك الناس ساهرين يختصمون حول نصه ما بين مسفه و متفه و منتقص و لصيق بمنظومة توارثها في قول الشعر و اللغة و المعنى و قليل ممن يفهمه ...

هكذا يفعل اليوم القوم مع كل إبداع يفلت من قبضتهم و متونهم التي تعلموها ...

يقيسونه بمعايير و مقاييس و ضوابط السائد الشائع فتفلت من قبضتهم فيعدونه ساقطا...

و يتحاملون عليه غيظا و حسدا و مرضا و علة مزمنة و جهالة...

همهم إسقاطه و محاصرته و تشويهه ...

و من الأسباب الدافعة نحو تلك المواقف المتشنجة أن النص القوي المنفلت من قبضة النسق و قواعده و منطقه و تعريته رتابة السائد ...

الذي تختبئ من وراءه منازل البعض و مكاسبهم الدنيوية اللاعلمية من شهرة و شعبوية و تعبئة فجة للناس و المريدين..

و قد حققوا به مكانة رمزية و لأنه يسترق الأضواء منهم و يهدد مكاسبهم و عروشهم ..

و عليه وجب عليهم مكافحته و التضامن لتقويضه و تشويهه و تسفيهه بكل الأساليب ....

إن العقل المنتظم عقل لا يبدع و يستكثر على غيره من العقول أن تبدع...

العقل المنتظم يردد المتون ولا يتجازوها...

عقل سجين النمط و رهين النمذجة و القوالب الجاهزة..

لا يفهم التفلسف مثلا إلا استعادة لما شاع ...

إنه يرمي بالبحر كل نص لا يركع و يرفض الإذعان و التسليم...

باسم الفلسفة و قلة الإضمار و الوضوح و اعتماد قوالب المنطق و القياس التي يجب أن تخضع لها المقالة الفلسفية المؤلهة التي تسجنه و المترببة عليه ...

باسم الأصنام التي ترتسم في طريقه و مشيخته في هذه الفن و ذلك العلم ..

باسم هذه الأرباب يتربب علينا البعض محتكرين صك التفلسف و كهنوته مثلا لا حصرا و ...

هكذا حصل لي مع أستاذ في الثانوية من جيجل قرأ نصي حول " الخطاب " ...

و هو سجين يرفض التحرر من أقنومه و يرفض التحرر من أدواته العتيقة التي يكررها و يكرر معها نفسه أربعين سنة..

تراه يرسم الحدود و الخطوط الحمراء و يسقف و يصنم و يقدس و يحدثك عن الأصول و اليقينيات و القطعيات و غيرها من الفرامل إن كان تراثيا ..

و يحدثك عن السائد و ما تواتر في الثقافة الغربية إن كان ممن يزعمون الحداثة ...

دون إفاقة أو قلق أو محاولة تحرر و إبداع ...

إذا راح عنه و ضاع منه رأس الخيط تعذر عليه ان يجد في أنماطه الموروثة عن الشرق و الغرب أدوات ناجعة للحجاج بل تعذر عليه القبض على النص فلسفيا....

أي خرج عن نسق القياس و معايير التقويم و التقييم و التحليل...

فأعدم ما لم يفهمه باتهامه بدل إتهام عقله الذي لم يرقى إلى فهمه متحررا من قبلياته و قيوده و سجونه و موروثه ..

و ظن أنه في سياق قول "ديفيد هيوم" الذي قال " ألقوا بها في البحر"..

صحيح وجب علينا أن نلقي بمن يكررون المتنون و الببغاوات و فهومهم في البحر لفساد عقولهم و عجزهم عن تحقيق الإستقلال الفلسفي و المعرفي و العلمي و الإضافة و الإبداع و لو قليلا... .

الجمود عاهة من لا عاهة له ...

على فكرة كثير من فلسفة هيوم في تقديري كمنفلت من النسق يجب أن نرميها في البحر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي